الديون الحكومية الأمريكية وزيادة الضرائب «2 من 2»
تجادل وزارة الخزانة الأمريكية بأن "منع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من الارتفاع على مدى الـ75 عاما المقبلة يتطلب مزيجا من خفض الإنفاق وزيادة الإيرادات التي ستصل إلى 4.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على مدى هذه المدة الزمنية".
وأرى أن حصة الإنفاق العام في الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة منخفضة للغاية من الناحية الهيكلية، رغم وجود عديد من الأمثلة على الإنفاق العام المهدر. ومن ثم، ينبغي أن تنفذ سياسات التشديد المالي المدفوعة بالاستدامة عن طريق زيادة الضرائب، وليس عن طريق الإنفاق العام المنخفض.
إن حصة الإنفاق العام غير القائم على الفائدة من الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة هي الأدنى في مجموعة الدول السبع. إذ بلغت 39.41 في المائة في 2021، مقارنة بـ43.37 في المائة في كندا "المعدل الوسط"، و57.6 في المائة في فرنسا "أعلى معدل". صحيح أن نسبة الإنفاق إلى الناتج المحلي الإجمالي الأمريكية المنخفضة نسبيا توضح جزئيا معدل إعالة كبار السن المنخفض "25.6 في المائة في 2021، وهو الأدنى في مجموعة السبع، مقارنة بـ28.2 في المائة في كندا، و51 في المائة في اليابان". لكن ذلك نتج أساسا عن التوازن السياسي الطويل الأمد الذي يعارض "الحكومة الكبيرة" ـ بما في ذلك، على ما يبدو، الإنفاق على البنية التحتية اللائقة والدعم المناسب للفقراء والمحتاجين. وقد يكون الهيكل الفيدرالي الأمريكي أيضا عاملا مساهما، بقدر ما يشجع المنافسة الضريبية، بدلا من المنافسة في الإنفاق بين الولايات.
لكن التوازن السياسي قد يتغير أخيرا، على الأقل على المستوى الفيدرالي. إذ انخفضت حصة الإنفاق الفيدرالي الأساس من الناتج المحلي الإجمالي من 28.9 في المائة في 2021 إلى 23.2 في المائة في 2022، وتتوقع وزارة الخزانة أنها ستنخفض إلى 19.9 في المائة هذا العام، قبل أن ترتفع تدريجيا إلى 23.8 في المائة في 2078 "إذا افترضنا أن جميع السياسات بقيت على حالها". وستمثل معظم معدلات النمو في الإنفاق هذه برامج الضمان الاجتماعي، والرعاية الطبية، والمساعدة الطبية. وسيزداد الإنفاق في البرنامجين الأولين مع تقدم عمر الساكنة، لكن نمو الإنفاق على برنامج المساعدة الطبية قد يوضح رغبة أكبر في الانخراط في برامج مكافحة الفقر المكلفة ماليا.
ويتطلب تمويل هذه الزيادة المرغوبة في الإنفاق العام زيادة ضريبية واسعة النطاق. والحل الواضح على ما يبدو هو اقتراح ضريبة القيمة المضافة الفيدرالية، ومع ذلك قد تكون هناك معوقات دستورية أمام هذا الخيار "وهو أمر مثير للاستغراب، نظرا لأن الولايات المتحدة لديها ضريبة دخل فيدرالية، وضريبة على أرباح الشركات الفيدرالية، وضرائب انتقائية فيدرالية على البنزين، الكحول، التبغ، تذاكر الطيران، السلع، والخدمات المتعلقة بالصحة". وتحقق ضريبة القيمة المضافة ما بين 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في الدول النامية ذات الدخل المنخفض، وأكثر من 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في الاقتصادات المتقدمة.
وباستثناء ضريبة القيمة المضافة الفيدرالية، ستكون الزيادة الواسعة النطاق في ضرائب الدخل الشخصي والشركات هي الخيار التالي الأفضل. ويجب أن تغير الولايات المتحدة مسارها لتحقيق القدرة على تحمل الديون العامة، ودفع تكاليف الزيادات الهيكلية في الإنفاق التي ستتطلبها التركيبة السكانية، وتغير المناخ، والعدالة بين الأجيال.
خاص بـ«الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.