فترات التدريب في عصر العمل الهجين

فترات التدريب في عصر العمل الهجين

بعد أن أمضت معظم حياتها الجامعية في المنزل بسبب جائحة كوفيد، كانت مارثا البالغة من العمر 22 عاما تتطلع إلى العمل الصيفي في إحدى أكبر شركات الخدمات المالية في المملكة المتحدة العام الماضي.
لكن التجربة لم تكن كما كانت تأمل.
قالت، "عاش معظم أعضاء الفريق خارج لندن وكانوا يتنقلون في يوم أو يومين من الأسبوع (...) كنت أعيش في شقة صغيرة شديدة الحرارة، لذلك كان العمل من المنزل أحيانا لا يطاق. لكن كانت هناك بعض الأيام عندما كنت العضو الوحيد في فريقي حاضرة في المكتب (...) لقد جعل هذا المكتب مكانا أكثر وحدة".
ينتشر إحباطها بشكل متزايد بين الشباب الطموحين الذين يأملون في أن يوفر التدريب أو التوظيف في بنك كبير، أو شركة محاماة أو شركة محاسبة تذكرة ذهبية لمهنة مربحة في حي المال.
منذ جائحة كوفيد، أدى التحول إلى العمل عن بعد إلى قلب الحياة المكتبية رأسا على عقب، ومعها تجربة التدريب الصيفي الشخصية حيث يتنافس المتدربون لإثارة إعجاب أصحاب العمل، وتقوم الشركات بتقييم المواهب الناشئة.
في مواجهة مكان العمل الهجين الجديد، اضطر المديرون والمدربون إلى التكيف لمساعدة المتدربين على التكيف والنجاح.
المخططات لا تزال معروضة
رغم تخفيضات الوظائف والانكماش الاقتصادي، لا يبدو أن الشركات قد كبحت خطط التدريب. لقد تعلمت دروسا من الجائحة، عندما عطلت إلغاءات الخطط بنية المواهب لديها.
في 2022، عاد عدد دورات التدريب والوظائف الصيفية إلى ما يزيد على مستويات ما قبل الجائحة، وفقا لمعهد إنستيتوت أوف ستيوتند إمبلويرز، والذي وجد في دراسة استقصائية شملت 168 صاحب عمل كبير أن التوظيف ارتفع 7 في المائة مقارنة بـ2019. بالنسبة إلى هذا الصيف، قالت الشركات إنها وظفت عدد المتدربين نفسه أو أكثر من العام الماضي.
تعد شركات الخدمات المهنية بي دبليو سي وكيه بي إم جي والبنوك الكبرى مثل إتش إس بي سي من بين تلك التي تقدم مئات أماكن التدريب لكل منها، والتي تراوح بين بضعة أسابيع وعدة أشهر. أكثر المخططات المرغوبة، في الشركات متعددة الجنسيات رفيعة المستوى مثل بنك جولدمان ساكس، لديها معدل قبول يزيد قليلا على 1 من كل 100، وبمجرد أن يكون المتدربون في المبنى، تكون المخاطر عالية بالقدر نفسه.
قال متدرب سابق في بنك أوف أمريكا، "من أجل المضي قدما، عليك أن تفوق التوقعات".
التكيف مع العمل الهجين
قالت عدة شركات في مجالات المحاسبة، والعمل المصرفي والقانون إن المتدربين لديهم مصممون على العمل في المكتب قدر الإمكان، بصرف النظر عن سياسات العمل الهجين التي تسمح بالعمل من المنزل.
فقد قالت لويز فيتزجيرالد-لومبارد، رئيسة قسم الموارد البشرية للأسواق العالمية في بنك بي إن بي باريبا، "المتدربون حريصون جدا على الوجود في المكتب، ليكون لديهم أكبر قدر ممكن من القرب من القيادة العليا والانخراط في العمل المناسب".
قالت شركة بي دبليو سي إن المتدربين يأتون إلى المكتب في المتوسط أربعة أيام في الأسبوع، أي أكثر من الموظفين الآخرين، رغم السماح لهم بالعمل من المنزل مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع.
وتشجع الشركات الأخرى الموظفين الأصغر سنا على العمل شخصيا أو تطلب منهم ذلك على وجه التحديد. في مكتب المحاماة لينكليترز، يقضي المتدربون يوما واحدا فقط في المنزل في الأسبوع، مقارنة بيومين بالنسبة إلى الموظفين الآخرين.
قال مارك دروري، شريك في شركة لينكليترز، "يحدث كثير من التعلم عند القيام بالعمل الفعلي، من خلال مشاهدة كبار المحامين. وهذا أسهل كثيرا على المرء أن يفعله عندما يكون في الغرفة معهم".
إن وجود موظفين شباب لديهم مفيد لأصحاب العمل أيضا. حيث قال جيمس ماريوت، رئيس أسواق المال الدولية للديون في بنك ويلز فارجو، إن التدريب الداخلي منح المديرين "فرصة عظيمة" لتقييم الموظفين المحتملين. "أفضل شكل من أشكال المقابلات هو العمل مع شخص ما".
الحياة الاجتماعية للقوى العاملة
مع ذلك، في عصر العمل الهجين ومع وجود كثير من الزملاء في المنزل، أصبح بناء الروابط وجها لوجه أكثر صعوبة.
قالت إليزا فيلبي، مؤرخة تقدم الاستشارات للشركات بشأن الاختلافات بين الأجيال، "إنها مشكلة. إن أبناء جيل الألفية، الذين يديرون المجموعات الأصغر سنا بشكل مباشر، يعيشون بعيدا، ولديهم أطفال صغار وهم الأقل رغبة في الوجود في المكتب".
قال توماس هاربور (27 عاما) إن الافتقار إلى الحياة الاجتماعية أثناء فترة تدريبه إبان الجائحة "قتل" اهتمامه بالاستشارة. قال، "إنك لا تشارك في أي من حديث المكتب، وحديث الغداء وطريقة تكوين الصداقات، وبهذا يمكن أن تبدأ بالشعور بالوحدة الشديدة".
يدرك أصحاب العمل أنهم بحاجة إلى معالجة هذه الشواغل لجذب الموظفين والاحتفاظ بهم.
لدى شركة لينكليترز وبنك إتش إس بي سي أنظمة "رفاق التدريب" التي تجمع بين المتدربين والموجهين، بينما طورت شركة المحاماة أوفري أند ألين إرشادات حول كيف يمكن للمشرفين أن يدعموا المتدربين في العمل الهجين.
قالت فيلبي إن كثيرا من الشركات كانت تعين موظفين شبابا لمقابلة العملاء في وقت أبكر من المعتاد، لإشراكهم في "المواقف عالية المخاطر" وجعل الوظائف تبدو جديرة بالاهتمام.
تقوم الشركات أيضا بإضفاء الهيكلية على الأنشطة الاجتماعية. قامت شركة كيه بي إم جي بتمديد فترة تدريب الشباب على العمل إلى خمسة أيام وقدمت مناسبات اجتماعية جديدة، التي قالت إنها أثبت نجاحها وساعدت على معالجة "مشاعر القلق".
انعدام الثقة
إن فئة المتدربين لـ2023 في وضع غير مؤات بالفعل. إذ يدخل معظم مجموعة هذا العام إلى مكان العمل من تجربة جامعية أو مدرسية مضطربة، عندما تم تعليق الفصول، والأنشطة والتواصل الاجتماعي أو نقلها عبر الإنترنت بسبب عمليات الإغلاق.
قالت عدة شركات إن المتدربين واجهوا صعوبات تتعلق بالثقة بالنفس والتواصل. قالت فيلبي، "يفتقر الموظفون الجدد إلى المهارات البشرية الأساسية، سواء كانت التحدث أمام الجمهور، أو حل النزاعات، أو التواصل البصري، أو آداب استخدام الهاتف".
عندما بدأت كاترينا مايجوروفا (23 عاما) التدرب في شركة كيه بي إم جي لمراجعة الحسابات العام الماضي، كانت قد حصلت على معظم درجاتها الجامعية في المحاسبة من المنزل، وكانت قد حضرت آخر جلسة رسمية شخصية في المدرسة الثانوية.
قالت مايجوروفا، "لقد كنت متوترة للغاية". بعد أعوام من الفصول الدراسية الافتراضية في الغالب، وجدت صعوبة في إجراء محادثات صغيرة مع العملاء. قالت، "في عالم التفاعل الشخصي، لا تعرف عن ماذا تتحدث أو ما الموضوعات المناسبة. إنها مهارة جديدة".
تعد شركة بي دبليو سي من بين كثير من الشركات التي تقوم بتجربة برامج التدريب لمعالجة فجوات المهارات لدى الموظفين الجدد. ومع ذلك، قالت فيتزجيرالد-لومبارد من بنك بي إن بي إن مخاوف المتدربين قد تكون في غير محلها، وعلى الرغم من توتر الشباب، فإنها في الأغلب ما "تنذهل" بسبب قدرتهم على إدارة غرفة. قالت، "إنها مسألة ثقة بالنفس".
تجارب جديدة
لا يزال المتدربون وأصحاب العمل يرون جوانب مشرقة في مكان العمل الهجين.
قالت شركات مثل بنك إتش إس بي سي إن عمليات التدريب الافتراضية الجديدة، والخبرات القصيرة المقدمة عبر الإنترنت لعدد كبير من الطلاب أو الخريجين، قد حسنت التنوع عبر توفير طريقة يسهل الوصول إليها في الشركة.
يمكن أن يؤدي الاتصال عبر الإنترنت أيضا إلى زيادة التفاعلات، ما يتيح للموظفين المستجدين الشباب مزيدا من الوقت يقضونه وجها لوجه مع كبار القادة أو الزملاء في الخارج.
قال هاربور، وهو الآن محام في كليري جوتليب ستين أند هاملتون، وهي شركة أمريكية في بروكسل، "يسمح بعدد أكبر من الأشخاص على المكالمات والاجتماعات على منصة زووم مما كان يسمح به في السابق في غرفة فعلية. لم يكونوا ليأخذوا في السابق كثيرا من الموظفين الصغار لمقابلة عميل".
بالنسبة إلى بعض الموظفين المستجدين الشباب أيضا، يظل التدريب وسيلة لتقييم ما تقدمه أماكن العمل المحتملة، بما في ذلك الدعم الوجاهي المباشر، والعلاقات مع الزملاء وفرصة لجذب الانتباه. عندما تفشل الشركات، فإنها تخاطر بفقدان الموظفين الموهوبين.
بعد صيف في مكاتب نصف فارغة في فترة تدريبها في مجال الخدمات المالية، رفضت مارثا البالغة من العمر 22 عاما في النهاية وظيفة دائمة. حكمت أن التجربة "لم تكن محفزة للغاية (...) لم تكن كما توقعتها".

الأكثر قراءة