رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


التحول الرقمي في صناعة الخدمات اللوجستية «2 من 2»

تقوم الاستراتيجية الرقمية بصورة عامة على خمسة عناصر أساسية، وهي: البيانات والعملاء والابتكار والمنافسة والقيم. ونستطيع الإبحار في كل عنصر، حيث يأخذ شكلا مهما في التحول الرقمي في صناعة الخدمات اللوجستية. فالبيانات اللوجستية تتضمن المهلة الزمنية ووقت التسليم الطويل ومخزون الأوامر الاقتصادية وكمية الطلبات وتكرارها ونافذة الإلغاء وفترة الطلب والقدرة الإنتاجية وغيرها. وتعد البيانات اللوجستية مصدرا مهما لتقييم جميع مؤشرات الأداء الرئيسة، وكذلك الجوانب اللوجستية التجارية. بينما تعد خدمة العملاء اللوجستية جزءا من اسراتيجية العملاء الشاملة للشركة وتتضمن عناصر خدمة العملاء الخاصة بالعمليات اللوجستية بما في ذلك الوفاء والسرعة والجودة والتكلفة. ويتحول المفهوم بالكامل لكي يدخل مجال تجارب العملاء اللوجستي، بحيث يتضمن حصول العملاء على المنتجات والخدمات عندما يكونون في حاجة إليها. ويشير الابتكار اللوجستي إلى تجديد كل من التقنيات والخدمات والأفكار التي تستخدم لتحسين العمليات اللوجستية. على سبيل المثال، حصلت شركة أمازون على براءة اختراع لمنطاد ذاتي القيادة يطلق طائرات التوصيل الخاصة بالشركة دون طيار. وعلى الرغم من عدم وجودها حتى الآن، إلا أنها تمثل إحدى الطرق العديدة التي تتطور بها الصناعة. وبالفعل قد يستحق الأمر إنشاء مركز للابتكار في الخدمات اللوجستية تحت إدارة وزارة النقل والخدمات اللوجستية. من جانب آخر، فقد اعترف بصناعة الخدمات اللوجستية على أنها مصدر للميزة التنافسية في الممارسات العملية والأوساط الأكاديمية. ويكمن التأثير المحتمل في الحصول على رؤية أعمق لدور الخدمات اللوجستية في استراتيجية الشركات، حيث تبحث شركات الخدمات اللوجستية دائما عن ميزة تنافسية تميزها عن الآخرين الذين يقدمون منتجا أو خدمة مماثلة. ويتم اكتساب الميزة التنافسية من خلال تقديم خدمات للعملاء ذات قيمة أكبر أو أسعار أقل أو مزايا أفضل. أما القيم اللوجستية، فهناك أربعة عناصر رئيسة تتمحور حول العميل بالطبع، وهي: الجودة والخدمة والتكلفة والوقت. وتتعلق الجودة بالأداء الجيد والمواصفات الفنية للمنتج المعروض والتي تغطي متطلبات العملاء. وتشمل الخدمة جميع الخدمات أو الدعم التي يتم تسليمها للعميل بعد الشراء، ويتضمن ذلك المرونة لتلبية طلبات العملاء أو تغييرات السوق أيضا. وتشمل التكلفة جميع المعاملات التي يدفعها العميل وتعتمد على تكاليف اللوجستيات بما في ذلك التصميم والإنتاج وضمان الجودة والتوزيع والمخزون والتكاليف التشغيلية الأخرى. بينما يؤخذ الوقت كعامل مهم في إيجاد قيم مهمة مثل تسليم المنتج للعميل أو الاستجابة لمتطلباته.
إن أفضل طريقة للتحضير والإعداد للتحول الرقمي في صناعة الخدمات اللوجستية هي تبني أحدث التقنيات، سواء أكانت كوادر روبوتية أم تتبعا متقدما للطرود أم شاحنات ذاتية القيادة. وحيث من الضروري أن تكون الشركات اللوجستية جاهزة للتغييرات المقبلة إلا أن الانتقال من عملية إلى أخرى يمثل بلا شك تحديا لجميع المعنيين، لكن التحديات تصبح أكثر وضوحا مع استمرار الشركات في التطور لمواكبة التغيرات المستجدة في المجتمع الحديث. ومع اختلاف التحديات من شركة إلى أخرى، فلا يجب أن يكون التحول الرقمي تحديا بذاته، لأنه يحتاج إلى تخطيط سليم ومنظم مدعوم من الإدارة العليا وفكر ثقافي عال لتقبل مراحل التغيير وتبعاته، لكي يتم تنفيذ الاستراتيجية الرقمية بسلاسة ومرونة. من جانب آخر، قد تكون الخدمات اللوجستية صناعة أكثر تعقيدا على الرغم من وجود عديد من أنظمة تخفيف المخاطر. على سبيل المثال، تعتمد بعض جوانب الخدمات اللوجستية بشكل كبير على سائقي الشاحنات الذين يقودون شاحناتهم ساعات عديدة عبر مسافات طويلة كل يوم، وقد يقومون أحيانا بتجاوز الأنظمة حتى يتمكنوا من الوفاء والالتزام بالمواعيد النهائية المحددة. ولا غرو أن التحول الرقمي في مجال الخدمات اللوجستية سيساعد على تخفيف بعض الضغوط الواقعة على الصناعة بسبب النمو المتسارع في التجارة الإلكترونية. ومن المتوقع أن تشهد الصناعة تدفقا للشاحنات ذاتية القيادة حيث قد يستبدل سائقو الشاحنات بتقنيات القيادة الذاتية بمجرد إتقان التقنية بصورة فاعلة التي ستكون أكثر أمنا وسلامة لأن البشر عرضة للأخطاء وخرق الأنظمة، لكن قد يرى البعض أن في صناعة الخدمات اللوجستية الرقمية تقليصا في توظيف الأيدي العاملة، وبالتالي توفيرا في التكاليف المادية.
إن من الأهمية بمكان أن تعمل شركات الخدمات اللوجستية بشكل استباقي لابتكار وتبني وتطبيق التقنيات الرقمية الذكية من أجل المنافسة والبقاء في السوق وتقديم قيم متجددة للعملاء. ويجب أن تكون شركات الخدمات اللوجستية سريعة في ابتكار وتطوير الحلول الرقمية لمواكبة الأرباح وتعظيمها. لقد أصبح التحول الرقمي والتقنيات الجديدة أدوات لا يمكن الاستغناء عنها والعمل من دونها للتحول الضروري في سلاسل التوريد. وتعد التقنيات الجديدة أكثر ضرورة وإلحاحا لتعزيز القدرات وتحسين الأداء وتحقيق الجودة مع ضمان مرونة وكفاءة سلاسل التوريد، ويتجه الآن عديد من الشركات اللوجستية العالمية نحو تطبيق الحلول المبتكرة القادرة على تسخير الإمكانات التي توفرها التقنيات الرقمية الحديثة. وحان الوقت أن تقوم شركاتنا الوطنية العاملة في صناعة الخدمات اللوجستية بدراسة كل الحلول الممكنة لدخول المملكة عصر الصناعة اللوجستية الرقمية والنمو والتوسع معه وفقا لإمكانات وخصائص كل شركة، لأنه ضرورة وليس خيارا إذا أردنا أن نكون قادرين على البقاء والمنافسة في سوق الخدمات اللوجستية العالمية بإمكانات وقدرات أكثر أمانا وموثوقية وفاعلية. وهذا ما نطمح أن تقوم به وزارة النقل والخدمات اللوجستية في تمكين التحول الرقمي في صناعة الخدمات اللوجستية ودفع شركات الخدمات اللوجستية المحلية نحو تبني استراتيجية رقمية ترتكز على أسس متينة وأهداف واضحة، وتذليل الصعوبات التي قد تواجهها. وقد تقوم الوزارة بالتعاون مع بعض الجهات المتخصصة الأخرى بدور الإرشاد والتوعية وإقامة ورش العمل المختلفة في مجال التحول الرقمي في صناعة الخدمات اللوجستية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي