رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


تكاليف التشتت الجغرافي ـ الاقتصادي «2 من 3»

باختصار، عادة ما تكون زيادة الحواجز التجارية محنة مزدوجة للأسر. فهي لا تؤدي إلى ارتفاع الأسعار فحسب، وإنما عادة ما تتسبب في انخفاض الدخل الذي تحصل عليه الأسر.
إذن، ما التكاليف المحتملة للتشتت الجغرافي ـ الاقتصادي عن طريق التجارة؟ في تقرير صدر أخيرا، ندرس هذا السؤال بمزيد من التفاصيل.
إضافة إلى هذا، فإننا نستكشف سيناريوهات توضيحية مختلفة باستخدام نموذج كمي متعدد الدول للتجارة الدولية يتيح لنا محاكاة تأثير التغيرات التي تطرأ على الحواجز التجارية على الأسعار وتدفقات التجارة والدخل. بالنظر إلى أهمية السلع الأساسية في التجارة العالمية والقيود التي فرضت في الآونة الأخيرة، ومع الأخذ في الحسبان أنها تنتج في مجموعة صغيرة نسبيا من الدول، فإننا ننشئ مجموعة بيانات تتيح تغطية أكثر تفصيلا إلى حد كبير للتجارة والإنتاج فيها كمدخلات في النموذج.
وتشمل مجموعة البيانات هذه 24 قطاعا بشكل إجمالي، و136 سلعة أولية بشكل تفصيلي على مستوى 145 بلدا، تمثل 99 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي. وتترك مجموعات بيانات أخرى السلع الأولية مجمعة، مع التعامل مع المنتجات التي تختلف اختلاف الذهب عن الغاز الطبيعي كبدائل كاملة. ويتيح لنا المنهج الذي نتبعه رصد إمكانية إيجاد بدائل غير كاملة لسلع أولية مختلفة، إلى جانب أن إنتاج سلع أولية معينة في الأغلب ما يتركز في عدد قليل من الدول. ويزيد كل من هذين العنصرين تكلفة فرض حواجز تجارية.
من الجدير بالملاحظة أن عملنا يركز على خسائر الناتج بسبب التشتت الجغرافي ـ الاقتصادي عن طريق التجارة. ومن المحتمل أن يكون مجموع خسائر التشتت حتى أكبر من هذا.
أولا، نحن ننظر في سيناريو يقتصر فيه تشتت التجارة على إلغاء جميع أشكال التجارة بين روسيا من جانب والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جانب آخر، وأيضا إلغاء التجارة في القطاعات عالية التكنولوجيا بين الصين من جهة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى. هذا السيناريو يشبه توسيع نطاق العقوبات الحالية على روسيا لتشمل جميع مناحي التجارة في السلع والخدمات، والتوسع إلى ما هو أبعد من التركيز الحالي على الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات إلى جميع السلع عالية التكنولوجيا.
ومن شأن هذا الانفصال الاستراتيجي أن يؤدي إلى خسائر في إجمالي الناتج المحلي الدائم تبلغ 0،3 في المائة عالميا، وهو ما يعادل تقريبا الناتج السنوي للنرويج. ويخفي هذا التأثير السلبي العالمي بعض عدم التجانس. في الواقع، ما دامت بقية دول العالم تواصل المعاملات التجارية بحرية مع روسيا والصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فإن بعض الدول قد تحقق حتى مكاسب بسيطة. فمصدرو السلع الأولية، على سبيل المثال، الذين يمكنهم في نهاية المطاف إيجاد بديل عن روسيا بوصفها موردا رئيسا، سيكون باستطاعتهم تحقيق دخل أعلى. وستستفيد بعض الدول الآسيوية إذا نقلت سلاسل إمداد أشباه الموصلات إلى خارج الصين.
ثانيا، لننظر في سيناريو أكثر حدة، أي تشتت جغرافي ـ اقتصادي تضطر فيه جميع الدول إلى الاختيار بين تكتلي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أو الصين وروسيا، في ظل عدم وجود تبادل تجاري بين هذين التكتلين. في هذا السيناريو التوضيحي، تنضم الدول في مجموعات على أساس حجم تجارتها مع الولايات المتحدة أو الصين. في هذه الحالة، ستكون خسائر الناتج هائلة، إذ ستبلغ 2.3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي، أي ما يعادل حجم الاقتصاد الفرنسي... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي