ضريبة الشركات العالمية ومزيد من العمل «2 من 2»

الواقع أن هذه المبادرات المطروحة مفهومة لدى الجميع. فبموجب القواعد الحالية، تستطيع الشركات متعددة الجنسيات التهرب بسهولة من دفع نصيبها العادل من الضرائب عن طريق تسجيل دخلها في مناطق قضائية منخفضة الضرائب. نتيجة لهذا، أصبحت الحكومات محرومة من الإيرادات الضريبية "بما قيمته 240 مليار دولار سنويا"، ويتعين على الشركات المحلية أن تتنافس في بيئة غير متكافئة ضد شركات متعددة الجنسيات تدفع ضرائب أقل مما تدفعه، كما يضطر العاملون الذين يجدون صعوبة في نقل دخولهم فضلا عن سهولة مراجعتها والتدقيق فيها، إلى دفع ضرائب أعلى حيث تحاول الدول التعويض عن الإيرادات المفقودة.
كان الهدف من اتفاقية 2021 وضع حد كل هذا. لكن بحلول وقت اختتام المفاوضات، كانت الاتفاقية قد خضعت بالفعل لعملية تخفيف إلى الحد الذي أصبحت معه لا توفر إلا أقل القليل من الإيرادات الإضافية للدول النامية.
على سبيل المثال، كان المفترض أن تفرض ضريبة الحد الأدنى مع مجموعة من القواعد المتشابكة لتحديد أي الدول لها الحق في فرض ضريبة على أرباح الشركات متعددة الجنسيات غير الخاضعة للضريبة. لكن في الممارسة العملية، يضمن ترتيب هذه القواعد تحصيل أغلب الإيرادات إما من قبل الدول الأصلية "معظمها اقتصادات متقدمة كبرى"، أو عن طريق الملاذات الضريبة مثل أيرلندا، وسويسرا، وسنغافورة، التي اكتفت برفع معدلاتها الضريبية التي كانت شديدة الانخفاض إلى 15 في المائة.
قد يبدو أن الانتقال من عالم حيث لا توجد ضريبة حد أدنى إلى عالم آخر حيث الحد الأدنى 15 في المائة خطوة إلى الأمام. لكن كان هناك دوما سبب وجيه لأن يساورنا القلق من أن يصبح مثل هذا الحد الأدنى المنخفض المعيار الجديد ـ وأن الإصلاح المصمم لرفع المستوى قد تنتهي به الحال إلى خفضه. ولأن الدول النامية تعتمد بشكل أكبر نسبيا على العائدات من ضرائب الشركات، فقد كان من المتوقع أن تكون الدول النامية الخاسر الأكبر.
على سبيل المثال، لا تطبق القاعدة التي توجه إعادة تخصيص الحقوق الضريبية إلا على عدد ضئيل من الشركات متعددة الجنسيات، وعلى أقل من ربع أرباحها، في حين يظل القسم الأعظم من الأرباح خاضعا لنظام سعر التحويل الحالي. لكن الأساس المنطقي الذي يستند إليه هذا التقسيم يظل مبهما، خاصة أن أرباح الشركات المسجلة في كل المناطق القضائية تقريبا يتضمن بالفعل خصومات لتكلفة رأس المال والفائدة. هذه أرباح صافية تنشأ من عمليات مشتركة ضمن الأنشطة العالمية التي تزاولها الشركات متعددة الجنسيات.
وعلى هذا فإن اتفاقية 2021 لا تسيء فهم اقتصادات ضرائب أرباح الشركات فحسب، بل تعمل أيضا على تعزيز أشكال الظلم العالمية من خلال توفير أقل القليل من العائدات للدول النامية في وقت تواجه عاصفة كاملة من أزمات الطاقة والغذاء والديون. ويشير إقدام الدول على الأخذ بزمام الأمور بأيديها إلى هشاشة الإجماع الحالي والحاجة إلى مزيد من الإصلاحات.
الحق أن الدول الغنية لها تاريخ في عرقلة جهود الدول النامية الرامية إلى الاضطلاع بدور نشط في تشكيل القواعد الدولية. ولا يكفي ببساطة إعطاء الممثلين من الجنوب العالمي مقعدا على الطاولة. الأمر المهم حقا هو أن ينصت المفاوضون الآخرون إليهم ويستجيبوا لمخاوفهم حقا. ينبغي لقادة العالم أن ينتبهوا إلى مطالب الدول النامية ويوافقوا على إطلاق جولة جديدة أكثر شمولا من المفاوضات لتسليم إصلاح ضريبي عالمي أكثر إنصافا واستدامة.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي