رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


الحج .. نظرة أخرى

تدفق ضيوف الرحمن إلى المملكة لأداء فريضة الحج وقد غمرتهم مشاعر البهجة والروحانية لقدومهم إلى أطهر بقاع الأرض قاطبة إيذانا وتهيئة لأداء الركن الأعظم. ولقد أضحت المشاعر المقدسة في الحج: منى وعرفات ومزدلفة، مقصد ومطلب ملايين المسلمين، وما فتئ المسلمون يفدون إلى المشاعر المقدسة رغبة وطمعا في نيل مغفرة رب العباد ورضوانه. لقد أوضحت الهيئة العامة للإحصاء أن إجمالي عدد الحجاج من داخل المملكة وخارجها بلغ 926،062 حاجا في العام الماضي، وقد شكل موسم الحج الماضي تحديا ولكن تم اجتيازه بنجاح بفضل الله رغم تداعيات جائحة كورونا. وبلغ إجمالي عدد الحجاج هذا العام 2023 نحو 1.84 مليون حاج حيث تهدف وزارة الحج والعمرة إلى العودة بأعداد الحج كما كان مسجلا قبل جائحة كورونا. وبعد موسمين استثنائيين "2020 و2021" في ظل جائحة كورونا اقتصر فيهما أداء مناسك الحج على أعداد رمزية، سمحت المملكة في 2022 ورفعت العدد "926،062 حاجا" لأداء المناسك من داخلها وخارجها في ظل ضوابط صحية مشددة.
ويظل التحدي في إدارة الحشود في مناطق ذات مساحات محدودة وهي منى، وعرفة، ومزدلفة. حيث تقدر مساحة مشعر عرفات بـ10.4 كيلومتر مربع، بينما تقدر مساحة مشعر منى بـ20 كيلومترا مربعا، وأخيرا تقدر مساحة مزدلفة بأكثر من 13 كيلومترا مربعا. ولو قسمنا مجموع أعداد الحجاج والقائمين على الحج وموظفي الجهات المعنية على المساحة لكل مشعر، أو بما يعرف بالكثافة السكانية، سنجد أن النسبة عالية مقارنة بمدن ذات كثافة سكانية عالية في العالم. على سبيل المثال، تعد مدينة مانيلا في الفلبين أعلى كثافة سكانية في العالم حيث يقرب عدد سكانها من 1.85 مليون نسمة في مساحة 43 كيلومترا مربعا، ومع ذلك فإن الكثافة السكانية لها أقل من أي نسبة في مشاعر الحج، وهذا يمثل تحديا كبيرا في إدارة الحشود بالحج أخذا في الحسبان اختلاف ثقافات الحجاج فضلا عن إدارة الحشود خلال نفرة الحجيج "أو الكثافة السكانية المتحركة العالية". ومع التوقع في زيادة أعداد الحجاج لهذا العام 2023، فستتزايد النسبة المتوقعة ولكن تظل قدرات المملكة حجر الزاوية والقوة العظيمة في إدارة الحشود وإنجاح شعيرة الحج لهذا العام بمشيئة الله.
من جانب آخر، سجلت الأحمال الكهربائية أيام الحج الماضي في مشعر عرفات 327 ميجاواط، وفي منى 247 ميجاواط، وفي مكة المكرمة 3711 ميجاواط، وفي المسجد الحرام 71 ميجاواط. وبالطبع فإن التكييف وحده يعد أحد الأحمال الأساسية التي تستحوذ على النصيب الأكبر من حجم الاستهلاك ولكن لم يسجل خلال أيام الحج الماضي أي انقطاعات في المشاعر المقدسة، ويعزى السبب إلى إتقان القدرة الفائقة على تنفيذ مبدأ تحليل الطوارئ الكهربائي بحيث تأخذ عناصر الشبكة الكهربائية مثل محطات التوليد والمحولات ومحطات التوزيع احتياطاتها واستعداداتها الكاملة ليكون احتمال حدوث الأعطال والانقطاعات أقرب إلى الصفر، وهذه خدمة تقدم للحجاج ضمن خدمات كثيرة بمستوى عال من الموثوقية والكفاءة في الأداء. ومع زيادة أعداد الحجيج لهذا العام ودرجات الحرارة، فمن المتوقع ارتفاع الأحمال الكهربائية في المشاعر المقدسة عما كانت عليه سابقا، وإن كان هذا يرسم تحديا لكنه ليس بجديد على المملكة حيث تغلبت على تحديات سابقة في سبيل إنجاح مواسم الحج. ومما قيل سابقا، فهي تحديات تدار بكل حكمة واقتدار في كل موسم حج وفي مجالات الأمن والمياه والرعاية الصحية والاتصالات وغيرها، وسيفرض نجاح موسم الحج نفسه لأن المملكة تمتلك القدرات والمؤهلات النوعية بحكم الخبرات المتراكمة في التعامل مع جميع المعطيات والظروف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي