طريق مسدود بين الأغنياء والفقراء يهدد كوكب الأرض
بعد عقود ركزت فيها حكومات العالم النامي على جذب رأس المال الخاص لتمويل الاستثمار، ينبغي الآن للمؤسسات الرسمية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين أن تصل إلى أقصى إمكانياتها. تتطلب مكافحة تغير المناخ إنفاقا هائلا على التخفيف من حدته والتحول التكنولوجي، لكن أسعار الفائدة المرتفعة في السوق تعوق قدرة الاقتراض للحكومات ذات التصنيف المنخفض وتدفع كثيرين إلى التخلف عن السداد.
نظر مؤتمر باريس في خيارات تمديد التمويل بشروط ميسرة، بما في ذلك مقترحات من "مبادرة بريدجتاون" بقيادة ميا موتلي، رئيسة وزراء باربادوس. تتضمن الخطط توجيه 100 مليار دولار في شكل حقوق سحب خاصة، وهو أصل احتياطي أنشأه صندوق النقد الدولي، إلى الأسواق الناشئة، وتقديم ضمانات لمخاطر العملات للاستثمارات الخضراء. لكن التوصل إلى توافق في الآراء يعني أن المؤسسات المعنية، صندوق النقد الدولي وبنوك التنمية متعددة الأطراف، خاصة البنك الدولي، ستتغلب على التحديات التي تواجه أهميتها ومشروعيتها.
إن كثيرا من نظام التمويل العالمي الذي يؤثر في حكومات البلدان النامية – بدءا من إقراض البنية التحتية إلى حل أزمات الديون السيادية – كان يتم توجيهه تقليديا من مجموعة السبع والبلدان الغنية الأخرى ويدعمه الدولار الأمريكي، ما تسبب في الإحباط بين البلدان النامية. لكن محاولات الأسواق الناشئة لإنشاء أطر عمل بديلة واجهت أيضا مشكلات.
كافح بنك التنمية الجديد، الذي أسسته بكين مع بلدان "بريكس" وهي البرازيل وروسيا والهند وجنوب إفريقيا في 2014 بقيادة الرئيسة البرازيلية السابقة ديلما روسيف، منذ الحرب الأوكرانية بسبب علاقته بروسيا. وتحت ضغط عقوبات البلدان الغنية، علق البنك الإقراض لموسكو ويحتاج إلى الدولارات لتغطية التزاماته.
أخبر المدير العام لمكتب التقييم المستقل التابع له "فاينانشيال تايمز" أخيرا في مقابلة أن البنك "يكافح من أجل حشد الموارد" ويفحص العملات والأدوات البديلة. كما أنه سيضم بلدانا جديدة في عضويته. لكن رغم بعض النشاط المحدود في الرنمينبي، فإن الادعاء الأخير لرئيس البرازيل لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بأن البنك سيتحدى هيمنة الدولار يصعب تصديقه.
في الأسبوع ما قبل الماضي، عانى بنك تمويل تنموي آخر تقوده الصين، وهو البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، الذي يضم أكثر من 100 مساهم بما في ذلك حكومات العالم الغني، تحديا لشرعيته. استقال مديره العام الكندي للاتصالات واشتكى من أن المؤسسة تخضع بشكل مفرط لنفوذ الحزب الشيوعي الصيني، ما دفع الحكومة الكندية إلى مراجعة عضويتها فيها.
فيما يتعلق بمسألة الديون السيادية، تسببت الصين في إحباط شديد بين الدائنين من البلدان الغنية بسبب تعطيل محادثات إعادة الهيكلة للبلدان النامية المتعثرة. حاولت بكين الإصرار على أنها إذا تكبدت خسائر في قروضها – الديون المرتبطة بالبنية التحتية إلى حد كبير – فستتكبد مؤسسات التنمية مثل البنك الدولي الخسائر أيضا. وفي نيسان (أبريل)، بدا أن محافظ البنك المركزي الصيني يخفف موقف بلده وقال إن البلد سيشارك في جهود إعادة الهيكلة الجماعية التي تنظمها مجموعة العشرين الأكبر، مع أنه من غير الواضح ما التنازلات التي ستقدمها بكين من الناحية العملية.
النتيجة المنطقية هي أن القوى الكبرى ذات الدخل المتوسط ستمنح دورا أكبر في المؤسسات متعددة الأطراف القائمة. لكن حتى الآن، لم تكن الغيرة من الامتيازات الحالية التي يتمتع بها العالم الغني فقط – الولايات المتحدة تعين رئيس البنك الدولي وأوروبا تعين رئيس صندوق النقد الدولي – ما يمنع حدوث تحول. عادة تتجنب الصين، على وجه الخصوص، نوع الدور القيادي الذي قد يهدد صورتها باعتبارها بلدا ناميا.
عندما تمت آخر مرة مراجعة لـ"حصص" الحكومات المساهمة في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي – التي تعكس على نطاق واسع الثقل الاقتصادي وتحدد أوزان التصويت في المجالس التنفيذية – قال المسؤولون المعنيون إن الصين جادلت بشكل خاص من أجل نتيجة تجعل نصيبها من التصويت أقل من الولايات المتحدة واليابان. وتتم حاليا مراجعة الحصص مرة أخرى، مع دعم الولايات المتحدة للتحول نحو بلدان الأسواق الناشئة، وهذه المرة ينبغي أن تتحمل الصين مزيدا من المسؤولية.
تتمسك الصين أيضا بمكانتها بصفتها بلدا ناميا (حددته بنفسها) في منظمة التجارة العالمية، ما يمنحها امتيازات "معاملة خاصة وتفضيلية" مثل ترتيبات تدريجية لتحرير اقتصادها، رغم الضغوط المتزايدة من الولايات المتحدة لتركها. وفي 2021، أصبحت الأهمية المهيمنة للرمزية واضحة عندما عرضت بكين التخلي عن الفوائد الكبيرة مقابل الاحتفاظ بالتصنيف.
يقول أفيناش بيرسود، الذي يقدم المشورة لحكومة باربادوس بشأن مبادرة بريدجتاون، إن البلدان الغنية التي تزيد من قوة المؤسسات متعددة الأطراف يمكن أن تساعد على استعادة مصداقيتها ومصداقية النظام بين الأسواق الناشئة. "نحتاج أن نقول لمجموعة دول السبع: إنكم تديرون هذا النظام لكنه معطل. إنه أفضل طريقة يمكنكم فيها الاستفادة من أموالكم. لكن إذا لم تسهموا بشكل أكبر، فستجرفه أشياء أخرى".
هذه حجة قوية. لكن الأمر لا يقتصر فقط على إحجام البلدان الغنية المحتمل عن دفع الأموال، بل عدم الثقة بالمؤسسات متعددة الأطراف بين القوى متوسطة الدخل. في الوقت نفسه، أدت الانقسامات الجيوسياسية حول أوكرانيا إلى جعل العلاقات في أوساط بعض البلدان المتقدمة والنامية أكثر صعوبة. تستحق أجندة الإصلاح النجاح، لكن فيها شكوك كثيرة راسخة يجب التغلب عليها.