رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


شيخوخة السكان القنبلة السكانية الحقيقية «3 من 3»

وحول الحديث عن الاستثمار في الشيخوخة الصحية، فمن الطبيعي أن تركز الاستثمارات في البنية التحتية على إنشاء أماكن صحية مراعية للمسنين. ويمكن أن يركز البناء السكني والتجاري على المباني جيدة التهوية التي تعتمد على الوقود النظيف للتخفيف من الآثار الضارة لتلوث الهواء في الأماكن المغلقة في الصحة الجسدية والإدراكية. وهناك هدف ملائم وذو أولوية قصوى للتخطيط الحضري يتمثل في التنمية القائمة على نظم النقل الجماعي التي تعمل بالكهرباء وتيسير الوصول لكبار السن محدودي الحركة.
وينبغي أن تركز مبادرات الاستثمار في رأس المال البشري على الحفاظ على نصيب الفرد من النمو الاقتصادي رغم انخفاض نسبة السكان في سن العمل. وفي الوضع المثالي، لا يهدف تعزيز برامج التدريب والمهارات، إلى زيادة إنتاجية أولئك الموجودين بالفعل في القوى العاملة فحسب، بل أيضا إلى تشجيع مشاركة الفئات غير الممثلة بالقدر الكافي في القوى العاملة، مثل الأمهات وكبار السن. ومن المستحسن أيضا الاستثمار في التعليم الأساسي والثانوي الذي يدعم تدريس المهارات الأساسية، والتركيز، حيثما أمكن، على رعاية المبتكرين من شريحة عريضة من المجتمع.
ومن شأن إصلاح المؤسسات والسياسات أن يؤدي إلى زيادة إمكانية الحصول على إمدادات وخدمات تنظيم الأسرة عالية الجودة، وإتاحة مزيد من الخيارات المتعلقة بسن التقاعد، وتحفيز الادخار الفردي لوقت التقاعد، وتشجيع القطاعات الاقتصادية التي توفر فرصا للعاملين الأكبر سنا، وتطوير وتقوية نظم الرعاية طويلة الأجل، وتعزيز الوقاية من الأمراض والاكتشاف المبكر لها. وينبغي تخفيف القيود عن الهجرة حتى يتمكن الناس من الذهاب إلى البلدان التي تكون فيها الوظائف عملية للغاية، وتصحيح عدم التوافق بين الوظائف والسكان في سن العمل. وإفريقيا، على سبيل المثال، لديها فائض من الشباب الذين يبحثون عن وظائف، بينما أوروبا، ذات السكان الأكبر سنا، لديها عدد كبير من الوظائف التي تبحث عن عاملين.
وبقدر استمرار عيش أكثر من 96 في المائة من سكان العالم في البلدان التي ولدوا فيها، يبدو أن هناك مجالا كبيرا للهجرة الدولية للتخفيف من الضغوط الديموغرافية. ويمكن أن تؤدي زيادة الهجرة أيضا إلى زيادة تحويلات العمالة الوافدة لدعم التنمية الاقتصادية في بلدانهم الأصلية، ولا سيما إذا انخفضت تكلفة التحويلات الدولية. وتشير تقديرات تقرير صدر أخيرا عن البنك الدولي إلى أن خفض رسوم التحويلات بنسبة 2 في المائة سيؤدي إلى توفير 12 مليار دولار سنويا للمهاجرين من البلدان في الشريحة الدنيا من فئة الدخل المتوسط Ratha and others 2022. ومع ذلك، فإن تحرير سياسات الهجرة الدولية يمكن أن يؤدي إلى تضخيم أثر "هجرة العقول"، حيث تسعى العمالة الماهرة إلى الحصول على أجور أعلى في بلدان أخرى.
وتحمل الابتكارات التكنولوجية إمكانات مثيرة لمعالجة تحديات شيخوخة السكان. فالتقدم المحرز في مجالات التكنولوجيا الصحية "تطوير لقاحات آمنة وفعالة ومجسات المتابعة الصحية التي يمكن ارتداؤها"، والأجهزة المساعدة "الروبوتات"، وتكنولوجيا المعلومات "السجلات الطبية الإلكترونية القابلة للتشغيل البيني وزيادة وتحسين البيانات على مستوى السكان لفهم تجربة الشيخوخة ووضع السياسات اللازمة لتحسينها" قد بدأ بالفعل في المساهمة في جهود الشيخوخة الصحية. ويعد التحفيز على زيادة تطوير هذه المجالات والتوسع فيها مسارا واعدا لتحقيق المكاسب في المستقبل.
وعلى غرار الجائحة، تمثل شيخوخة السكان -إلى جانب تحدياتها- فرصا للمجتمعات لإعادة التوجيه والتنشيط. والدرس الأوضح هو الحاجة إلى تحسين الاستعداد. وتشمل الدروس الأخرى المستفادة بشق الأنفس من الجائحة: الحاجة إلى تحديد الفجوات في رعاية الفئات الأكثر ضعفا في المجتمعات، ودور التكنولوجيا في ربط من يلازمون منازلهم، وإعادة تقييم التوازن بين العمل والحياة المنزلية الذي قد يؤدي إلى تحقيق منافع صحية طويلة الأجل، وتجديد التركيز على أهمية الصحة النفسية. وبينما يتخلص العالم من قنبلة النمو السكاني ويسعى إلى تقوية نفسه ضد الزيادة الحادة في شيخوخة السكان، تشير هذه الدروس إلى مسار لإعادة تنشيط المنهج العالمي للشيخوخة الصحية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي