شيخوخة السكان القنبلة السكانية الحقيقية «2 من 3»
تنذر هذه التحولات السكانية بمجموعة هائلة من التحديات الصحية والاجتماعية والاقتصادية في العقود المقبلة. وتشير أيضا إلى الاحتمال المستبعد حتى الآن المتمثل في التراجع الحاد في أعداد السكان على نطاق واسع. وستتطلب معالجة كل هذه التحديات إجراء تغيرات كبيرة في السلوكيات ذات الصلة بأسلوب الحياة، والاستثمارات العامة والخاصة، وإصلاح المؤسسات والسياسات، وابتكار التكنولوجيات واعتمادها. وقد تترتب على الإحجام عن التحرك عواقب وخيمة تتمثل في تناقص القوى العاملة التي تجاهد لدعم الأعداد المتزايدة من المتقاعدين، وما يصاحب ذلك من زيادة حادة في معدلات الإصابة بالأمراض المتعلقة بتقدم العمر وتكاليف الرعاية الصحية المرتبطة بها، وتدهور جودة الحياة بين كبار السن بسبب الافتقار إلى الموارد البشرية والمالية والمؤسسية.
وحول التأهب للتغيرات الديموغرافية فعادة ما يكون التغير الديموغرافي تدريجيا أكثر منه جذريا، إذا ما قورن بالتأكيد بالمؤثرات الرئيسة الأخرى في الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية، مثل الجوائح والصراعات المدنية والدولية والتغير التكنولوجي. ونظرا لأن الاتجاهات الديموغرافية أكثر قابلية للتنبؤ بها أيضا، فإن الأطراف المعنية الأساسية لديها فرصة كبيرة إلى حد ما لإقرار السياسات وتشجيع السلوكيات التي تشكل الخصائص الديموغرافية في المستقبل، وتخفيف الآثار السلبية المحتملة للتغيرات الديموغرافية التي تحدث. ومن أهداف التأهب للتغيرات الديموغرافية التي يمكن تحقيقها تحسين الصحة الإنجابية، وتزويد الناس برأس المال البشري والمادي الذي يحتاجون إليه ليكونوا أعضاء منتجين في المجتمع، وضمان كفاءة عمل أسواق العمل ورأس المال التي تسمح للناس بتحقيق طاقتهم الإنتاجية الممكنة، وإنشاء المؤسسات ووضع السياسات التي تحد من الأعباء التي يضعها الناس على البيئة، ودعم الشيخوخة الصحية.
ويركز التغير السلوكي الضروري على زيادة النشاط البدني. فمنظمة الصحة العالمية تدعو البالغين الذين تراوح أعمارهم بين 18 و64 عاما، إلى ممارسة نشاط بدني معتدل في الهواء الطلق لمدة 150 - 300 دقيقة أسبوعيا، كما توصي البالغين الذين تبلغ أعمارهم 65 عاما فأكثر بزيادة النشاط البدني من خلال تمارين التوازن والقوة ثلاثة أيام في الأسبوع. ومع ذلك، يعجز واحد من كل أربعة بالغين على مستوى العالم عن استيفاء هذه المعايير WHO 2020. وفي الوقت نفسه، فإن توصية منظمة الصحة العالمية بشأن النشاط البدني للمراهقين، لمدة 60 دقيقة يوميا، لم ينفذها أكثر من 80 في المائة من السكان. وتشمل المبادرات المقترحة سياسات لدعم التنقل سيرا على الأقدام أو بالدراجة، إضافة إلى تحالف بين المدارس والمجتمعات وأماكن العمل والنظم الصحية والحكومات لتوفير الحوافز والأماكن الآمنة لممارسة نشاط بدني أكبر. ويمكن أن يؤدي تشجيع النظم الغذائية الصحية "منخفضة السكر والصوديوم والدهون المشبعة والسعرات الحرارية" والحد من استهلاك التبغ والاستهلاك غير الآمن للمشروبات الكحولية، إلى تحقيق عوائد كبيرة ودائمة من جهود الشيخوخة الصحية.
وتكون مؤشرات شيخوخة السكان منخفضة في البلدان ذات معدلات الخصوبة المرتفعة. ومع ذلك، فإن هذه البلدان لديها مهمة مزدوجة تتمثل في مواجهة معدلات الخصوبة المرتفعة وشيخوخة السكان. وتتضمن معالجة تحدي الخصوبة تغيرات سلوكية بناءة تساعد على تحسين الصحة الإنجابية لتخفيض الحاجة غير الملباة إلى تنظيم الأسرة، والحد من الأعباء الاجتماعية والاقتصادية المرهقة أحيانا، التي تثقل كاهل المجتمعات ذات معدلات الخصوبة المرتفعة. كذلك فإن نسبة سكان الحضر في العالم -التي تضاعفت تقريبا من 30 في المائة عام 1950 إلى 57 في المائة اليوم- ستشهد أيضا نموا أبطأ نتيجة لتنظيم الأسرة، ما قد يخفف من الضغوط الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة به... يتبع.