الوظائف الخضراء تنتظر دفعة من الساسة

الوظائف الخضراء تنتظر دفعة من الساسة

يوجد قانون لا جدال فيه للسياسة في عصر تغير المناخ: في كل مرة تناقش فيها خططك للوصول إلى صافي انبعاثات صفري، يجب عليك أيضا ذكر الوظائف، يفضل أن يكون عددا مثيرا للإعجاب منها، ويفضل مع إرفاق مصطلحات مثل "أجر جيد" أو "ذوي الياقات الزرقاء" أو "مناطق حيوية". اتبع كير ستارمر زعيم المعارضة البريطانية القانون الإثنين الماضي، ووعد بأن السياسات الخضراء لحزبه ستوجد نصف مليون وظيفة "جيدة".
من السهل أن نرى سبب تأكيد القادة السياسيين ازدهار الوظائف الخضراء. إنها طريقة واضحة لإثارة الناخبين أو استرضائهم الذين قد يكونون قلقين إزاء خطط إزالة الكربون من الاقتصاد - أو حتى معادين لها. لكن حتى الآن على الأقل، لا يبدو أن الوظائف الخضراء في المملكة المتحدة تزدهر على الإطلاق.
هناك طرائق عدة مختلفة لتحديد ما الذي يجعل الوظيفة "خضراء"، لكن ولا واحدة منها تظهر "نموا هائلا بمرور الوقت"، كما تقول آنا فاليرو، كبيرة زملاء السياسة في كلية لندن للاقتصاد. وجدت وكالة الابتكار نيستا، التي تجمع إعلانات الوظائف من الإنترنت، أن عدد الوظائف الخضراء "لا يبدو أنه زاد" في الأعوام الأخيرة. "تحظى الوظائف الخضراء باهتمام كبير والجميع يريدها (...) لكن لا يبدو أنها موجودة"، حسبما قاله أندرو سيسونز من "نيستا".
أفاد تقرير صادر عن مؤسسة ريزوليوشن فاونديشن البحثية العام الماضي أنه حدث "تغيير طفيف في الحجم النسبي للمهن الخضراء وغير الصديقة للبيئة على مدى العقد الماضي"، مع "نمو صاف بسيط" في الوظائف الخضراء مدفوع في الغالب بوظائف مهنية مثل مديري التسويق.
ماذا يجري؟ هل يوجد نقص في الطلب من أصحاب العمل والمستهلكين، أو نقص في المعروض من العمال؟ في كثير من الحالات، السبب جزء من هذا وذاك. خذ في حسبانك وظيفة خضراء واحدة فقط، مهندسو المضخات الحرارية. لا يوجد سوى نحو ثلاثة آلاف مهندس مضخة حرارية مؤهل في الدولة. تقدر "نيستا" وجود الحاجة إلى وجود خمسة إلى سبعة آلاف مهندس آخر كل عام إذا أرادت المملكة المتحدة الوصول إلى هدف الحكومة المتمثل في تركيب 600 ألف مضخة حرارية سنويا بحلول 2028.
لكن صانعي السياسة لم يرسلوا إشارات حاسمة إلى السوق لدعم هذا الهدف. لقد بقوا على الحياد بشأن ما إذا بإمكان الهيدروجين أن يكون خيارا مختلفا، ما يبث عدم اليقين تجاه الطلب في المستقبل. ولا يزال ثلثا المنازل الجديدة في إنجلترا موصولين بشبكة الغاز، وفقا لمراجعة بتكليف من الحكومة لخططها للوصول إلى الصافي الصفري.
من جهة أخرى، فإن مهندسي الغاز في الدولة -وكثير منهم تجار لمشاريع فردية في الخمسينيات من العمر- مشغولون للغاية بتركيب سخانات الغاز، وهي أبسط ولا يزال الطلب كبيرا عليها. يقول سيسونز "إن الدورة التدريبية على المضخات الحرارية لمهندسي الغاز تستغرق بضعة أيام فقط، لكنها لا تزال تعني صرفهم عن كسب المال، وهم غير متأكدين من مقدار العمل الذي سيتلقونه بعد ذلك. من ناحيتهم، يواجه الشباب الذين يبدأون من الصفر مسارا تدريبيا معقدا".
التدريب المهني لثلاثة أعوام لوظيفة "فني تدفئة منخفضة الكربون"، التي ستكون أبسط، "ليس جاهزا" بعد.
كل هذا يعني أنه عندما يرغب صاحب منزل في تركيب مضخة حرارية، فإنه يستسلم أحيانا لأنه لا يستطيع العثور على عمال يركبونها. نقص الطلب يضر بالعرض، ونقص العرض يضر بالطلب.
تنطبق مشكلة ضعف الحوافز للتحول إلى الوظائف الخضراء في قطاعات أخرى أيضا. وجدت دراسة نشرها معهد جرانثام للأبحاث التابع لكلية لندن للاقتصاد هذا العام أن الإعلانات عن الوظائف الشاغرة "منخفضة الكربون" تتطلب مهارات أعلى من المهن المماثلة، لكنها لم تكن بالضرورة أفضل أجرا. قد لا يكون من المنطقي من الناحية المالية لعامل في صناعة النفط والغاز، مثلا، الانتقال إلى وظيفة في مصادر الطاقة المتجددة، على الأقل ليس في الوقت الحالي. خلصت الدراسة إلى أن "عدم وجود علاوة أجور إيجابية في الأعوام الأخيرة، على الرغم من أن هذه الوظائف تتطلب مهارات أعلى، يشكل مشكلة لجذب العمال إلى وظائف منخفضة الكربون".
كما أظهر نقص سائقي سيارات النقل الثقيلة قبل بضعة أعوام، يمكن إصلاح هذه المشكلات بحوافز السوق المناسبة والإرادة السياسية الكافية. عندما زاد أصحاب العمل أجور سائقي الشاحنات وعرضت الحكومة تغطية تكاليف التدريب، سرعان ما خفت حدة النقص.
يقول فاليرو "إن قانون خفض التضخم لإدارة بايدن في الولايات المتحدة حاسم بالمثل، فهو يهدف إلى زيادة الطلب على مشاريع الطاقة النظيفة وإعطاء الأسواق والعمال إشارة إلى أنها صفقة كبيرة، لذلك من المنطقي الانتقال إلى تلك الوظائف".
لا شك أن خطر الاندفاع الشديد هو الاختناقات والتضخم. لكن كما تظهر المملكة المتحدة فإن خطر الاندفاع على مهل هو أنه لا يحدث فرقا على الإطلاق.

الأكثر قراءة