رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


تمويلات البيئة وزيادة الديون

لا جدل حول أهمية حماية المناخ والمحافظة على البيئة والعمل على الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2050 كما أقرته الأمم المتحدة ووافقت عليه دول كثيرة حول العالم، بما في ذلك المملكة العربية السعودية التي تعد واحدة من أبرز الدول التي قامت بخطوات فعلية حقيقية، وضخت استثمارات كبيرة في سبيل حماية البيئة. ليست جميع الدول لديها القدرة والقيادة التي تتمتع بها المملكة، فهناك دول كثيرة حول العالم بدأت تواجه صعوبات كبيرة في سبيل تمويل ما لديها من مشاريع موجهة نحو هدف حماية البيئة والمناخ، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف هذه المشاريع في ظل ارتفاع تكاليف الاقتراض وشح عمليات التمويل الخاصة بذلك.
قضية إيجاد الحلول التمويلية ستكون القضية الأبرز في قمة باريس الخميس المقبل حيث يجتمع عدد كبير من قادة الدول في باريس لمناقشة ما يعرف بالتمويل الأخضر والديون والتطورات على صعيد النمو الأخضر، وذلك من أجل أن يصل حجم الصرف على مشاريع البيئة والمجتمع إلى 5.9 تريليون دولار بحلول 2030، علما أن التقديرات تشير إلى أنه تم حتى 2019 صرف نحو 2.4 تريليون دولار على ذلك.
المتحمسون لقضايا المناخ يقرون بهذه التحديات التمويلية ويبحثون عن حلول مالية مناسبة، على الرغم مما يقال عن استمرار الإقبال على السندات الخضراء التي من المتوقع أن تحقق بنهاية 2023 أعلى حجم لإصداراتها، بحسب مجموعة بي إن بي باريبا المصرفية. تجدر الإشارة إلى أن هناك معارضة واسعة وانتقادات موجهة للسندات الخضراء وغيرها من طرق تمويلية موجهة للبيئة والمجتمع بسبب غياب المعايير العالمية المتفق عليها في هذا الشأن.
فعلى الرغم من إصدار وثيقة المبادئ العامة للسندات الخضراء من قبل منظمة الأسواق المالية العالمية، إلا أن العملية لا تزال تواجه عدة تحديات أكبر من مجرد ارتفاع تكلفة الفائدة وشح السيولة. أبرز التحديات في هذا الشأن تأتي من صعوبة تحديد المشاريع المستحقة للتمويل الأخضر، على الرغم من أن الوثيقة رسمت الخطوط العريضة لهذه المشاريع وهي تلك المتعلقة بتخفيف وطأة التغير المناخي، وتلك التي لديها حلول للتأقلم مع المتغيرات المناخية، إلى جانب مشاريع الحفاظ على الموارد الطبيعية والحد من التلوث البيئي، وغيرها.
الانتقادات الحادة للتمويل الأخضر تتمركز حول الاعتقاد بأن كثيرا من الشركات تستغل هذه التسهيلات الائتمانية والدعم المالي المخصص لمشاريع المناخ والبيئة في الحصول على المال لتنفيذ مشاريع بعيدة عن المناخ، بل يزعم البعض أن هناك من حصل على تمويلات استخدمت في مشاريع معادية للبيئة! وآخرون يشيرون إلى جهات تمويلية وشركات صناعية تسهم في تمويل المشاريع الخضراء من باب تسجيل مواقف سياسية أو أيديولوجية معينة أو لمجرد الادعاء بأن لديها مشاريع موجهة لهذه الجوانب الإنسانية المهمة.
المشكلة الأكبر التي تواجه التمويل الأخضر هي أن هناك عددا كبيرا من الدول الفقيرة ممن لديها مشاريع للحفاظ على البيئة والتزامات دولية بشأن ذلك، إلا أن هذه الدولة أعلنت أنها لن تستطيع المضي قدما في ذلك بسبب ارتفاع تكاليف التمويل في العامين الماضيين. الدول الغربية الكبرى الراعية لاستراتيجيات حماية المناخ تخشى من استسلام الدول الفقيرة والنامية والعودة إلى ممارساتها البيئية غير النظيفة، لذا هناك توجهات قوية نحو إيجاد الحلول التمويلية لهذه الدول، وذلك من أبرز النقاط المطروحة على أجندة قمة باريس نهاية هذا الأسبوع.
الحلول التي تقدمها الرياض لمعالجة قضايا البيئة والمناخ واقعية وعملية أكثر من غيرها، فنجد أن أحد أهداف مبادرة السعودية الخضراء أن تحقق المملكة الريادة العالمية في مجال الاقتصاد الدائري للكربون، أي فكرة إعادة تدوير الكربون كوسيلة فاعلة ورئيسة في السيطرة على التغيرات المناخية بهدف دعم الدورة الكربونية الطبيعية وتنشيطها، وبالتالي التخفيف من الآثار الخطرة لتنامي الغازات الكربونية على الغلاف الجوي. كما أن المملكة بادرت برفع كمية الخفض الخاص بها من الانبعاثات الكربونية من 130 إلى 278 مليون طن سنويا، إلى جانب زراعة 450 مليون شجرة في المملكة بحلول 2030، ومن ثم إلى عشرة مليارات شجرة خلال العقود القليلة المقبلة.
التخوف الظاهر هنا أن الجهود المتطرفة بعض الشيء تجاه المحافظة على البيئة سينتج عنها مزيد من الديون على الدول الضعيفة المغرقة بالديون حاليا، وهي الدول التي تواجه صعوبات تنموية حادة قد لا تكون مشاريع المناخ والبيئة في أعلى أولوياتها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي