2023 .. الحيرة والحذر الشديد

2023 .. الحيرة والحذر الشديد

أربت على ظهرك. فقد وصلت تقريبا إلى منتصف الطريق في 2023. لم تكن هذه الرحلة سهلة في الأسواق كما كان المستثمرون يأملون بعد 2022 المحبط. بينما يقوم الناس بتقييم وجهات نظرهم ومحافظهم، فإن الرسالة القادمة هي رسالة من الحيرة والحذر الشديد.
إن الأسهم مرتفعة، بالتأكيد. بنحو 16 في المائة في الولايات المتحدة، لا أقل. لكن هيمنة زمرة صغيرة من الأسهم وموجة الضجيج على الذكاء الاصطناعي تتسببان لعديد من المستثمرين في التوقف.
في غضون ذلك، فإن الافتقار إلى سرد لطيف وثابت للاقتصاد الكلي يثير قلق مديري الصناديق، الذين يحبون تعليق استراتيجية المحفظة على وجهة نظر موثوقة. مع الأسف بالنسبة إليهم، ثبت أن هذا بعيد المنال. وعلى هذا فقد انتهى بنا المطاف إلى متشائمين لا يستطيعون فهم سبب عدم وصول الركود ومتفائلين يشعرون بأنهم يعتمدون على الحظ.
أخبرني أحد كبار متداولي السندات في أحد البنوك في لندن أخيرا بأنه بعد معاناتهم النتيجة السلبية نفسها مرارا وتكرارا حتى الآن هذا العام، فإن عديدا من مديري الصناديق يفقدون الثقة. أولا، كان الإجماع على بلوغ التضخم ذروته التي من شأنها أن تدفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى البدء في الاستعداد لخفض أسعار الفائدة. ثم جاءت البيانات المتفجرة عن الوظائف الشاغرة في شهر كانون الثاني (يناير) لتتخلص من هذا الرأي.
كما تحول المستثمرون إلى توقع أسعار فائدة أعلى بكثير من قبل الاحتياطي الفيدرالي بدلا من ذلك، فاجأت الأزمة المصرفية الإقليمية في الولايات المتحدة بعضا من أذكى العقول في الاقتصاد الكلي وتسببت في انهيار توقعات أسعار الفائدة وعوائد السندات.
قال المتداول "كان الجميع يسارعون لتغيير مراكزهم. كانت هناك بعض اللحظات المخيفة عندما توقفت سندات الخزانة عن العمل".
والآن، يبدو أن عديدا من مديري الصناديق في هذه السوق الأساسية قد استسلموا. قال إن ظروف السوق الأخيرة كانت "فظيعة بالنسبة إلينا". إذ يتردد العملاء في وضع الرهانات، وهم غير مقتنعين بالاتجاه ويتداولون أقل من المعتاد.
إن هذا التحفظ واضح عبر فئات الأصول المختلفة. والجدير بالذكر أنه كان أحد أسباب الفشل هو ما تم وصفه بأنه أضخم إدراج في سوق الأسهم في لندن لهذا العام.
كانت شركة دبليو إي صودا، المنتجة التركية لكربونات الصوديوم "المستخدمة في صناعة البطاريات والمنظفات، من بين أشياء أخرى" تخطط لطرح أسهم في الأسواق العامة في هذا الشهر. هذا هو أفضل ما تفعله سوق لندن، فهي بمنزلة منزل محايد في مركز مالي رئيس لشركات الأسواق الناشئة في مجال الموارد.
كان لدى المصرفيين الذين يعملون على الصفقة آمال كبيرة في أن توزيعات الأرباح السخية وقصة تجارية مقنعة ستنجح هذه الصفقة. إضافة إلى ذلك، في الواقع: كان من الممكن أن تكون صفقة قيمتها 7.5 مليار دولار، كبيرة بما يكفي لإدراج "دبليو إي صودا" في مؤشر فتسي 100. لكن الصفقة انهارت هذا الأسبوع، ما أثار رد فعل مقتضبا من الشركة، التي جعلت إدراجها كاختبار رئيس لجهود لندن لتنشيط سوقها المالية. قال ألاسدير وارن الرئيس التنفيذي "هذا السؤال هو مسألة الحذر فيما يتعلق بسوق الاكتتابات العامة، وما الخصم الذي يطلبونه مقابل هذا الحذر".
في هذه الحالة، كان الخصم نحو 30 في المائة وهو أقل مما كانت الشركة تريده. وهذه فجوة ضخمة لا يمكن سدها، ومن الواضح أنه سيتعين على المصرفيين الذين يقفون وراء الصفقة تحمل بعض المسؤولية عنها. لكن أحدهم قال "إن المستثمرين المحتملين ليسوا حذرين فقط. بدلا من ذلك، إنهم خائفون جدا".
قال هذا الشخص "إن هناك مخاطر مهنية إذا اشتريت شيئا وانخفض بنسبة 12 أو 15 في المائة". جلب هذا العام حتى الآن ما مجموعه خمسة إدراجات جديدة في سوق الأسهم في لندن، وهي حصيلة باهتة. وتركت الإدراجات رفيعة المستوى على مدى الأعوام القليلة الماضية المستثمرين يترنحون. فقد تم إدراج شركة تي جي إتش في أيلول (سبتمبر) 2020. ومنذ ذلك الحين انخفض سهمها 90 في المائة. وانخفض سهم شركة ديليفرو 64 في المائة منذ إدراجها في آذار (مارس) 2021. وانخفض سهم شركة دكتور مارتنز بنسبة 70 في المائة. فهمت الفكرة الآن.
يبدو أنه لا أحد يريد أن يكون مدير الصندوق الذي يمثل أمام لجنة الاستثمار ليشرح سبب اتخاذه القرار الخطير بشأن هذا الاكتتاب الأخير. لا تقلل أبدا من شأن المدى الذي سيذهب إليه المستثمرون لتجنب الظهور بمظهر سخيف أمام رؤسائهم في العمل.
بالنسبة إلى فابيانا فيديلي، كبيرة مسؤولي الاستثمار للأسهم والأصول المتعددة والاستدامة في شركة إم آند جي الاستثمارية، يجب أن تكون المخاطرة المدروسة هي الحل للإبحار عبر هذه البيئة الاقتصادية الصعبة، لكن على وجه التحديد في هذا المجال -في الأسهم الفردية- وليس في وجهات النظر الكبيرة والجريئة. قالت في مذكرة هذا الأسبوع "إننا نتمسك بموقفنا بأن هذه ليست سوقا للاستثمار اعتمادا على الصورة الكبيرة والاتجاهات العامة للسوق".
يظل التنبؤ بتوقيت أي ركود اقتصادي مهمة مستحيلة. عوضا عن ذلك، كما قالت فيديلي، "فإن اختيار الأسهم هو السبيل للحصول على عوائد تتجاوز تلك المعروضة من المؤشرات الواسعة".
وأضافت "إن تشتت العوائد الأعلى من المتوسط بين القطاعات وداخلها يعزز اعتقادنا أن الاختيار هو السبيل لتحقيق عوائد إضافية في البيئة الحالية. فمن وجهة نظرنا، توفر السوق فرصا جذابة للمستثمرين الانتقائيين الذين يعتمدون على معلومات محددة عن المؤسسات والذين هم على استعداد للبحث أكثر (...) ينبغي أن تصبح التقلبات صديقتنا بحكم الضرورة". إن قول ذلك أسهل من فعله.

الأكثر قراءة