معجزات البحار

لا يقتصر سحر البحار على جمال منظرها وأنها مصدر للغذاء والماء وحلقة وصل بين قارات العالم، بل على ما تحتويه من أسرار وما تمنحنا من معجزات، فالبحر من مخلوقات الله التي سخرها لنا. يقول أفلاطون، "تشفي البحار جميع أمراض الإنسان"، لأنها عبارة عن كنوز من التنوع الحيوي اللازم لإنتاج مركبات كيميائية مختلفة تدخل في صناعة الأدوية.
لقد أصبح استخراج الأدوية من الكائنات البحرية من نباتات وحيوانات وتطويرها ومن ثم إنتاجها على شكل مستحضرات طبية يتداوى بها البشر، مثل الطحالب الدقيقة والبكتيريا والفطريات والإسفنج، أمرا مهما للغاية، ولذلك بدأت البرامج في الجامعات ومراكز الأبحاث وشركات الأدوية تركز على التعاون بين علماء البحار الأكاديميين والباحثين في الأدوية الحيوية لتطوير الصناعات الدوائية البحرية.
خذ مثلا المكمل الغذائي أوميجا 3 الموجود في زيت سمك القد الغني بفيتامين أ وفيتامين د، والذي يعمل على محاربة والوقاية من أمراض القلب، السرطان، الاكتئاب، الزهايمر، مرض السكر، الأمراض الجلدية، ارتفاع ضغط الدم، والتهاب المفاصل، كما يساعد أيضا على زيادة القدرة على التركيز ويرفع من مستوى النشاط البدني.
ووجود فيتامين د يجعله مفيدا جدا للأطفال لحمايتهم من الكساح والتأخر في المشي كما يفيد زيت سمك القد والمستحضرات المشتقة منه في علاج الطفح الجلدي والتهاب الحفاظات لدى الأطفال!
وتستخلص مادة الكيتوازن من الكيتين المتوافر في هياكل القشريات مثل القريدس والكركند وسرطان البحر والمحار، والتي تدخل في صناعة مرطبات البشرة وأخيرا استخدم في الضمادات لدوره في سرعة تجلط الدم!
وتمنحنا سمكة السلمون مادة الكالسيتونين التي تحد من عملية إزالة العظام وتزيد من عملية تكوين العظام، وهما عمليتان يقوم بهما جسم الإنسان تلقائيا، وتستخدم الهياكل الخارجية للشعب المرجانية كبدائل مذهلة لشرائح العظام، لأن بنية بعض الشعب المرجانية تشبه تلك الخاصة بالعظام المسامية.
ويشكل السم المستخرج من بعض الحلزونات المخروطية أملا في إنتاج مسكنات للآلام أكثر فاعلية من المورفين، وبالفعل تمت المصادقة على أول مسكن مستخرج من الحلزونات في 2004، وتستخدم الألجينات الموجودة في خلايا جدران الطحالب البنية في إنتاج ضمادات الحروق التي تساعد على الشفاء وتكون أقل ألما عند نزعها من الضمادات التقليدية. ولا تزال هناك معجزات لم تكتشف وأسرار لم يفصح عنها تضمها جنبات البحار ويسعى البشر لتسخير قواهم لسبر أغوار ذلك العالم المجهول. فقد تخطى عدد المنتجات الطبيعية المستخرجة من البحار 11 ألف منتج بحري مقارنة بـ155 ألف منتج أرضي طبيعي!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي