لم سوق العمل في المملكة المتحدة ساخنة جدا؟
تتحدى سوق الوظائف البريطانية الجاذبية. فمنذ أشهر، يحذر مسؤولو بنك إنجلترا من أن الأسر ينبغي أن تتوقع أن تشعر بأنها أكثر فقرا، حيث إن ارتفاع تكاليف الطاقة وارتفاع أسعار الفائدة جعل أرباب العمل أقل رغبة في التوظيف أو رفع الأجور بما يتماشى مع التضخم.
لكن آخر البيانات الرسمية، أظهرت أن العمال في مركز قوة. ولا تزال البطالة قريبة من مستويات منخفضة قياسية. لقد قفز التوظيف أخيرا فوق مستواه السابق للجائحة، مع رقم قياسي بلغ 33.1 مليون شخص في العمل، حتى لو كان معدل التوظيف لا يزال أقل مما كان عليه في 2019.
رغم أن التضخم يؤدي إلى تآكل قيمة أجور العمال منذ أواخر 2021، فقد يكون ذلك على وشك التغير. في نيسان (أبريل) - الشهر الأخير الذي شملته البيانات - ارتفع متوسط الأجور، باستثناء المكافآت، بنسبة 7.5 في المائة على أساس سنوي، ولم ينم إلا بشكل أبطأ قليلا من التضخم على مقياس سي بي أي إتش لمكتب الإحصاء الوطني، والذي يتضمن تكاليف الإسكان.
قالت هانا سلوتر، كبيرة الاقتصاديين في مؤسسة ريزوليوشن الفكرية، "النمو القياسي للأجور في بريطانيا يعني أن انخفاض أجورنا الحقيقية على مدى 18 شهرا ربما يكون قد انتهى". لكن تسارع نمو الأجور، رغم الترحيب به من قبل العمال، "من شأنه أن يقلق بنك (إنجلترا)، وبالتالي أي شخص يتطلع إلى الحصول على قرض عقاري آخر".
السؤال الكبير الذي يواجه صانعي السياسة النقدية هو ما إذا كان من المتوقع أن تتباطأ وتيرة نمو الأجور شبه القياسية مع اعتدال التضخم، أو تعكس أيضا نقصا دائما في العمالة والذي أدى إلى زيادة قدرة العمال على المساومة.
قال جيمس سميث، الخبير الاقتصادي في بنك أي إن جي، إنه "لا شك في أن التضخم عامل رئيس"، حيث كان العامل المحدد الرئيس لزيادة هذا العام بنسبة 9.7 في المائة في الحد الأدنى للأجور، وهو ما ينعكس لأول مرة في البيانات.
وقد تم الاستشهاد بتضخم أسعار المستهلك، التي انخفضت إلى 8.7 في المائة فقط في نيسان (أبريل)، في استطلاعات الشركات باعتباره المصدر الرئيس للضغط التصاعدي على الأجور، ما زاد الآمال في أن ضغوط الأجور ستهدأ مع انخفاض أسعار الطاقة.
لكن أرقام مكتب الإحصاء الوطني تظهر أن نمو الأجور كان أقوى في قطاعات مثل التمويل والتصنيع - حيث تعتمد الأجور على قدرة العمال على المطالبة بأجور أعلى - مقارنة بمجالات مثل البيع بالتجزئة، التي لديها نسبة عالية من الموظفين الذين يتقاضون أجورا قريبة من الحد الأدنى.
انتعش نمو أجور القطاع العام، حتى مع تهديد الأطباء، والممرضات والمعلمين بمزيد من الإجراءات الصناعية. كما فازت النقابات ببعض صفقات الأجور المذهلة في أجزاء من القطاع الخاص حيث يندر الموظفون.
وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، أوقفت نقابة العمال يونايت الإضرابات المخطط لها في مطار هيثرو مؤقتا بينما صوت أعضاؤها على عرض جديد من شأنه أن يربط الأجر بتضخم أسعار التجزئة هذا العام ويربطه بالتضخم في 2024.
كما ألغت نقابة يونايت الإضراب الصناعي المخطط له في مصنع تعبئة لشركة كوكا-كولا في ويكفيلد بعد تأمين اتفاقية سلن أن ترفع الأجور بأكثر من 10 في المائة للفنيين ذوي الأجور المرتفعة، وبنسبة تصل إلى 18 في المائة لبعض الموظفين المكتبيين ذوي الأجور الأقل.
قال نيل كاربيري، الرئيس التنفيذي لاتحاد التوظيف والعمالة، إن نقص العمالة "يزيد من تأثير التضخم"، حيث كان أصحاب العمل يرفعون الأجور لشغل الوظائف واستجابة لضغوط تكلفة المعيشة على موظفيهم.
لكن البيانات الأخيرة احتوت على بعض المؤشرات على تخفيف النقص. لا تزال الشواغر عالية في كثير من المجالات المهنية لكنها انخفضت إلى ما دون مستويات ما قبل الجائحة في بعض القطاعات ذات الأجور المنخفضة مثل البيع بالتجزئة.
تتوسع القوى العاملة، التي تقلصت بعد ظهور كوفيد- 19 حيث اختار الشباب الدراسة لفترة أطول وانسحب كبار السن من العمل، مرة أخرى حيث يختار عدد أقل من الناس التقاعد المبكر أو يختارون البقاء في المنزل لرعاية الأسرة.
رغم أن المرض لفترات طويلة يبقي أعدادا متزايدة عاطلين عن العمل، إلا أن المعدل الإجمالي للخمول الاقتصادي قد انخفض بشكل حاد في الأشهر القليلة الماضية، مع تسجيل أكبر انخفاض بين كبار السن. كما أدت الأعداد المتزايدة من المهاجرين من خارج الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز التوظيف.
قال سايمون فرينش، الخبير الاقتصادي في بانمور جوردون، إن هذا يشير إلى أنه لا يزال هناك مجال لنمو القوى العاملة في المملكة المتحدة استجابة لرغبة أصحاب العمل في التوظيف.
وقال إن نمو الأجور الاسمية السريع كان "حتميا" نظرا إلى ارتفاع معدل التضخم، لكن "ما إذا كان ذلك دوامة أسعار الأجور حيث يمكن للقوة التفاوضية للعمالة أن تستمر في مواكبة الأسعار، فأنا أكثر تشككا".