رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


هل يظل التضخم مرتفعا؟ «3 من 4»

بشأن استجابة البنوك المركزية، كيف ستستجيب البنوك المركزية للتضخم؟ إذا كان من الممكن استخلاص دلالات من الماضي لفهم المستقبل، فسيكون من المفيد في البداية دراسة سلوك البنوك المركزية قبل الجائحة، فحتى أواخر السبعينيات، كانت البنوك المركزية أكثر تقبلا للتضخم. لكن الخفض الحاد في معدلات التضخم الذي شهدته المملكة المتحدة في فترة حكم مارجريت تاتشر "قبل أن يحظى بنك إنجلترا باستقلاليته التشغيلية"، الذي قام به "الاحتياطي الفيدرالي" بقيادة بول فولكر، أدى إلى ثورة في كيفية تعامل البنوك المركزية مع التضخم. ولم يمر وقت طويل قبل أن تتبع بنوك مركزية عديدة هذين المثالين الرائدين، ما أدى إلى تراجع التضخم في أنحاء كثيرة حول العالم بحلول منتصف الثمانينيات. وتطلب ذلك إجراء إصلاحات مؤسسية كبيرة لتحقيق الاستقلالية للبنوك المركزية وقدرة عدد من البنوك المركزية على مواجهة الرياح السياسية المعاكسة والفوز باستقلاليتها بحكم الواقع.
علاوة على ذلك، تم إجراء إصلاحات متنوعة أتاحت للبنوك المركزية تعيين الاقتصاديين وغيرهم ممن تمحورت دراستهم حول أسباب التضخم الكبير الذي شهدته حقبة السبعينيات وسبل خفض التضخم، ما يمكن أن يكون له دور في هذه الثورة التي شهدتها البنوك المركزية.
ويشير تحليلنا إلى أن البلدان التي استطاعت كبح جماح التضخم لم يشهد سوى عدد قليل منها لاحقا طفرة تضخمية مزمنة خارجة عن السيطرة. يعني ذلك أن عددا قليلا فقط من البلدان سقط مجددا في براثن التضخم بعد الاستفاقة من الموجة التضخمية "أو بعد فترة متواصلة من الاستفاقة امتدت حتى بداية التسعينيات". جاء ذلك مدعوما أيضا بعدد من الإصلاحات المؤسسية التي أتاحت للبنوك المركزية القوة اللازمة لمواجهة الضغط من جانب السياسيين لدفع عجلة النمو من خلال زيادة التضخم في اللحظات المناسبة.
وفي سياق حديثنا عن جانب من عملنا التجريبي نستخدم عددا من التعاريف، فنقصد بمصطلح "كبح جماح التضخم" بقاء مستوى التضخم ربع السنوي دون 4 في المائة لثلاثة أعوام بداية من عام 1990، والمرة الأولى التي يستطيع فيها البنك المركزي بلوغ هذا المستوى نطلق عليها مصطلح "شهر الفوز بالرقاقة الزرقاء"، فكما يحصل الأعضاء في مجموعات مدمني الكحول المجهولين، وغيرها من المجموعات التي تطبق برنامج الـ12 خطوة على رقاقات كدلالة على مدة التعافي يعبر مصطلح "شهر الفوز بالرقاقة الزرقاء" عن مرور ثلاثة أعوام على استفاقة البنوك المركزية من التضخم.
ولا يغطي نطاق دراستنا الأسواق الصاعدة أو البلدان منخفضة الدخل، نظرا لأن عددا قليلا منها فقط استطاع الفوز بالرقاقة الزرقاء. وتركيا هي البلد الوحيد حتى الآن في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي الذي عجز عن بلوغ هذا المستوى، ونقصد بمصطلح "طفرة تضخمية خارجة عن السيطرة" ارتفاع مستوى التضخم عن 4 في المائة لمدة 36 شهرا. وبالنسبة إلى بلدان مجلس التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي عموما، فإن البنوك المركزية التي تفوز بالرقاقة الزرقاء نادرا ما تسجل مجددا معدلات تضخم مزمنة خارجة عن السيطرة، ما لم تكن تواجه أزمة مالية ضخمة "مثل آيسلندا ودول البلطيق خلال الأزمة المالية العالمية"... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي