رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


سيناريوهات ما بعد استقرار أسعار الفائدة

أسعار الفائدة والتضخم يعدان الحدث الأهم في الاقتصاد العالمي ومتابعة اجتماعات الفيدرالي أصبحت حدثا عالميا وليس أمريكيا فالجميع يتحدث اليوم عن التضخم وأسعار الفائدة المحتملة، بل يبني البعض عليها قرارات شخصية واستثمارية، حيث تجد أن البعض يناقش الوقت المناسب لتملك المنزل ويتحدث عن الفائدة وانعكاساتها على تكلفة التمويل وأسعار العقار وبالتالي يتخذ القرار الذي يراه مناسبا لشراء السكن فورا أو التأجيل، كما أن المستثمر ينظر إلى أثر أسعار الفائدة في السوق سواء باتخاذ قرار بالاستثمار في استثمارات ذات عائد ثابت أو الدخول للأسواق المالية أو الاستثمار في القطاع العقاري أو الأصول والسلع، وكل هذا يجعل اجتماعات مجدولة للاحتياطي الفيدرالي حدثا مهما يرى كثيرون أنه يؤثر في الأسواق في مختلف دول العالم ويؤثر في قرارات شخصية أو استثمارية.
في الاجتماع الأخير للاحتياطي الفيدرالي تم اتخاذ القرار بعدم رفع أسعار الفائدة، ما يعد خبرا جيدا للأسواق لكن في الوقت نفسه وبحسب ما ورد في مجموعة من المؤسسات الإعلامية ومنها صحيفة "الاقتصادية" أنه ألمح إلى رفع إضافي بمقدار نصف نقطة قبل نهاية العام ما جعل الأسواق متذبذبة نسبيا، وهنا تأتي أهمية النظر في السيناريوهات المحتملة التي ستنعكس على قرارات كثير حول العالم، فنحن نعلم أن بطبيعة البشر لن يتوقفوا عن أسباب العيش والرزق والارتفاع أو الانخفاض في أسعار الفائدة لن يوقف النشاط الاقتصادي، بل يحدث تحولات تتناسب مع المعطيات الجديدة وهنا تأتي أهمية التفكير كثيرا في السيناريوهات قبل اتخاذ القرارات، إذ إن الحركة والنشاط في مختلف الأنشطة الاقتصادية على المدى القصير لا يوضح واقع ما سيكون عليه الحال خلال الفترة المقبلة، إلا أن العالم قد مر بمثل هذه التحولات وتبقى الخيارات طويلة المدى هي الفاعل الأكثر في القرارات التي يتخذها الناس.
أسعار الفائدة التي وصلت اليوم إلى مستويات بين 5 و5.25 في المائة في الولايات المتحدة لا يتوقع أن تنخفض على المدى القريب، إذ إنها كي تحدث تأثيرا بما يحقق الهدف من رفعها لا بد أن تستمر لمدة كافية كفيلة بعودة التضخم إلى المعدلات المستهدفة عند 2 في المائة، والوصول إلى معدل الـ2 في المائة فيما يتعلق بالتضخم لا يعني بالضرورة عودة أسعار الفائدة إلى الصفر، بل قد نشهد بقاء أسعار الفائدة مرتفعة نسبيا.
والسؤال هنا ما السيناريوهات المحتملة خلال الفترة المقبلة؟
لا شك أن الاستثمارات ذات العائد الثابت سيكون عليها إقبال أكبر خلال الفترة المقبلة، حيث كان بعض هذه الاستثمارات لا يحقق أكثر من 1 في المائة واليوم نجد أن هذه الاستثمارات تحقق أكثر من 6 في المائة وهذا قد يفوق العائد من الاستثمار في كثير من الشركات المساهمة حاليا التي نظرا للإقبال عليها خلال الفترة الماضية والانصراف عن الاستثمار في الاستثمارات ذات العائد الثابت ارتفعت المكررات الربحية لها، أي: إن العائد على السهم أصبح منخفضا.
القطاع العقاري بحسب رئيس الاحتياطي الفيدرالي انخفض خلال الفترة التي تم فيها رفع أسعار الفائدة، وهذا قد يكون له أكثر من سبب منها ارتفاع أسعار الفائدة ما يعني ارتفاع تكلفة تمويل وبالتالي قد يحجم البعض أو يؤجل شراء المسكن، وفي المقابل فإن ارتفاع أسعار الفائدة قد يوجه بعض الاستثمارات من الاستثمار في القطاع العقاري إلى الاستثمار في الأصول ذات العائد الثابت وبالتالي يخف الإقبال عليها.
هذه السيناريوهات تبقى نظرية لكن لكل سوق ظروفه الخاصة ولذلك الأهم هو النظر إلى الحالة العامة للاقتصاد في كل بلد ولذلك قد يظن البعض انخفاضا في أسعار العقار أو الأسهم في السوق السعودية، إلا أن ظروف السوق الحالية جيدة، بل مميزة عالميا والحالة قد لا تكون الاتجاه إلى الانخفاض، بل إن حركة الارتفاع قد تكون أبطأ مما لو كان الاتجاه لأسعار الفائدة منخفضا كما أن التضخم في المملكة يعد في مستويات غير مرتفعة والتوقعات تشير إلى إمكانية انخفاضه بحسب تقرير للبنك المركزي السعودي، ما يعني أنه لا يتوقع أن يكون هناك خفض للإنفاق بهدف الحد من ارتفاع أسعار الفائدة، وبالتالي نجد أن الظروف جيدة للاستثمار في المملكة، ولذلك لا يمكن الاعتماد على المعطيات العامة في وضع السيناريوهات المحتملة للاقتصاد في المملكة، فرغم ازدهار نشاط إصدارات الصكوك الإسلامية محليا إلا أن السوق المالية نشطة وجيدة وهناك تحسن في أرباح الشركات عموما، كما أنه رغم انخفاض حجم الصفقات العقارية إلا أن هناك تحولا من الاستثمار في القطاع السكني إلى التجاري ما يجعل الأدوات الاستثمارية في المملكة لا تزال نشطة.
الخلاصة: إن أسعار الفائدة قد تبقى مرتفعة فترة طويلة وقد تشهد زيادة طفيفة قبل نهاية العام والقرار فيما يتعلق بالفائدة مرتبط بالتضخم، ولذلك سنجد أن الاحتمالات المستقبلية لحركة رأس المال قد تتجه بصورة أكبر إلى الاستثمارات ذات العائد الثابت، لكن يبقى الاستثمار في الأصول على المدى البعيد أكثر موثوقية، والثقة في العملات ستقل نظرا لصعوبة مواجهة التضخم وضعف مستمر للقوة الشرائية للعملة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي