مسؤولية الرئيس التنفيذي تجاه الفشل
يتحمل المديرون 70 في المائة من حالات فشل الشركات التي تصنع القرارات وإدارة التحديات والمتغيرات وفهم السوق واستغلال الفرص. "المديرون" هنا كلمة تطلق على قيادة الكيان، التي تشمل مجلس المديرين والرئيس التنفيذي وفريقه من القادة المختصين. لكن لو تحدثنا عن الرئيس التنفيذي تحديدا ودوره في حالات الفشل، لوجدنا كثيرا من الآراء التي تتفاوت بين طرفي نقيض: إخراجه من حيز المسؤولية بتحميلها على الظروف الخارجة عن إرادته مثل الدورات الاقتصادية أو جودة الموظفين، أو تحميله شخصيا المسؤولية المطلقة لأنه محور العملية الإدارية الأهم، ومركزها، وعنصر الربط الأقوى بين رغبات الشركاء وإمكانات الموظفين.
يتمثل فشل الشركات في عدم تحقيق المستهدفات المالية أو الرؤى الاستراتيجية أو في حدوث المخالفات الأخلاقية. وهي أمور يديرها الرئيس التنفيذي، قمة الهرم ورأس السهم وقبطان السفينة وصاحب الصلاحيات. لكن المسألة في الحقيقة معقدة، فهناك عدة افتراضات ينبغي وجودها أولا كي يتحمل مسؤولية الإخفاق، وفي العادة لا نجدها تتحقق على أرض الواقع. هذه الافتراضات إن تحققت تجعل الرئيس التنفيذي صاحب المسؤولية الأكبر وراعيها الأهم وحامل الأمانة الأوحد. أولا، أن تكون رؤية واستراتيجية الشركاء واضحة ومترجمة منطقية وقابلة للتنفيذ من قبل مجلس المديرين. ثانيا، أن يقوم المجلس بتقديم الدعم اللازم الذي يمكن الرئيس وفريقه، وهذا يشمل وضوح الخطة والتمكين بالصلاحيات والدعم بالتمويل وغير التمويل. ثالثا، أن تخلو تجربته من الظروف الاستثنائية التي لا يمكن السيطرة عليها مثل الكوارث الطبيعية أو الأزمات الاقتصادية الكبرى أو التغييرات الجذرية المؤثرة وغير المتوقعة في بيئة الأعمال الخاصة بمجال الشركة التي يعمل فيها. رابعا، أن يكون اختياره لهذا الدور ملائما له وللشركة وللفريق الذي يعمل به، من النواحي المهنية والثقافية والفنية. خامسا، أن يتم التواصل معه بخصوص التوقعات واضحا وقابلا للقياس ومحفزا للدعم. سادسا، أن تكون المستهدفات متوافقة مع عمليات البناء المطلوبة، وهذا لا يعني أن تكون سهلة لكن ألا يتم افتراض مثلا القدرة على النمو السريع دون فترة استثمار أو إعداد منطقية ومعقولة.
أما ما دون ذلك من أمور أخرى لا تدخل في القائمة مثل وجود الفريق المناسب وتفاعل العملاء وإدارة التكاليف المتزايدة فهي لا تدخل فيما هو خارج سيطرة الرئيس التنفيذي. إن اتفقنا على وجود الافتراضات الستة أعلاه، فهذا يعني أن الرئيس التنفيذي ممكن ويملك صلاحية تغيير العناصر البشرية ويستطيع الوصول إلى الموارد الكافية ويملك حرية التصرف في أساليب التفاعل مع العملاء. في هذه الحالة "بتحقق الافتراضات أعلاه وامتلاك الصلاحيات" يتحمل الرئيس التنفيذي مسؤولية الفشل بالكامل. واقعيا هذا لا يحدث بسهولة، وربما لا يحدث أبدا. لأن تحقيق الافتراضات أعلاه يتطلب عملا استثنائيا من مجلس المديرين، ويتطلب مواءمة مثالية بين حاجة الشركة إلى أسلوب محدد من القيادة وبين مقدرات التنفيذي الذي تم اختياره، ويتطلب تدرجا مناسبا في تصميم المستهدفات ليس سهلا فيفقد جدا قيمته للشركاء وليس مستحيلا ليصبح دون إمكانية على التطبيق. تحقيق هذه الأمور أقرب إلى المستحيل.
سمعت من يتحدث عن عدد أرباع الخسائر المتراكمة "فترة الخسائر التي يصبر عليها مجلس المديرين" التي تكفي لطرد الرئيس التنفيذي من وظيفته، هناك من يقول ربعين متتالين بخسائر واضحة، وهناك من يقول من أربع إلى ستة أرباع تختلف حسب طبيعة الشركة. تمثل هذه النظرة المقتصرة على تراكم الخسائر المالية في فترات محدودة إيجازا مجحفا بواقع أوسع وأكبر. فالخسائر قد تكون مؤقتة أو مرسومة لغرض تحقيق استثمارات محددة تبدأ في العطاء في فترات لاحقة. كما أن معظم مجالس المديرين لا تنظر إلى الجانب المالي منفردا.
الحديث عن التعامل مع الرئيس التنفيذي ككبش فداء وسهولة التنازل عنه عند الخسارة معضلة كبيرة، فالموضوع معقد ومتداخل وكثير من النظرات والآراء التي يبديها الشريك المستثمر وعضو المجلس وحتى العامة مجرد أحكام تفتقر إلى الرؤية الدقيقة والشاملة. لكن هذا لا يعني أن جميع الرؤساء التنفيذيين مظلومون، هناك بالتأكيد من يستحق الطرد ومن لا يستحق أن يصبح رئيسا تنفيذيا من الأساس.