ما بين الأتمتة والعمل اليدوي .. توضيح الأدوار والظروف مطلب
في المتجر المحلي القريب مني، توجد مجموعة كبيرة من السلع، مثل البازلاء الحلوة من الصين والقرع من جواتيمالا، التي تذكر ملصقات عليها بأنها "حصدت يدويا" بخط عريض وبكل بفخر. في كل مرة أمر فيها من ذلك الممر، تزعجني تلك الملصقات.
كنت أحاول معرفة سبب انزعاجي منها. أنا اعترف بالطبع بدور العمالة البشرية، خاصة في عمليات إنتاج السلع أو الخدمات التي قد يظن الناس أنها تمت أتمتتها بالكامل في الوقت الحالي. توجد كثير من الأوقات التي يخفى فيها دور الإنسان المهم أو يتم تجاهله، مثل موظفي تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي أو مراقبي المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي الذين يتقاضون أجورا منخفضة. وبينما يبدأ استخدام الذكاء الاصطناعي في أماكن مثل "هوليوود" وغرف الأخبار، سيصبح من المهم أكثر من ذي قبل إعطاء العملاء معلومات واضحة حول أدوار كل من البشر والآلات في عمليات الإنتاج.
لكن حتى في أفضل الحالات، حصاد الفواكه والخضراوات باليد صعب جسديا وعمل متكرر. ولت الأيام التي قد يفعل فيها الطلاب ذلك عرضيا في وقت الصيف بالوتيرة التي تناسبهم وهم مستمتعون بالشمس. عندما دعت المملكة المتحدة البريطانيين للعمل في المزارع في عام الجائحة 2020 للمساعدة على الحصاد، قليل فقط من استمروا في ذلك. وضع أحد المزودين 450 شخصا في المزارع، 4 في المائة فقط منهم كانوا لا يزالون يعملون بحلول نهاية الموسم.
ما الخطأ في تكليف الآلات بهذا العمل؟ قد يجادل المرء بأن الأتمتة هي كل ما يحتاج إليه القطاع، ولا سيما في دول مثل المملكة المتحدة التي قد جعلها نقص العمالة المحلية تعتمد على الواردات أو العمال المهاجرين الموسميين الذين يتم إحضارهم بتأشيرات مؤقتة ويكونون معرضين لاستغلال وكلاء التوظيف في أوطانهم.
تضاعف العام الماضي، مثلا، عدد العمال النيباليين الذين قدموا إلى بريطانيا عن طريق نظام الحكومة لتأشيرات العمال الموسمية أكثر من أربعة أضعاف، ووصل إلى 2472 عاملا، لكن هذا العام توقف المزارعون عن توظيف العمال من هناك بعد تحذيرات بأن الوكلاء في النيبال كانوا يفرضون رسوما باهظة للتوظيف. "نظرا إلى الظروف التي نمر بها الآن، فنحن نحتاج إلى زيادة الأتمتة بشدة في إنتاج المحاصيل البستانية - يجب أن تكون أفضل من استيراد عمال من الجانب الآخر من العالم وجميع المشكلات التي تترتب على ذلك"، كما يقول مارتن باتل الذي يقود مشروع "عمل أفضل" في شركة سي سي إل إيه إنفستمنت مانجمنت.
لكن قد يطول هذا الانتظار. وجدت مراجعة أخيرة أطلقتها الحكومة بشأن أتمتة البستنة في المملكة المتحدة أن هناك عددا من المعوقات التي ثنت المزارعين عن الاستثمار في التكنولوجيا بما فيها الهوامش الضيقة وعدم اليقين بشأن دخلهم المستقبلي. ذكر التقرير أن بعض أكثر التطورات الموفرة لليد العاملة قد تحتاج أيضا إلى مساعدة حكومية للخروج من "وادي الموت" - المرحلة بين الأوساط الأكاديمية والتسويق التجاري عندما يمكن أن تفشل الابتكارات بسبب نقص التمويل. كما توقع التقرير أن "الحصاد الانتقائي الذاتي" لن يكون متاحا تجاريا حتى 2030 على الأقل إذا ترك الأمر لقوى السوق.
الأمر الآخر الذي يزعجني بشأن ملصقات "حصد يدويا" هو أنها لا تعطي العميل معلومات كافية. إذا كنت ستوضح نقطة بشأن استخدام العمالة البشرية، أليس من المفترض عليك أيضا تزويد تفاصيل عن الأجور والظروف التي يعمل فيها هؤلاء الأشخاص؟
أرسلت بريدا إلكترونيا لـ"كو أوب"، المتجر المعني، يحتوي على بعض الصور للكوسا الإسبانية والقرع الجواتيمالي والبازلاء الصينية التي عليها ملصقات "حصد يدويا" لكي أسأل عن معلومات حول مورديها. لم يعطني "كو أوب" أي تفاصيل عن المورد لكن أرسل لي البيان التالي، "عبارة حصد يدويا مطبوعة على عدد قليل من المنتجات الطازجة لإعلام العميل بأن المنتج لم يتضرر أثناء عملية الحصاد. أولويتنا دائما الاعتناء بالأشخاص الذين يحصدون هذه الخضراوات في سلسلة إمدادنا، ولدينا دور رائد وفاعل في مجموعات الصناعة، الذي أسسناه لتعزيز الحرص والمساعدة على حماية سلامة العمال ورفاهيتهم وظروف عملهم".
"كو أوب" عضو في مبادرة التجارة الأخلاقية أيضا، التي أخبرتني أن المتجر كان "فاعلا" في المبادرات التي تحسن ظروف العمل في سلاسل الإمداد، و"يعد في وضع جيد مقارنة بالآخرين من ناحية الشفافية".
مع ذلك، إذا كان استخدام العمالة البشرية سيصبح نقطة إيجابية في التسويق في عصر الأتمتة المتزايدة، أعتقد أنه يجب أن تكون هناك قواعد أساسية. لا تتفاخر بعمل الأيادي البشرية حتى تعطي العميل مزيدا من المعلومات عنهم. إذا جعلت الأيادي مرئية وأخفيت بقية جسد العامل، فذلك يبدو لا إنسانيا أكثر من عدم ذكرهم مطلقا.