الفائدة المرتفعة تهز سوق القروض غير المرغوبة .. التعثر يزداد
ارتفعت حالات التخلف عن السداد في سوق القروض غير المرغوبة في الولايات المتحدة التي تبلغ قيمتها 1.4 تريليون دولار ارتفاعا حادا هذا العام، حيث أدت حملة رفع أسعار الفائدة القوية من جانب الاحتياطي الفيدرالي إلى زيادة الضغط على الشركات الخطرة بتكاليف اقتراض "عائمة".
كانت هناك 18 حالة تخلف عن السداد في سوق القروض الأمريكية بين الأول من كانون الثاني (يناير) ونهاية أيار (مايو) بإجمالي 21 مليار دولار - وهو أكبر من حيث العدد والقيمة الإجمالية مقارنة بـ2021 و2022 مجتمعين، وفقا لتحليل جولدمان ساكس لبيانات من شركة بيتش بوك إل سي دي.
شهد مايو وحده ثلاث حالات تخلف عن السداد بلغ مجموعها 7.8 مليار دولار - أعلى مبلغ شهري بالدولار منذ أعماق أزمة كوفيد - 19 قبل ثلاثة أعوام.
تؤكد حالات الفشل الضغط الذي يمارس على الشركات ذات التصنيف المتدني التي تحمل أكواما من الديون الضخمة، حيث تتحمل وطأة السياسة النقدية المتشددة من البنك المركزي الأمريكي لكبح التضخم المرتفع.
قال لطفي القروي، كبير محللي الائتمان في جولدمان ساكس، "هناك صدمة في السداد تتكشف بين أضعف المصدرين في سوق القروض".
استخدمت كثير من الشركات المصنفة على أنها "غير مرغوبة" قروض الرفع المالي - ديون بتكاليف اقتراض عائمة تتحرك مع أسعار الفائدة السائدة - عندما خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة إلى الصفر تقريبا في ذروة أزمة كوفيد. تضاعف الإصدار تقريبا بين 2019 و2021 إلى 615 مليار دولار، بحسب بيانات من "بيتش بوك إل سي دي".
مع ذلك، رفع الاحتياطي الفيدرالي "النطاق المستهدف" لأسعار الفائدة إلى 5 في المائة وإلى 5.25 في المائة في أكثر من 14 شهرا بقليل. أدى ذلك إلى جعل المقترضين يواجهون مدفوعات أسعار فائدة أعلى بكثير، تماما كما يهدد تباطؤ النمو الاقتصادي بضغط الأرباح.
أضاف القروي أن هذا المزيج "يمثل مشكلة حقيقية للشركات التي لديها جزء كبير من التزاماتها في شكل أسعار فائدة عائمة".
من بين الشركات التي تخلفت عن السداد هذا العام للمرة الأولى، حسب تصنيف وكالة موديز، مجموعة الإعلانات السينمائية ناشونال سينميديا وشركة تزويد خدمات البنية التحتية كوالتيك. بعض الشركات التي تخلفت عن السداد في 2023 قد تعثرت بالفعل في السابق، مثل شركة إنفجين هيلث كير وشركة صناعة المراتب سيرتا سيمونز.
تعتمد كثير من الشركات ذات التنصيف غير المرغوب الآن على قروض الرفع المالي باعتبارها مصدرا مهما للتمويل - تضخمت فئة الأصول إلى حجم سوق السندات غير المرغوبة نفسه تقريبا.
توقع محللو البنوك ووكالات التصنيف أن ترتفع حالات التخلف عن السداد بشكل أكبر مع تحول توقعات السوق إلى بقاء أسعار الفائدة أعلى لفترة أطول ومع بدء الآثار المتأخرة للارتفاعات المتتالية في أسعار الفائدة بالظهور.
يلقي التهديد بظلاله على المستثمرين الذين يحملون ديونا شديدة الخطورة بشكل خاص في سيناريو يهدد بتأجيج مزيد من عمليات خفض التصنيف وإعادة الهيكلة والإفلاس في الوقت الذي يكافح فيه المقترضون للحصول على تمويل جديد.
انخفض إصدار القروض انخفاضا حادا في 2022 وكان شحيحا هذا العام لأن معظم الشركات لا تحتاج إلى النقد بشكل ملح، بعد ملء خزائنها وتأجيل مواعيد الاستحقاق بينما كان المال رخيصا.
ما يزيد الوضع تعقيدا أن أكبر مشتري قروض الرفع المالي - المعروفة باسم "التزامات القروض المضمونة" - غير قادرين على الاحتفاظ بمبالغ كبيرة من الديون شديدة الخطورة بسبب آليات الأمان في هياكل رأس المال الخاصة بهم. لديهم سقف نموذجي يبلغ 7.5 في المائة من أصولهم للقروض من فئة التصنيف CCC.
إذا تم تخفيض تصنيف ائتمان مزيد من الشركات إلى CCC، فيمكن أن يؤدي ذلك إلى عملية تقطع التدفقات النقدية إلى أدنى درجة من المستثمرين في هيكل التزامات القروض المضمونة من أجل إعادة توجيه الأموال إلى المستثمرين في أعلى سلم التزامات القروض المضمونة.
قال درو سويني، مدير محفظة القروض في شركة إدارة الأصول تي سي دبليو، إنه لا يزال هناك طلب على القروض منخفضة الجودة ذات تصنيف B، مشيرا إلى أن التصنيف أعلى من مستوى CCC بقليل. لكن المستثمرين "يجب أن يكون لديهم بعض الثقة بأن هذه لن تكون القروض الأكثر احتمالا لخفض تصنيفها الائتماني".
إن تقديرات السوق لحالات التخلف عن السداد آخذة في الارتفاع، رغم أن التوقعات تختلف اعتمادا على اتساع نطاق القروض، وتعريفات التخلف عن السداد، والتوقعات الاقتصادية المختلفة.
بالنسبة إلى الـ12 شهرا حتى مايو 2023، بلغ معدل التخلف عن سداد القروض 1.58 في المائة، وفقا لـ"إل سي دي" - ارتفاعا من 1.31 في المائة في نيسان (أبريل) وأعلى رقم منذ مايو 2021.
أشار القروي إلى أن حالات التخلف عن السداد كانت قليلة نسبيا في 2021 و2022، لذا يمكن للسوق ببساطة أن تعود "إلى طبيعتها".
لكن حالات التخلف عن سداد القروض لا تزال ترتفع بوتيرة أسرع من حالات التخلف عن سداد سندات الشركات، التي لديها معدل كوبون ثابت وبالتالي فهي أبطأ في الشعور بتأثير تغييرات سياسة الاحتياطي الفيدرالي.
وفقا لتحليل جولدمان لبيانات وكالة موديز، فإن معدل التخلف عن السداد السنوي للسندات غير المرغوبة في الولايات المتحدة في الأشهر الثلاثة حتى 30 أبريل بلغ 3 في المائة - ثابتا منذ شباط (فبراير) وبزيادة طفيفة فقط من 2 في المائة العام السابق. في المقابل، بلغ مقياس التخلف عن السداد نفسه للقروض 6 في المائة في أبريل، ارتفاعا من 2 في المائة في العام السابق.
علاوة على ضغوط أسعار الفائدة، فإن "جودة ائتمان القروض أقل من السندات"، كما أشار جون ماكلين، مدير محفظة في شركة برانديواين جلوبال إنفستورز.
تعتقد وكالة التصنيف إس آند بي أن معدل التخلف عن سداد القروض لمدة 12 شهرا قد يرتفع إلى متوسطه طويل الأجل البالغ 2.5 في المائة بحلول مارس المقبل، مرتفعا من 1.42 في المائة في أبريل 2023. لكن في سيناريو متشائم، فإن عدد "المقترضين المتعثرين يمكن أن يرتفع وتظل تحديات الائتمان قائمة - ما يعني أنه "لا يمكن لكثير من جهات الإصدار الوصول إلى رأس المال".
قال سويني من "تي سي دبليو"، إن بعض الشركات التي لديها آفاق قوية ستظل تجد مقرضين راغبين.
كما أضاف أن شركات الأسهم الخاصة، التي تدعم كثيرا من مصدري القروض، لن "تنسحب من استثمار رأس المال عندما تعتقد أنه يمكن أن يكون ذا قيمة أكبر بكثير - وبالتالي تسهم بقدر معين من رأس المال، ثم تمر عبر عملية تعديل وتمديد".