"وجها لوجه مع داعش" .. بحث ميداني يحكي أحداثا لم ترو

"وجها لوجه مع داعش" .. بحث ميداني يحكي أحداثا لم ترو
رولا الخطيب
"وجها لوجه مع داعش" .. بحث ميداني يحكي أحداثا لم ترو

من رحم الحدث، ومن أفواه الناس، من أوجاع الطفولة وظلم النساء، انطلقت الباحثة الميدانية والصحافية رولا الخطيب في كتابها الأول الذي صدر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث في دبي تحت عنوان "وجها لوجه مع داعش"، تروي من خلال صفحاته أعواما من العمل الميداني، جمعت خلالها قصصا وأحداثا حقيقية ومقابلات عايشتها خلال تلك الفترة.
دونت المؤلفة تجربتها الميدانية في تغطيتها الإعلامية، للحرب على تنظيم داعش، وتنوع الكتاب في مضامينه بين العمل البحثي العلمي، والبحث الميداني، حيث استقصى الكتاب الاستراتيجية العسكرية التي أطلقها التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، وفاعليتها، ويحلل نتائجها الناجعة.

بداية السرد حول التنظيم
تقول في مقدمة الكتاب، "ما إن هبت رياح ما عرف بالربيع العربي عام 2011 حتى عاود تنظيم الدولة الظهور مجددا وبدأ يعيد ترتيب صفوفه مستفيدا من الأوضاع الهشة والمربكة، ومن اتساع رقعة عدم الاستقرار في العراق وسورية، فأقدم على شن سلسلة من الهجمات الإرهابية لرص صفوفه وبث الرعب في معسكر أعدائه".
وتكمل في سرد نتيجة أبحاثها الميدانية عن التنظيم، والتي جاءت ليست من اهتمام شخصي فقط بل لقد استحوذت الإشكاليات المعقدة التي تكتنف تنظيم الدولة في العراق وسورية على اهتمام الأكاديميين وصناع القرارات السياسية على حد سواء، لذلك يستقصي الكتاب استراتيجية التدخل العسكري التي أطلقها التحالف بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية، ويضعها تحت مجهر التحليل والدراسة المدعمة بالحقائق، لتقرير ما إذا كانت استراتيجية فاعلة أم أنها أفضت إلى نتائج عكسية وتأثيرات سلبية.

مقابلات داعمة
ولتدعيم كتابها أجرت الخطيب مقابلات مع باحثين متخصصين في الاستراتيجيات الأمنية، وقادة عسكريين رفيعي المستوى، وسجناء من قادة تنظيم داعش الإرهابي وعناصره، مثلت كلها شهادات، اعتمد عليها الكتاب، لرواية أحداث لم ترو.
كما وصممت استبيانا إلكترونيا لاستطلاع الآراء عن طريق الإنترنت، انطوى على استخدام أسلوب الاستبيان المغلق ذي الأسئلة البحثية الثنائية محددة الإجابة - كأن يكون الجواب بنعم أو لا- للحصول على معلومات كمية عن موضوع البحث، ولتحليل الاستنتاجات على وجه السرعة، وأدلى معظم من استجابوا للاستبيان ومن أجابوا عن الأسئلة الواردة فيه، ومن أجريت معهم المقابلات الشخصية بوجهات نظرهم، وأبدو آراءهم بشأن تداعيات التدخل العسكري في سورية والعراق لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، وعما إذا كانت تلك الاستراتيجية قد أفضت إلى القضاء على التنظيم وطي صفحته الأخيرة بعد الإطاحة به، أم أنها أدت عوضا عن ذلك إلى ظهور أجيال جديدة من المقاتلين التابعين له والمدافعين عنه.

خبرات بحثية وأكاديمية مع نفحة صحافية
في كتابها وجها لوجه مع داعش، سعت المؤلفة إلى الاستفادة من خبرتيها البحثية والأكاديمية والصحافية والميدانية، إذ تعمل في شبكة قنوات العربية منذ 12 عاما، فهي مراسلة حرب وغطت عديدا من الاضطرابات في مناطق النزاع، إذ ذهبت إلى سورية والعراق وكردستان وليبيا، وغطت في أفغانستان مرتين، واستشفت أن الإشكاليات المعقدة التي تكتنف تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسورية استحوذت على اهتمام الأكاديميين وصناع القرارات السياسية على حد سواء، كما دفعت كلا الطرفين إلى الانخراط في سجال محتدم حول صياغة استراتيجية لمحاربة التنظيم في العراق وسورية.
وبعد تجربتها الدقيقة في تغطية تنظيم داعش ومخيم الهول، وجدت أن بين يديها تجربة غنية منحتها إياها القراءة والمتابعة والدراسة من جهة، والترحال المضني بين الجبهات والحواجز والجبهات من جهة أخرى، لذلك تنوع الكتاب في مضامينه حتى ليشبه رواية ملحمية لا يصدق أحداثها إلا من عاشها، وضعت للقارئ نافذته ليطل على الجغرافيا الملتهبة، للرمال الزاحفة بفعل الجحافل الإرهابية والألوية الدموية.

أهمية الكتاب للناشر
وقدم الكتاب، الكاتب والمستشار في مركز المسبار فهد الشقيران، حيث يقول عن أهمية الكتاب، إنه لا يقتصر على المتخصصين، بل من الضروري نشره في جميع الأصقاع لسماع شهادة دقيقة وحية نقلتها لنا المؤلفة من مواقع الحدث، من أفواه الناس من النساء المكبلات، أو اللواتي كبلن أنفسهن، من أوجاع الطفولة، إن الكتاب رسالة إنسانية ضد الإرهاب والعنف في العالم، مبينا أن المؤلفة فتحت للقارئ نافذة ليطل على الجغرافيا الملتهبة للرمال الزاحفة بفعل الجحافل الإرهابية والألوية الدموية. لمحات تاريخية لنزاعات مشتبكة استثمرها تنظيم داعش، إضافة إلى تفوق كبير من المؤلفة في استباق الأحداث بتحليلات بديعة، ونفائس في الربط والتأمل اختص بها هذا الكتاب. لافتا أن الكتاب مزج بين البحثي والميداني بين السياسي والإنساني وتنقلت بالقارئ من درجة إلى أخرى نحو مشهد مختلف قد يكون شاهد لقطاته على الشاشات، وإنما يقرؤه هنا بالتفاصيل بالحكايات الموثقة بتحليل دقيق وشجاعة متوثبة، إن المؤلفة نموذج حقيقي للشجاعة الفكرية والميدانية، قلما نعثر على تجربة بمثل هذا الثراء في المكتبات.

سبعة أعوام لإنجاز الكتاب
تقول الكاتبة رولا الخطيب في حديث خاص مع "الاقتصادية" "إن الكتاب هو عبارة عن دراسة لمكافحة الإرهاب، صدر عن دار المسبار المتخصص في مكافحة الإرهاب والتطرف"، وأضافت، "إن مضمون الكتاب لا يقتصر على الجولات الميدانية، بل هو بحث شامل ومتكامل عن مواجهة الإرهاب والتطرف".
وكشفت عن المدة التي استغرقها كتابة هذا الكتاب وهي سبعة أعوام، حيث بدأت 2015، من بداية تغطيتها لحرب تنظيم داعش في العراق وسورية، ومع كل سفرة كانت تضيف تفاصيل ميدانية وتكشف الخبايا من تلك الحرب.
وعن طابعه البحثي تقول الخطيب، "لكي أضع بصمة بحثية على الكتاب، وتوثيقه من النواحي القانونية والقضائية، درست في جامعة السوربون ماجستير قانون دولي وماجستير أمن دفاع دولي لتدعيم البحث الميداني بالقانون، ما نتج عن ذلك كتاب متكامل يحمل رسالة إنسانية ضد الإرهاب والعنف في العالم".
يذكر أن رولا الخطيب هي إعلامية وباحثة لبنانية من مواليد الكويت، تحمل شهادة الماجستير في القانون الدولي والعلاقات الدولية، تخصص الدفاع والأمن الدولي من جامعة السوربون في أبوظبي، كما تحمل شهادة في الإعلام من الجامعة اللبنانية في بيروت، خلال رحلتها في المجال الإعلامي عملت مراسلة في العاصمة الأمريكية واشنطن، كما واكبت على الأرض عديدا من الأحداث العالمية من لبنان وأفغانستان إلى بنجلادش وسورية والعراق وليبيا وأوروبا وصولا إلى الحرب الأوكرانية وأبرزها كان الحرب على تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسورية.

سمات

الأكثر قراءة