كيف ستواجه «وول ستريت» قواعد قانون ميفيد؟

كيف ستواجه «وول ستريت» قواعد قانون ميفيد؟

لطالما اشتكت البنوك والشركات في جميع أنحاء العالم من امتداد التنظيم الأمريكي خارج حدوده الإقليمية، وأنها مجبرة على تبني قواعد وضعت في واشنطن. والآن تلعب وول ستريت دور الطرف المتضرر.
في الشهر المقبل، ستسعى البنوك وشركات الوساطة الأمريكية التي لديها عملاء أوروبيون جاهدة للتعامل مع فقدان "تصريح مرور مجاني" أمريكي كان يحميها من الآثار التنظيمية في الداخل المترتبة على اتباع قواعد الاتحاد الأوروبي بشأن كيفية دفع العملاء تكاليف أبحاثها.
أدخل الاتحاد الأوروبي ما يسمى قواعد ميفيد في 2018، ما أدى إلى تغيير أساسي في الطريقة التي تعمل بها شركات الوساطة. في الولايات المتحدة، عادة ما يتم جمع الدفع مقابل خدمات البحث -التقارير المكتوبة ولكن أيضا مسائل مثل مؤتمرات الصناعة والوصول إلى المديرين التنفيذيين للشركة- مع تكاليف التداول. "يدفع" العملاء مقابل البحث عن طريق توجيه التداولات والعمولات المرتبطة بها عبر وسطاء مختارين.
كانت هذه هي الحال في أوروبا أيضا، حتى 2018 قبل أن يفصل ميفيد "توجيه الأسواق في الأدوات المالية" بين الاثنين ويجبر المستثمرين على الدفع مقابل البحث مباشرة. كان الهدف من الفصل هو إنهاء ما خشي منه البعض، علاقات مريحة جدا بين البنوك ومديري الصناديق حجبت التكاليف وماهية الخدمات التي يدفع العملاء النهائيون ثمنها بالتفصيل.
واحدة من المشكلات الرئيسة في وول ستريت مع الفصل هي اللوائح التنظيمية الأمريكية القائمة منذ فترة طويلة التي تتطلب من أي طرف يبيع الأبحاث التسجيل بصفته مستشارا استثماريا، ما يتضمن مجموعة إضافية كاملة من القواعد. والآن، إعفاء مدته خمسة أعوام من المنظمين الأمريكيين لحماية البنوك من الاضطرار إلى فعل ذلك على وشك الانتهاء. في أحسن الأحوال، يعد التسجيل كمستشار استثماري عملية صعبة. وفي أسوأ الأحوال، سيؤثر ذلك في العمليات المصرفية الاستثمارية الأخرى.
هذا الأسبوع، قال جاري جينسلر رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات للصحافيين "إن الصناعة لا ينبغي أن تتوقع تأجيلا. قليلون كانوا يتوقعون التأجيل، لكن لا يوجد مسار واحد يتبعه الوسطاء إذا كانوا يريدون تجنب التسجيل كمستشارين استثماريين".
قال ستيف ستون، شريك في شركة مورجان لويس للمحاماة يقدم المشورة لبعض العملاء بشأن آثار انتهاء صلاحية الإعفاء "إن السعي كلمة جيدة. الشركات في مراحل مختلفة جدا من الاستعداد".
أجندة جينسلر النشطة كثيرا ما تجعله الشرير بالنسبة إلى المديرين التنفيذيين في وول ستريت، لكن في هذه الحالة يمكن لهيئة الأوراق المالية والبورصات أن تشير إلى حقيقة أنها أعطت الصناعة إخطارا قبل عام. كما أنها ليست فوضى من صنعها، بل هي ناتجة عن تغيير قواعد الاتحاد الأوروبي. والبنوك ليست متحدة بشأن كيفية التعامل مع هذه الأمور: سجل كل من بنك أوف أمريكا وجيفريز وحدات استشارة استثمارية عندما أدخل "ميفيد"، ما يثبت أنه يمكن فعل ذلك دون تقييد الأنشطة المصرفية الاستثمارية.
لكن بالنسبة إلى شركات الوساطة، فإن إعادة تنظيم الهياكل المعقدة لمجرد ملاءمة قاعدة أجنبية أمر محبط عندما لا يتغير أي من الأنشطة التي يشرفون عليها بالفعل. "التسجيل بصفتها مستشارة استثمارية لن يمنح المستثمرين أي حماية إضافية، لأن هذه الشركات بالفعل منظمة للغاية"، كما قال أحد الأشخاص المشاركين في مناقشة الصناعة.
لا يحدث أن يتم إنشاء بنكين متماثلين تماما أيضا. لدى البعض محللو تداول يحظون بتقدير كبير ولا يتناسب عملهم مع نموذج الأبحاث التقليدي. يشعر آخرون بالقلق من أن بعض تداولات العملاء ستخالف أي حظر استشاري على تداول خاص. ويقول مستشارون "إن البعض لديهم وحدات أوروبية قد يتمكنون من خلالها من فرض رسوم على العملاء". ومع ذلك، قد يضطر آخرون إلى ترك بعض العملاء.
المستثمرون مختلفون أيضا. دعاة فك ارتباط المدفوعات يشعرون بفرصة لفصل التداول عن البحث في الولايات المتحدة أيضا -وهي قضية دافعوا عنها منذ السبعينيات- لأنها ستجعل التكاليف أكثر شفافية. ويمكن أن يساعد أيضا المستثمرين متوسطي الحجم الذين لن يكونوا أبدا عملاء كبارا لأمثال "جولدمان ساكس"، لكنهم يرغبون في شراء أبحاثه مباشرة والتداول مع وسيط صغير سيكونون مهمين له. وآخرون، بعد أن ضبطوا الأمور في 2018 للتماشي مع "ميفيد"، يريدون ببساطة معرفة مكان إرسال شيكاتهم بعد الثالث من تموز (يوليو).
في تطور يبقي القضية حية، وافقت لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب الأمريكي الشهر الماضي على مشروع قانون من الحزبين من شأنه تمديد الإعفاء لمدة ستة أشهر وإجبار هيئة الأوراق المالية والبورصات على إعادة النظر في الأمر، والنظر في تأثير "ميفيد" في السوق الأمريكية. وفي حين إنه من غير المرجح أن يصبح قانونا قبل الموعد النهائي، فإنه يمكن أن يكون قانونا في الأشهر المقبلة.
دعت جمعية الصناعة الأمريكية "سيفما" هيئة الأوراق المالية والبورصات مرارا وتكرارا إلى تمديد إعفائها وأشارت إلى مقترحات أوروبية من شأنها أن تسمح ببعض "إعادة جمع المدفوعات" بسبب الاعتقاد بأن وجود عدد أقل من المحللين الذين يبيعون الأبحاث أضر بالشركات الصغيرة. خفض المستثمرون الأوروبيون ميزانيات الأبحاث في أعقاب "ميفيد" بنسبة 30 في المائة، وفقا للأرقام البريطانية، وأكثر من النصف، حسب التقديرات الفرنسية. رغم ذلك، وجدت ورقة بحثية صادرة عن هيئة الأوراق المالية والبورصات في 2022 أن تأثير "ميفيد" في التغطية كان "غير حاسم أو غير واضح أو يصعب عزله".
هناك مفارقة واضحة في تذمر وول ستريت من تجاوز الحدود الإقليمية. لكن مثل البنوك الأوروبية التي تعمل في الولايات المتحدة، هناك خيارات قليلة.

الأكثر قراءة