ماذا يظن الرؤساء عن قطع الاتصال بالعمل؟
يستطيع الموظفون تجاهل رسائل البريد الإلكتروني ورسائل الهاتف من رؤسائهم في الليل وخلال عطلة نهاية الأسبوع بموجب سياسة اقترحتها أنجيلا راينر، نائبة زعيم حزب العمال المعارض في المملكة المتحدة. فعلى عكس فرنسا وإسبانيا وأيرلندا، حيث توجد حدود رسمية للاتصال عبر الوسائل الإلكترونية خارج ساعات العمل، لا يوجد حق لقطع الاتصال بالعمل في المملكة المتحدة. بدلا من ذلك، تأتي حماية العاملين من خلال "فرض حدود لوقت العمل، والحق في أخذ فترات راحة منتظمة، والحق في احترام الحياة الخاصة والعائلية، وواجب صاحب العمل في رعاية صحة العمال وسلامتهم"، كما تقول كلوي هولز، وهي مساعدة متخصصة في ممارسات التوظيف في شركة لينكليترز للمحاماة.
يقول مؤيدو القوانين التي تمكن العمال من قطع الاتصال إن ضغوط البقاء على اتصال مع أصحاب العمل قد اشتدت منذ أدت الجائحة إلى زيادة العمل من المنزل. يقول جون بويز، الاقتصادي في حزب العمال في منظمة معهد تشارترد للأفراد والتنمية، "سي آي بي دي"، لمتخصصي الموارد البشرية، إن المديرين والموظفين المهنيين "يتم الاتصال بهم كثيرا خارج ساعات العمل"، وهي مقايضة للمكانة والأجور، التي تتناسب مع وظائفهم.
تتوافر تفاصيل قليلة حول مقترحات حزب العمال حتى الآن. يقول ويل سترونج، مدير الأبحاث والسياسات في مؤسسة أوتونومي البحثية، إن معاقبة أصحاب العمل على انتهاك الحق في قطع الاتصال سيرسل "إشارة قوية"، ويمكن أن يساعد على الحد من "العمل غير المدفوع أو غير المنصوص عليه في عقد". لكن أندرو باكس، نائب الأمين العام لنقابة بروسبيكت للعلوم والهندسة، التي توصلت إلى اتفاق مع الخدمة المدنية الاسكتلندية بشأن هذه القضية، يشعر بالقلق إزاء القوانين الإلزامية. يقول: "نريد أن نرى أصحاب العمل يناقشون مسألة الحدود الرقمية مع الموظفين، ويفكرون في التأثيرات الرقمية الناجمة عن توقعاتهم الدورية بأن يعمل الموظفون عندما لا يكونون في وقت الخدمة، أو الاتصال بهم بانتظام عندما لا يكونون في مناوبة".
يخشى بعضهم من أن القوانين المتعلقة بالاتصالات خارج ساعات العمل قد تؤدي إلى نتائج عكسية، تعكس المكاسب في العمل المرن. يقول ماثيو جودارد، العضو المنتدب في شركة أورجانيكس لأغذية الأطفال، ينبغي أن يترك الأمر للشركات لوضع سياساتها الخاصة. "إن العولمة تعني أن وتيرة العمل من 9-5 لم تعد فعالة أو ممكنة لكثير منا".
عندما تضع الشركات سياستها الخاصة، فإنها لا تسير بالضرورة على نحو جيد. الموظفون في شركة فولكس فاجن الألمانية لصناعة السيارات يشعرون بأن سياستها الخاصة بهاتف العمل، التي من خلال "قفل الخادم" تغلق وصول الموظفين إلى رسائل البريد الإلكتروني على هواتف العمل عندما يكونون خارج ساعات العمل الاعتيادية، قد صعبت العمل المرن. ويتم تطبيق الحجب، الذي تم استحداثه في 2011، بين الساعة 6.15 مساء و7.00 صباحا.
في الممارسة العملية، ربما تكون القوانين مرنة، في فرنسا، مثلا، الشركات الصغيرة معفاة، وعلى نطاق واسع، يعمل القانون على تسليط الضوء على المشكلة بدلا من معاقبة أصحاب العمل.
تحدثت "فاينانشيال تايمز" إلى المديرين حول ممارسات عملهم وآرائهم حول التشريعات.
في 2020، عندما كان يعد ثاني أكبر بنك في أيرلندا، كان "أيه آي بي" أول شركة في الدولة تفرض الحق في قطع الاتصال. لكن كولين هانت، الرئيس التنفيذي لبنك أيه آي بي، يقول إن العمل على قطعه لا يزال جاريا.
يعترف: "أبذل قصارى جهدي للمحاولة"، ويخصص هانت وقتا للمناسبات المدرسية المهمة لأطفاله الثلاثة، الذين تراوح أعمارهم بين 10 و14 عاما. يقول: "يتم التعامل معها على أنها اجتماعات مهمة جدا".
يجدول هانت العطلات عموما خلال الفترات الأكثر هدوءا في العام، ويحاول قطع الاتصال تماما باستثناء "المناسبات" عندما يتعين عليه إجراء مكالمة.
خلال الأسبوع، يعمل عادة 12 ساعة في اليوم "مشغولة جدا"، "لكن عندما أصل إلى المنزل، أحاول أن أترك العمل ورائي. أحاول أن أضع خطا فاصلا بارزا".
يقول هانت إن الاتصال بالموظفين خارج ساعات العمل يعتمد على وظائفهم. "إذا كنت بحاجة ماسة إلى التحدث لأحد أعضاء اللجنة التنفيذية خارج ساعات العمل، فسأفعل ذلك. وفي الحالات النادرة التي أحتاج فيها إلى الاتصال بهم، فسأتصل بالهاتف وليس على البريد الإلكتروني".
يهدف هانت إلى إبقاء نهاية أسبوعه خالية من العمل، على الرغم من أنه يعترف بأنه: "إذا كان لا بد من التعامل مع مسألة ما، فإن فريقي لديه طرائق لضمان إمكانية التواصل معي".
اعتاد مايكل جينور، الرئيس التنفيذي لشركة تويوتا للخدمات المالية في أيرلندا، أن يستيقظ في منتصف الليل ويكتب ملاحظة أو يرسل لنفسه بريدا إلكترونيا خوفا من نسيان شيء مهم في العمل.
الآن أدرك أنه "لا يستطيع حل مشكلة في الساعة الـ11 مساء أو الرابعة صباحا، لقد دربت نفسي على عدم التفكير في الأمر إلا بعد أن أستيقظ".
يقول إن عليه تشجيع الموظفين على العودة إلى منازلهم من المكتب "دائما". "أحتاج إلى أن أكون على دراية بالسبب الذي يجعل شخصا ما يعمل في وقت متأخر (...)لأنه ليس شيئا نريد أن يعتاد عليه الناس".
مارس جينور ما يدعو إليه حتى قبل أن تستحدث أيرلندا تشريع "الحق في قطع الاتصال" في 2021، إلى حد كبير لقضاء بعض الوقت مع طفليه، اللذين تبلغ أعمارهما تسعة أعوام و12 عاما، ولأنه يولي أهمية كبيرة للصحة العقلية والرفاهية لنفسه ولموظفيه. يقول: "لكل شخص الحق في التحرر من العمل والخروج منه تماما".
رغم عمله في شركة يابانية -تشتهر اليابان بموظفي المكاتب الذين يعملون لساعات طويلة- وإدارة فارق التوقيت البالغ ثماني ساعات مع زملائه هناك، يلتزم جينور بضمان أن يأخذ هو وموظفوه وقتا لأنفسهم.
يتلقى الموظفون الذين يحاولون إرسال رسائل بريد إلكتروني خارج ساعات العمل العادية مطالبة تقترح عليهم جدولة وقت وصولها خلال يوم العمل. يقول جينور: "إن مدير العمليات لدي في إجازة سنوية في الوقت الحالي(...)لقد قمت بضبط المؤقت على عدم وصول رسائل البريد إلى صندوقه الوارد في الساعة الـ9 من صباح الأربعاء، حين عودته إلى المكتب كما أعلم، وقتها لتصل على مدار اليوم".
قد يلقي نظرة على رسائل البريد في المساء. "إذا كان هناك شيء مهم، فسأتصل. لكن خلاف المهم، أنا بالتأكيد لا أرد، ليس بعد ذلك الوقت".
تتوقع إيزي أوبينج، المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة فاوندرفين، أن يكون الزملاء الـ 25 في شركتها الاستشارية الصغيرة التي تتخذ من لندن مقرا لها "متاحين بحدود المعقول"، وتقول إن الشركة، التي تساعد الشركات الناشئة، تقدم "برامج كثيرة خارج ساعات العمل التقليدية". لكن تركيزها ينصب على "التحلي بالمرونة". يمكن للموظفين الآباء والأمهات الحضور في وقت لاحق، وفي المقابل، سيردون على رسائل البريد في المساء.
تشير إلى أن القواعد أكثر ملاءمة لـ "بيئات الشركات التقليدية، حيث يعمل الناس من 9 إلى 5". وتقول إن شركات التكنولوجيا والشركات الناشئة يجب أن تكون أكثر ذكاء. "فأنت تطارد الفرص. وعلى الأغلب لا تملك الموارد التي تمتلكها منظمة أكبر. يعمل الناس في أدوار متعددة. قد يحتاجون إلى أن يكونوا متاحين أكثر".
مع ذلك، فهي تشجع الموظفين على التعريف بأسلوبهم المفضل للتواصل، ربما المكالمات الهاتفية أو رسائل منصة سلاك، ومشاركة الأوقات التي يكونون غير متاحين فيها. يوصل أحد الزملاء أطفاله إلى المدارس ويسجل دخوله لاحقا. وآخر يحب قضاء بعض الوقت في الأسبوع والعمل نهاية الأسبوع. يعبئ الموظفون أوراق الوقت حتى يتمكن المديرون من اكتشاف العمل الزائد. تقول أوبينج: "لدينا ثقافة أنه يمكن للموظفين أن يأخذوا إجازة بدلا عن العمل الإضافي".
عندما يتعلق الأمر باستخدامها الشخصي للتكنولوجيا، تقول: "تفكر في التوازن بين العمل والحياة بطريقة مختلفة بصفتك رائد أعمال. العمل والحياة ليسا شيئين منفصلين".
تشعر داني هارمر، الرئيسة التنفيذية لشؤون الموظفين في أفيفا للتأمين، بالقلق من أن أي تشريع للحق في قطع الاتصال سيكون بليغا جدا للشركات التي تعمل عبر المناطق الزمنية أو تستجيب لطلبات العملاء على مدار 24 ساعة. يجب أن يوضح "المشكلة التي نحاول حلها".
ليس لدى "أفيفا" سياسة رسمية بشأن التواصل خارج ساعات العمل، وتقول هارمر إن الموظفين يسترشدون بثقافة الشركة، والتي تولي لها الأولوية. "من النادر جدا أن أرى رسالة بريد إلكتروني من الرئيسة التنفيذية للشركة في عطلة نهاية الأسبوع. إذا اتصلت بنا، فذلك لأننا بحاجة إلى الاتصال أو سنعلق في مشكلة".
تقول هارمر إن أصحاب العمل بحاجة إلى مناقشة التوقعات حول العمل المرن. "ليس من الصحي أن تكون موجودا دائما. هناك قدر من التفاهم. أكره أن يشعر شخص ما أنه لا يستطيع الاتصال برئيسه لطلب المشورة".
إذا أرسل شخص ما في فريق هارمر بريدا إلكترونيا في وقت متأخر من الليل، فإنها تتحقق لتسأل عن السبب. إن رسائل البريد الإلكتروني التي تقول إنه لا يوجد حاجة للرد مبكرا "تظل تضع توقعات بالرد".
يعرض "مايكروسوفت تيمز" ساعات عمل الأشخاص. "يمكنك الحصول على بيانات على مستوى الفريق لمعرفة كم من الوقت يتم قضاؤه في الاجتماعات، وعدد الساعات التي يقضيها العامل في العمل خارج ساعات العمل الرسمية، ويمكنك معرفة ما إذا كانت هناك مشكلة."
تقول ليزا كويست، رئيسة قسم المملكة المتحدة وأيرلندا في شركة أوليفر ويمان، إن أي تغييرات ينبغي أن تتم بالتشاور مع مجموعة متنوعة من الشركات لضمان عدم تأثر أي منها على نحو غير متناسب. "ما قد يصلح لإحداها قد لا يصلح لأخرى".
لم "تلاحظ حقا" قواعد الحق في قطع الاتصال في أيرلندا، حيث تشرف على الفرق الاستشارية.
هذا العام، وضعت الشركة الاستشارية إطار عمل "أحمر أصفر أخضر". كل يوم جمعة، يقيم المستشارون شدة أسبوع العمل الماضي. الأحمر يعني غير مستدام وإرساله إلى كويست لتقليل عبء العمل.
كويست تصر على أن الشركات يجب أن تصمم قواعدها الخاصة فيما يتعلق بساعات العمل. "لقد طبقنا نظام أحمر أصفر أخضر بالتشاور مع موظفينا ليكون لدينا شيء يناسب الجميع".
في حياتها الخاصة، لديها مكان عند الباب، حيث تضع هي وزوجها هواتفهما بعد الانتهاء من العمل حتى يتمكنوا من قضاء بعض الوقت مع أطفالهم الصغار، رغم أنها ستتحقق من بريدها لاحقا. لدى العملاء رقمها الشخصي حتى يتمكنوا من الاتصال في عطلة نهاية الأسبوع إذا كانت هناك أزمة. " لم يحدث هذا أبدا".