تعزيز قوة الموازنة العمومية العالمية «2 من 2»
قد تتبع ذلك عملية موازنة مطولة من تقليص المديونية وركود طويل، مع احتمال انخفاض قيمة الأسهم والعقارات الأمريكية بأكثر من 30 في المائة في القيمة الحقيقية من الآن حتى 2030. يذكرنا هذا السيناريو بما حدث في اليابان في تسعينيات القرن الـ20، بعد انفجار فقاعة العقارات والأسهم هناك.
لكن السيناريو الرابع الأكثر جاذبية، المتمثل في "تسارع الإنتاجية"، معقول أيضا. هذا هو السيناريو المعتدل المفيد للنمو والثروة، حيث تعمل مكاسب الإنتاجية الأسرع على دعم نمو الناتج المحلي الإجمالي، وتعزيز الدخول والثروة، وتـفضي إلى موازنة عمومية أوفر صحة. يتطلب تحقيق هذا السيناريو الأفضل أن يعمل صناع السياسات المالية والنقدية على إيجاد توازن دقيق، يستلزم الأمر بعض الإحكام لتخفيف التضخم، لكن الإفراط في إحكام السياسات من شأنه أن يستنفد الثروة ويتسبب في الإجهاد المالي.
سيكون الفارق بين أفضل السيناريوهات وأسوئها -من حيث النمو وصحة الموازنة العمومية- هائلا. في الولايات المتحدة، سيكون متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي في سيناريو إعادة ضبط الموازنة العمومية أقل بنحو 1.7 نقطة مئوية مقارنة بسيناريو تسارع الإنتاجية. وستكون ثروة الأسر أقل بمقدار 48 تريليون دولار.
في ظل هذه المجموعة المتنوعة من الأشكال المحتملة للمشهد الاقتصادي والمصرفي والاستثماري في المستقبل، ستواجه الشركات صعوبة غير عادية في تحديد استراتيجياتها. ولن يظل التجاوب مع التحولات في البيئة الكلية كافيا. سيكون لزاما على الشركات التخطيط لمجموعة واسعة بالقدر الكافي من النتائج، وتحديد العلامات التي قد تساعد على الإشارة إلى السيناريو الذي يتشكل، وترسيخ أساليب إدارة المخاطر ـ وكل هذا مع تعديل نماذج أعمالها والبحث عن فرص نمو جديدة.
بعبارة أخرى، يجب أن تتأكد الشركات من أنها مستعدة لأي شيء. لكن ينبغي لها أيضا أن تسعى جاهدة لتحقيق أفضل النتائج، نمو إنتاجية أعلى. ورغم أن القيام بالأمرين في الوقت ذاته لن يكون سهلا، فإنه حتمي. إذا تحركت الشركات بشكل دفاعي فقط، استنادا إلى توقع نتيجة سلبية، فقد يصبح مناخ الاستثمار معاديا.
الواقع أن توقعات تباطؤ النمو أو الركود قد تتحول إلى نبوءة تتحقق من تلقاء ذاتها. فبدلا من القيام باستثمارات قادرة على المساهمة في تحقيق نتائج اقتصادية أفضل، قد تقرر الشركات الانتظار. وقد يـفضي توقع انخفاض الأسعار من جانب مطوري العقارات، إلى تأخير المشاريع الجديدة. وقد تلجأ البنوك التي تركز على تعزيز قوة موازناتها العمومية، إلى رفع معايير الإقراض، ما يقلل من معروض الائتمان.
لتجنب هذه الدوامة، قد يسوق قادة القطاعين العام والخاص الحجج لمصلحة سيناريو تسارع الإنتاجية، فيبتكرون السياسات والاستراتيجيات الكفيلة بدعم هذا السيناريو. إن هدف زيادة نمو الإنتاجية قابل للتحقق، لكنه لن يتحقق من تلقاء ذاته.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2023.