السعودية صمام أمن الطاقة العالمي

دائما أشيد وأفاخر أن السعودية تستشرف مستقبل الطاقة بحكمة وبحصافة يشار إليها بالبنان، وتعي تماما أهمية تنويع مصادر الطاقة، ومنها الطاقة المتجددة، والنووية، وغيرهما، حيث تقوم السعودية بعمل مميز وبخطوات متسارعة نحو تحقيق هذا الهدف، وتستثمر أموالا طائلة في هذا القطاع. الجدير بالذكر أن السعودية تنظر إلى هذا التنويع بنظرة موضوعية، بعيدة كل البعد عن الأجندات السياسية والاقتصادية التي يغوص فيها مناهضو الوقود الأحفوري ومنظرو البيئة.
السعودية -في رأيي- مؤمنة بأن النفط سيظل متربعا على عرش مصادر الطاقة إلى عقود طويلة، وتعي تماما أن النفط خصوصا والوقود الأحفوري عموما، ليس حكرا على الطاقة وحسب، فله وأعني هنا النفط منتجات كثيرة جدا، وتطبيقات متعددة ومهمة جدا لا يسع المقال لذكرها. كانت السعودية وما زالت وستبقى -بإذن الله- صمام أمان الطاقة، وما سياسة إنتاجها للنفط إلا حقيقة جلية، وواقع ملموس على أرض الواقع أنها تراعي مصالح جميع الأطراف من منتجين ومستهلكين، وتقود "أوبك" للمواءمة بين العرض والطلب العالمي على النفط، للمحافظة على أسعار مناسبة تخدم الطرفين، ما يحقق الرخاء والاستقرار والنمو للجميع. تنويع مصادر الطاقة يحافظ على الثروة الناضبة من الوقود الأحفوري على المستويين الداخلي والخارجي كذلك، وأيضا في إضافة شرايين جديدة إلى الطاقة العالمية إسهام فاعل في مواكبة النمو السكاني والصناعي العالمي.
مزيج الطاقة هو ضرورة للحفاظ على المصادر الناضبة منها، وللحفاظ على أمن الطاقة العالمي، والمستقبل المحفوف بمخاطر شح الطاقة، وانعكاساته الكارثية -لا قدر الله- الذي تسير إليه بعض الدول مهرولة بلا وعي. العلاقة بين مصادر الطاقة علاقة تكاملية، إن نظرنا إليها بصورة شمولية، وليست علاقة صفرية تعني بالضرورة أن تقصي بعض مصادر الطاقة المصادر الأخرى، وليس من الموضوعية أبدا محاولة تقويض صناعة النفط، كما تسعى بعض الدول لتحقيق ذلك وتنادي به من كل منبر.
أمن الطاقة العالمي ليس موضوعا هامشيا يخضع لقرارات ارتجالية أو قرارات تخضع لأجندات ضيقة، وعليه لأنه من المؤسف والخطير أن تتخذ بعض الدول المؤثرة عالميا قرارات استراتيجية تفتقر إلى الموضوعية، وتفتقد أبجديات استشراف المستقبل، فيتعدى أثر هذه القرارات الخاطئة حدود هذه الدول ليؤثر في نطاق أوسع بكثير. لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنمو الدول بمنأى عن الطاقة، ولا يستقيم عقلا ومنطقا أن تتطور وتسعى نحو حياة أكثر مدنية واستقرارا دونها، تقع الكوارث أحيانا بسبب أخطاء سابقة في رسم الاستراتيجيات، بسبب ضعف المدخلات، أو عدم توفيق في قراءة المؤشرات، ما يؤول بطبيعة الحال إلى فشل في استشراف المستقبل، وبالتالي أضرار تقدر بقدر الأخطاء السابقة.
محاولة التقليل من أهمية الوقود الأحفوري من بعض الجهات والدول، وعلى رأسه النفط، والسعي الحثيث لتقويض صناعته، في اعتقادي، خطأ وخطر استراتيجي بمنزلة طريق سريع نحو فقر مدقع للطاقة لن يسلم كثير من تبعاته، وعلى رأسها الدول التي تنادي بذلك. عند تناول موضوع الطاقة أو مستقبلها، فلا يمكن تجاوز السعودية ودورها الرئيس والقيادي دائما كنموذج يشار إليه بالبنان، فالسعودية تسخر جميع خبراتها وإمكاناتها للتعاطي مع قضية الطاقة وقضية البيئة بتوازن مدروس دون أن يخل أحدهما بالآخر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي