قارب نجاة المعاشات التقاعدية يبحر لإنقاذ الأسهم

قارب نجاة المعاشات التقاعدية يبحر لإنقاذ الأسهم

في آذار (مارس)، توجه 16 من خيرة العقول في مدينة لندن إلى فندق ديوك في مايفير لتناول العشاء مع توم توجندهات وزير الأمن البريطاني. لم يكن موضوع المحادثة العقوبات المفروضة على روسيا أو المخاطر السيبرانية المتزايدة في العالم، بل كان المعاشات التقاعدية.
يتمتع توجندهات بالقدرة عندما يتعلق الأمر بالترويج لحملة إصلاح نظام التقاعد، فقد اتهم ذات مرة ديفيد كاميرون رئيس الوزراء آنذاك بالفشل في معالجة الرسوم الخفية الكبيرة للمخططات. في هذه المناسبة، ركز على موضوع آخر، تعاونه مع صديقه مايكل توري، وهو ممول في شركة أوندرا بارتنرز الاستشارية الصغيرة. إنهما يجادلان بأن صناعة المعاشات التقاعدية يمكن أن تصبح أكثر كفاءة وأكثر إنتاجية إذا تم دمج البرامج وتشجيعها على الاستثمار أكثر في المملكة المتحدة، في الأسهم تحديدا.
بحلول الأسبوع الماضي، تمت بلورة الفكرة، عبر معهد توني بلير، إلى اقتراح عملي لصندوق حماية المعاشات التقاعدية في المملكة المتحدة، وهو قارب نجاة لبرامج المزايا المحددة، التي تعد بدفع تعويضات للأعضاء المتقاعدين على أساس رواتب الأعضاء أثناء عملهم. يقترح معهد توني بلير أن يصبح صندوق حماية المعاشات التقاعدية أكثر من مجرد مستودع عملاق للبرامج التي تقطعت بها السبل من قبل الشركات الأم المنهارة باستثماره أيضا في الصناديق "ذات الأداء الإيجابي".
كما سيتم تشغيله بشكل أكبر وفقا لخطوط برنامج المساهمة المحددة، حيث تستند مدفوعات المعاشات التقاعدية إلى المدفوعات التي يتم دفعها في الصناديق وعوائد الاستثمار. قال المعهد "إن المقترحات ستنشئ صندوقا فعالا ذا أداء متميز، لديه القدرة على الإقدام على مزيد من المخاطر الاستثمارية وتحقيق عوائد أفضل".
تستمد الورقة الإلهام من كندا مسقط رأس مايكل توري، ببرامجها العامة والخاصة واسعة النطاق. كما أنها تحاكي التطورات في سوق معاشات تقاعدية واسعة أخرى، هولندا. فقد صوت السياسيون هناك الأسبوع الماضي لمصلحة التحول في نظام التقاعد المهني في البلاد من أنموذج المزايا المحددة إلى أنموذج المساهمة المحددة.
وهذا يتماشى مع تفكير الساسة البريطانيين أيضا. إذ يخطط المستشار جيريمي هانت لتضمين اقتراح صندوق حماية المعاشات التقاعدية في عدد من أفكار إصلاح المعاشات التقاعدية. وعلى نحو مشابه، دفعت راشيل ريفز، وزيرة خزانة الظل، بإصلاح نظام المعاشات التقاعدية. وكلاهما يعتقد أن المعاشات التقاعدية يمكن أن تستثمر أكثر في الأصول البريطانية، خاصة الأسهم.
قامت صناعة المعاشات التقاعدية بسحب استثماراتها في الأسهم البريطانية على مدى فترة طويلة. منذ 2008، وفقا لبيانات صندوق حماية المعاشات التقاعدية، خفض نظام المعاشات التقاعدية في المملكة المتحدة البالغ 1.4 تريليون جنيه استرليني تعرضه للأسهم البريطانية المدرجة من 29 في المائة من أصوله إلى 2 في المائة.
وهناك أسباب واضحة لذلك. أحدها التنويع. والآخر هو الأهمية المتنامية للأسواق الأخرى، خاصة الولايات المتحدة. لكن الأهم من ذلك كله كان إدخال قواعد محاسبية ألزمت داعمي الشركات في المخططات بحساب تقدير سريع لالتزاماتهم طويلة الأجل، باستخدام عوائد السندات الحالية. وقد حفز هذا الإفصاح الصناديق على خفض المخاطر، خاصة مدى تعرضها للأسهم.
من المقرر أن يزداد سحب الاستثمار. فنظرا إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة يقلل من الالتزامات المتوقعة، فقد أصبح نقل مخاطر تمويل الشركات التي تقف وراء برامج المزايا المحددة إلى شركات التأمين أكثر اقتصادا بالنسبة إليها.
وفقا للمستشارين لين كلارك وبيكوك، من المقرر أن يكون 2023 عاما قياسيا لعمليات الشراء الكامل والشراء الجزئي "شكل من أشكال الاستحواذ الجزئي"، بحجم متوقع للصفقات يصل إلى 60 مليار جنيه استرليني، ضعف متوسط الأعوام الأخيرة. البرامج التي تم شراؤها لا تستثمر عادة في الأسهم.
لكن هل فكرة صندوق حماية المعاشات التقاعدية هي الحل؟ ينظر إلى الصندوق على نطاق واسع على أنه نجاح. فبعد أقل من 20 عاما من إنشائه، يدير الصندوق نحو 40 مليار جنيه استرليني من الأصول نيابة عن أكثر من خمسة آلاف برنامج وحقق عوائد استثمارية قوية، متوسطها نحو 9 في المائة سنويا على مدى عشرة أعوام، مقارنة بـ6 في المائة لمتوسط مخطط برامج المزايا المحددة الصغير.
كمؤسسة غير هادفة إلى الربح، ينبغي أن يكون صندوق حماية المعاشات التقاعدية قادرا على تسعير عمليات الاستحواذ بشكل أكثر جاذبية لأمناء المعاشات التقاعدية والشركات الراعية من الشركات التجارية. كما أن احتمال بيعه الأسهم بالكامل سيكون أقل. لكن من الصعب على إقناع الأمناء، والمتقاعدين الذين يمثلونهم، التحول من بيئة برامج المزايا المحددة المضمونة.
أيا كانت إيجابيات وسلبيات فكرة صندوق حماية المعاشات التقاعدية، فإن إصلاح النظام أمر بالغ الأهمية. إذ ينبغي أن تحدث ثلاثة أشياء أخرى على الأقل. إعادة النظر في القواعد المحاسبية. وألا تنطوي أي إصلاحات على تخصيص الأصول بتوجيه من الحكومة "ولو أن الحوافز القائمة على الضرائب أو غيرها من الحوافز قد تكون فعالة". وتنفيذ خطط تخفيف بعض القيود المفروضة على الاستثمارات بموجب لوائح الملاءة 2 بعناية.
إن اهتمام توجندهات بالموضوع له دلالة: فقد يكون تصويره على أنها مسألة أمن قومي أمرا مبالغا فيه، لكن الإصلاح يجب أن يكون بالتأكيد أولوية على أساس الكفاءة الاقتصادية.

الأكثر قراءة