على جبهة معركة التضخم «3 من 3»
فيما يتعلق بسياسة المالية العامة، نحن واضحون تماما بأن سياسات المالية العامة، بما يتماشى مع إطار الحوكمة الاقتصادية في البنك المركزي الأوروبي، ينبغي أن تكون موجهة نحو جعل اقتصادنا أكثر إنتاجية والتدرج في تخفيف المديونية المرتفعة.
ومما لا شك فيه أن سياسة المالية العامة لها دور حيوي في توفير الحماية للفئات الأشد ضعفا في الاقتصاد من آثار صدمة أسعار الطاقة. وهذا لا يقتصر على كونه ضرورة حتمية أخلاقية فحسب، بل اقتصادية أيضا. لكننا واثقون أيضا أن تدابير الدعم من المالية العامة لوقاية الاقتصاد من تأثير أسعار الطاقة المرتفعة ينبغي أن تكون مؤقتة وموجهة للمستحقين ومصممة خصوصا للمحافظة على حوافز خفض استهلاك الطاقة. تحديدا، مع تراجع حدة أزمة الطاقة، من الضروري أن نبدأ الآن في التراجع عن تنفيذ هذه التدابير على الفور بما يتماشى مع انخفاض أسعار الطاقة وعلى نحو متناسق.
ومع تصاعد أسعار الفائدة تتراكم حاليا الضغوط على الأسر المعيشية في مختلف أنحاء أوروبا. يتوقع أن تقوم البنوك المركزية بأي دور في سبيل التخفيف من هذه الضغوط، أم أن ذلك أمر ينبغي تركه كلية للحكومات وسياسة المالية العامة، فكل الأسر المعيشية تفيد من استقرار الأسعار في الأجل المتوسط.
غير أن الفقراء هم الأشد تضررا من التضخم المزمن. وبالتالي فمن مصلحتنا الجماعية أن يواصل البنك المركزي الأوروبي تركيزه الأساس على إعادة التضخم في الوقت المناسب إلى المستوى المستهدف عند نسبة 2 في المائة. وينبغي أن نتوخى الكفاءة في سياستنا النقدية، كي نحقق هدفنا المنشود، مع تقليل التكاليف إلى أدنى حد من حيث الناتج والتوظيف.
وفي سياق تحليلنا لانتقال أثر السياسة النقدية إلى النشاط الاقتصادي نحرص على التفحص الدقيق لتأثير تحركات أسعار الفائدة على الأسر المعيشية، فلا يقتصر ذلك على الآثار المباشرة التي تتباين، في أي مرحلة زمنية، بين المقترضين وأصحاب المدخرات وبين مختلف الفئات العمرية، بل يشمل أيضا الآثار غير المباشرة عن طريق تأثير السياسة النقدية على الناتج وتوظيف العمالة.
وتتباين هذه الآثار بين العاملين في القطاعات الأكثر حساسية لتحركات أسعار الفائدة "مثل البناء والسلع الاستهلاكية المعمرة" والعاملين في الأنشطة الاقتصادية الأقل تأثرا بالعوامل الدورية. وبينما ينبغي أن تحرص الحكومات دائما على حماية الفئات الأشد تعرضا للمخاطر في المجتمع، نجد أن التدابير من المالية العامة التي تعوض مباشرة أثر تحركات أسعار الفائدة قد تنطوي على مشكلات من حيث كفاءة السياسة النقدية وقد تكون أقل فاعلية من سياسات الدخل الأخرى.