الدعاوى تصعد هجوم جاري جينسلر على أسواق العملات المشفرة
تمثل الدعاوى القضائية التي رفعتها هيئة تنظيم الأوراق المالية الأمريكية ضد بورصتي العملات المشفرة باينانس وكوينبيس هذا الأسبوع أكبر هجوم قانوني لها على سوق الأصول الرقمية.
اتهمت الهيئة "باينانس" و"كوينبيس"، اثنتين من أكبر الشركات في الصناعة، بانتهاك قوانين الأوراق المالية الأمريكية، وتقديم أوراق مالية غير مسجلة والعمل كمنافذ غير مسجلة، من بين تهم أخرى. ويمثل هذا الثنائي نصف التجارة العالمية في الأصول الرقمية.
كما اتهمت "باينانس" بخلط مليارات الدولارات من أموال العملاء مع شركة تداول منفصلة يملكها رئيسها التنفيذي وتضخيم حجم التداول على منصتها الأمريكية.
هذه القضايا هي أبرز إجراءات الإنفاذ التي اتخذتها الهيئة بعد التحذيرات المتكررة من جاري جينسلر رئيس مجلس إدارتها من أن بورصتي العملات المشفرة والرموز اللتين كانتا تتداولانهما على الأرجح مخالفتان للقوانين الفيدرالية الأمريكية.
بعد تعيينه قبل عامين، حث جينسلر مرارا وتكررا المنصات على التسجيل مع الهيئة، وأشار إلى أن معظم الرموز الرقمية تعد أوراقا مالية. واشتدت حدة لغته في الأشهر الأخيرة بعد إفلاس بورصة العملات المشفرة إف تي إكس في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
بعد قضيتين قضائيتين كبيرتين في غضون يومين، كان المصرفي السابق في "جولدمان ساكس" الذي تحول إلى مجال التنظيم صارما، الذي بنى سمعة في واشنطن لاتباعه نهجا صعبا.
قال جينسلر لشبكة "سي إن بي سي" يوم الثلاثاء: "لسنا بحاجة إلى مزيد من العملات الرقمية. لدينا عملة رقمية بالفعل. تسمى الدولار الأمريكي. وتسمى اليورو أو تسمى الين، جميعها أصبحت رقمية الآن".
شعر نقاد بالغضب من نهج هيئة الأوراق المالية والبورصات، واتهموها بالفشل في تحديد قواعد سياستها طويلة الأجل لصناعة العملات المشفرة وبدلا من ذلك تنظم السوق عبر إجراءات الإنفاذ.
قال جلين تومسون، رئيس لجنة الزراعة في مجلس النواب في جلسة استماع حول مستقبل الأصول الرقمية في واشنطن يوم الثلاثاء: "التنظيم عن طريق الإنفاذ ليس طريقة مناسبة لحكم السوق".
واحدة من أكبر الشكاوى في صناعة العملات المشفرة كانت الافتقار الملحوظ إلى الوضوح من الجهة المنظمة في الولايات المتحدة بشأن ما يمكن اعتباره ورقة مالية. من خلال الدعويين القضائيتين، وضعت هيئة الأوراق المالية والبورصات قائمة تضم أكثر من عشر عملات تعدها أوراقا مالية، بما في ذلك الرموز المشفرة الشهيرة سولانا وكاردانو وبوليجون.
عبر تحديدها بالاسم، يعتقد بعض المحامين أن الهيئة تركت الباب مفتوحا لاستهداف جهات تداول العملات المشفرة الأخرى.
قال بيتر فوكس، الشريك في شركة المحاماة سكوليدج بيترز روسوتي آند فوكس: "هذه شكاوى تصيب قلب نموذج عمل بورصات العملات المشفرة. لم يختاروا الأصول الرقمية الغامضة التي قد تكون موجودة فقط على منصة باينانس لإثبات وجهة نظرهم، بل اختاروا الأصول المعروفة والمتداولة على نطاق واسع والتي من المرجح أن يتم إدراجها في كثير من البورصات".
لكن جينسلر يعتقد أن القواعد الحالية واضحة بشكل كاف.
"أعتقد أنه كان هناك وضوح منذ أعوام"، كما أخبر جينسلر شبكة سي إن بي سي، مضيفا أن "المستثمرين محميون بقوانين الأوراق المالية وأن العملات الرقمية ينبغي ألا تكون مختلفة".
قال بريان أرمسترونج، الرئيس التنفيذي لـ"كوينبيس"، "إن الهيئة كانت تعتمد على نهج الإنفاذ فقط الذي أضر بأمريكا، وأن هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية وهيئة تداول السلع الآجلة أصدرتا تصريحات متضاربة، ولا تتفقان حتى على ما هي الورقة المالية وما هي السلعة".
"لذلك، إذا كنا بحاجة للذهاب إلى المحاكم لتوضيح الأمر، فليكن ذلك".
قالت "باينانس": "إن إجراءات هيئة الأوراق المالية والبورصات تبدو كأنها جزء من جهد متسرع، ولا يبدو أن المستثمرين يمثلون أولوية عند الهيئة".
أشارت كلتا البورصتين إلى أنها ستقاوم اتهامات الهيئة في المحكمة. كما قالت "كوينبيس": "إنها ستواصل الضغط على السياسيين لتمرير قواعد أكثر وضوحا لسوق العملات المشفرة في الولايات المتحدة".
قال جوتام تشوجاني، كبير محللي الأصول الرقمية العالمية في شركة برنشتاين "ستقاوم البورصات هذا الخلاف ولا يمكن حل هذا الخلاف إلا من الكونجرس أو القضاء، أيهما أسبق".
لكن مع احتمال أن تستغرق قضايا سن القوانين والإنفاذ أعواما، يتوقع بعض المراقبين أن ترفع الجهات التنظيمية مزيدا من القضايا في غضون ذلك.
في الأشهر الأخيرة، شرعت الجهات التنظيمية الأمريكية في إجراءات إنفاذ ضد شركات العملات المشفرة العاملة في البلد بما في ذلك بورصة بيتركس وبورصة جيميناي، التي أسسها توأم وينكليفوس.
زعمت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية أن "جيميناي" وشركة إقراض العملة المشفرة جينيسيس أدارتا برنامج إقراض للأصول المشفرة لم يتم تسجيله كطرح للأوراق المالية، بينما رفعت لجنة تداول السلع الآجلة، الجهة المنظمة للمشتقات الأمريكية، دعوى قضائية في آذار (مارس) على "باينانس"، متهمة إياها وتشانج بينج تشاو رئيسها التنفيذي بالعمل بشكل غير قانوني في الولايات المتحدة.
قال مارك بالمر، المحلل في بنك بيرنبرج، عن الدعاوى القضائية ضد كوينبيس وباينانس "إنها حملة قمع واضحة جدا على المجال، ولا أعتقد أنه من المرجح أن تتوقف هيئة الأوراق المالية والبورصة عند هذا الحد. لا أعرف كيف يمكن لأي بورصة عملات مشفرة أن تفكر بخلاف أنه يمكن أن تكون الضحية التالية".
تجادل شركات العملات المشفرة بأنه لا يوجد طريق سهل أمامها للتسجيل في هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، وأنها تجد نفسها في وضع غير مستقر. قارن جينسلر يوم الثلاثاء جهات العملات المشفرة على نحو غير موات بأسواق الأسهم التقليدية مثل بورصة نيويورك.
"إذا كانت هناك قيمة حقيقية في رموز العملات المشفرة، فعندها سيبني الامتثال الثقة وقد يتغير نموذج العمل. إن كسب ثقة جمهور المستثمرين عمل شاق"، كما قال.
من جانبه، قال فوكس، من "سكوليدج": "إنه حتى لو جردت بورصات العملات المشفرة خدماتها لتشبه البورصة التقليدية فستظل تواجه مشكلة كبيرة لأنه (...) يمكنك فقط إدراج فئات الأوراق المالية المسجلة بموجب قانون البورصات".
"إذا تم تسجيل بورصات العملات المشفرة كبورصات، فلن يسمح لها بمزاولة أعمالها بأي شكل يشبه ما تفعله"، كما قال.