المستثمرون يركبون موجة الذكاء الاصطناعي خوفا من هدر الفرص

المستثمرون يركبون موجة الذكاء الاصطناعي خوفا من هدر الفرص

زاد المستثمرون الأفراد انكشافهم على أسهم التكنولوجيا بعد أن فوتوا فرصة انتعاش السوق هذا العام التي كانت مدفوعة بالذكاء الاصطناعي، حيث فضل كثير منهم النقد أو صناديق أسواق المال منخفضة المخاطر.
أظهرت بيانات من موقع فاندا تراك أن صافي مشتريات المستثمرين الأفراد للأسهم الأمريكية بلغ نحو 1.5 مليار دولار في 30 و31 أيار (مايو)، وهي أعلى أرقام يومية في ثلاثة أشهر.
كانت أسهم التكنولوجيا من بين أبرز الأسهم المستفيدة في نهاية الشهر الذي بدأ فيه اهتمام الأفراد بالشركات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي في التوسع ونفع أمثال شركة بالانتير ومارفيل تيكنولوجي ويو آي باث، إضافة إلى أسماء أكبر مثل إنفيديا ومايكروسوفت.
قال ماركو إياشيني، نائب رئيس "فاندا تراك"، بعد أسابيع من بقائهم على الهامش، "بدأ المستثمرون الأفراد بملاحقة الارتفاع في أسهم التكنولوجيا. يبدو أن الخوف من تفويت الفرصة بدأ في الظهور".
إن أزمة الثقة في القطاع المصرفي الإقليمي في الولايات المتحدة وعدم اليقين في الفترة التي سبقت التوصل إلى اتفاقية سقف الديون الأسبوع الماضي تعني أن صغار المستثمرين خفضوا مخصصاتهم للأسهم لمصلحة السندات وصناديق سوق المال منخفضة المخاطر التي تقدم عوائد مشابهة للتي تقدمها الأسهم، وفقا لمحللين من "باركليز".
مع ذلك، قالت "فاندا تراك": "إن مشتريات الأفراد من صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة قد تراجعت الأسابيع الأخيرة، لأن المستثمرين الصغار بدأوا في التحول إلى الأصول ذات المخاطر الأعلى، حيث جذبهم ارتفاع مؤشر ناسداك المركب 27 في المائة حتى الآن هذا العام".
قال محللون في "جيه بي مورجان": إن صندوق فانجارد لتكنولوجيا المعلومات وصندوق فيديلتي الذي يتتبع مؤشر إم إس سي آي لتكنولوجيا المعلومات قد سجلا تدفقات داخلة كبيرة الأسبوع الماضي وارتفعا إلى أعلى مستوى لهما في أكثر من عام، ما يشير إلى عودة ظهور اندفاع الأفراد الأمريكيين نحو التكنولوجيا".
قال البنك "إنه يبدو أن المستثمرين الأفراد الشباب الذين يميلون إلى الاستثمار في الأسهم الفردية يقودون هذه التحركات، مع زيادة رغبتهم في خيارات الأسهم الفردية المتداولة في البورصة بشكل ملحوظ في الأسابيع الأخيرة".
كما تشير رغبة المستثمرين الأفراد في العودة للأسهم إلى مرونة المستهلكين غير المتوقعة في مواجهة التضخم المرتفع. قال تورستن سلوك، كبير الاقتصاديين في شركة أبولو جلوبال مانجمينت، "إن الأسر الأمريكية أنفقت حتى الآن أقل من نصف ما يقارب 2.3 تريليون دولار تقريبا من المدخرات الزائدة التي تراكمت خلال الجائحة. هذا هو سبب أن الإنفاق الاستهلاكي لا يزال قويا للغاية".
في الوقت نفسه، فإن صفحة "وول ستريت بيتس" الشهيرة على موقع ريديت تعج بتعليقات الأعضاء الذين فاتتهم فرصة انتعاش أسهم التكنولوجيا أو يعبرون عن خوفهم من مدى ارتفاع بعض الأسهم. تظهر إحدى أكثر الصور مشاركة حرفيا شركة إنفيديا وهي تحمل سوق الأسهم الأمريكية على ظهرها. قال أحد المستخدمين "بقيت خارج السوق لمدة قصيرة، لكن رؤية مكاسب الذكاء الاصطناعي هذه تقتلني". فيما رد مستخدم آخر "المال الخائف لا يجني أي مال"، في إشارة إلى أن الخوف من خسارة المال سيحرمك من فرص جنيه.
لم يتجنب المستثمرون الأفراد المخاطرة دائما. ارتفعت الأسهم في شركة جيم ستوب المتعثرة لتجارة ألعاب الفيديو أكثر من 2000 في المائة في شهر واحد في 2021، في ذروة جنون أسهم الميم.
لكن حتى الآن، السهم الوحيد الشبيه بأسهم جيم ستوب الذي يجذب رأسمال المستثمرين الأفراد هو سي3.أيه آي، وهي شركة مزودة للبرمجيات مقرها الولايات المتحدة. قفزت أسهمها 195 في المائة هذا العام على الرغم من الهجوم الذي شنته مجموعة كيريسديل كابيتال الاستثمارية، التي قالت في أوائل آذار (مارس): "إن الشركة مبالغ في قيمتها بشكل فظيع حتى قبل أن تركب أسهمها موجة الذكاء الاصطناعي التوليدي الصاخبة".
قالت "سي3.أيه آي": "إن مزاعم (كيريسديل) الأخرى تستند إلى سوء فهم جوهري للممارسات المحاسبية الأمريكية"، رافضة تقرير شركة الاستثمار باعتباره "محاولة إبداعية وشفافة للغاية" لبيع أسهمها على المكشوف. انخفضت أسهم "سي3.أيه آي" بنسبة 14 في المائة في الأول من حزيران (يونيو) بعد أن جاءت توجيهات الإيرادات للعام المالي 2024 أدنى من توقعات المحللين.
في المقابل، ارتفعت أسهم "إنفيديا" 170 في المائة منذ بداية العام حتى الآن، ويتم تداولها الآن بنسبة سعر إلى ربح تبلغ 190، ارتفاعا من 47 في بداية تشرين الثاني (نوفمبر).
قال بيتر جارنري، رئيس الاستراتيجيات الكمية في بنك ساكسو، "إن تقييمات الأسهم وتغير في شهية المخاطرة تجاه الأسهم المرتبطة بالذكاء الاصطناعي أصبحا الآن الخطر السلبي الرئيس لسوق الأسهم الأمريكية الأوسع".
ولغاية الأسبوع الماضي، كانت الفجوة بين تدفقات الأفراد والأداء القوي لسوق الأسهم تشير إلى أن اللاعبين المؤسسيين مثل صناديق التحوط والمتداولين المنتظمين كانوا المصدر الرئيس للطلب على أسهم شركات الذكاء الاصطناعي، حسب "فاندا تراك". وتجسيدا لتفاؤل كثير من المستثمرين المحترفين، يصف جير لود، رئيس الأسهم العالمية في شركة فيديريتد هيرميس، الذكاء الاصطناعي بأنه "ميدان النمو الفائق التالي".
قد يكون التفكير الجماعي قد بدأ. قال مارك دودينج، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة آر بي سي بلوباي: "هذه هي آخر حالات الهوس في مجال الذكاء الاصطناعي، إن الرغبة في التعبير عن وجهة نظر معارضة تبدو محفوفة بالمخاطر".
في تعبير عن مخاوفهم، قال محللون في "مورجان ستانلي": "إنهم يؤمنون بثورة الذكاء الاصطناعي، لكن التكنولوجيا لن تكون قادرة على إيقاف ركود أوسع في الأرباح في وقت لاحق من هذا العام أو حتى التخفيف منه".

الأكثر قراءة