النباتات تتعاطى المسكنات

تكن بقربك وحولك في كل مكان. تبعث في نفسك البهجة وتلون حياتك، بدونها حياتك جافة لا روح فيها ولا لون أو طعم، ومن كثر اعتيادك عليها تعتقد أنها جماد لا تحس ولا تشعر وعندما تذبل ويتغير لونها تسارع بالتخلص منها أو قطعها من جذورها. هل فكرت يوما في مشاعرها حين تجف وتذبل أوراقها هل فكرت في دموعها وأنت تودعها في أقرب سلة مهملات أو أقرب حاوية نفايات!
لقد وهب الله النباتات وسيلة لتعالج نفسها وتداوي جراحها دون الحاجة إلى البشر، فسبحان الخالق الذي لم يترك خلقه سدى من أصغر الكائنات إلى أضخمها وأعظمها، وتعاني النباتات الضغوط مثلك تماما بسبب الحرارة والجفاف والظروف البيئية المختلفة.
وأخيرا اكتشف باحثون من جامعة كاليفورنيا ريفرسايد أن النباتات قادرة على حماية نفسها من المخاطر البيئية مثل الحشرات والجفاف والحرارة عن طريق إنتاج حمض الساليسيليك، المعروف أيضا باسم الأسبرين، حيث درسوا تأثير الإجهاد في نبات أرابيدوبسيس وردة فعل الخلايا النباتية، ووجدوا أنها تكون أنواعا من الأكسجين التفاعلي يشبه الأكسجين الذي تنتجه خلايا البشر عندما تتعرض للحراة الشديدة، فتصاب بحروق الشمس والنمش، أما في حالة النباتات قد يكون هذا الأكسجين قاتلا إذا أنتج بشكل كبير، بينما النسب القليلة منه تحفز النبات على إنتاج هرمونات ومواد وقائية مثل حمض الساليسيليك، الذي يقوم بسلسلة من الإجراءات الوقائية في الخلايا. يحمي الحمض البلاستيدات الخضراء للنباتات التي تمتص الضوء لاستخدامه في تحويل الماء وثاني أكسيد الكربون إلى سكريات من أجل الطاقة. تقول عالمة الأحياء النباتية فيلهيلمينا فان دي فين من جامعة كاليفوريا، ريفرسايد "يشبه الأمر استخدام النباتات مسكنا للأوجاع والآلام تماما كما نفعل نحن".
ويطمح العلماء إلى أن نكون قادرين على استخدام المعرفة المكتسبة لتحسين مقاومة المحاصيل خصوصا إمدادات الغذاء.
وقبل ذلك أجري بحث لدراسة تأثير الأسبرين في النباتات وإمكانية أن يكون بديلا للمبيدات الحشرية ووجدوا أن رش النباتات بالأسبرين يقلل الحاجة إلى استخدام المبيدات الكيماوية لنحو 70 في المائة على أقل تقدير، وهو ما يؤدي إلى ترشيد استخدام المبيدات وتلافي آثارها الضارة في صحة الإنسان والحيوان والبيئة على السواء، كما أن استخدامه في معالجة النباتات آمن تماما على صحة الإنسان والبيئة، خصوصا أن تركيز الأسبرين المستخدم لمعالجة النبات قليل جدا ويمثل إذابة قرص واحد في 20 لتر ماء! والجميل أن الأسبرين نفسه ينتجه نبات يعرف بالصفصاف!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي