دواؤك تصنعه نبتة
لم يعد دور النباتات والأعشاب منحنا الدواء من خلال استخلاص المواد الفعالة منه بنقعه أو غليه، بل تحولت النباتات إلى مصانع أدوية لديها القدرة على إنتاج دواء دون الحاجة إلى معامل ومواد كيميائية مصنعة، وذلك بإحداث بعض التغييرات البسيطة في تركيب النبات لتمنحك أدوية المستقبل من خلال "الصيدلة الحيوية"، وهي أحد فروع علم الصيدلة يدرس الأدوية المصنعة أو شبه المصنعة من مصادر حيوية باستخدام تقنيات الهندسة الوراثية داخل الخلايا الحية للحيوانات، ومزارع البكتيريا والفطريات لإنتاج الأدوية، ومن أوائل هذه الأدوية دواء البنسلين المضاد للبكتيريا والمنتج من قبل فطر "البنسيليوم والإنسولين الذي يستخدم لعلاج مرض السكري عالميا، والنباتات ومكونات الدم والخلايا الجذعية والأجسام المضادة والحمض النووي معاد التركيب، مثل دواء الأداليموماب لعلاج التهاب المفاصل والصدفية، والأدوية الهرمونية كهرمون النمو والإريثربيوتين والإنسولين.
ومن أحدث هذه الأدوية الحيوية المستقبلية مضاد حيوي أنتجه باحثون من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في المملكة بوساطة إجراء تعديل وراثي لنبات التبغ لإنتاج إنزيم يزيد من فاعلية المضادات الحيوية. وأظهرت المضادات الحيوية النباتية القدرة على قتل عديد من مسببات الأمراض، بما في ذلك البكتيريا المقاومة لهذه المضادات!
وبحسب الباحثين فإن إنتاج الأدوية باستخدام النباتات كان أكثر كفاءة بمقدار 3.5 مرة في إنتاج المضادات الحيوية وأكثر صداقة للبيئة مقارنة بالطرق الكيميائية التقليدية، حيث تتميز هذه التقنية الجديدة بأنها لا تولد أيا من النفايات الخطرة المرتبطة بمنصات الإنتاج الأخرى، ويمكن أن يقدم الإنتاج واسع النطاق للمضادات الحيوية من النباتات بديلا أكثر خضرة للإنتاج الصيدلاني التقليدي. وكذلك أقل تكلفة حيث بلغت تكلفة إنتاج عشرة ملليجرامات من المضادات البكتيرية النباتية أقل من 0.74 دولار وهذه التكلفة أقل بكثير من تكلفة الإنتاج بالطرق الأخرى التي تبلغ ألف دولار في الشركات التجارية التي تصنع المضادات كيميائيا.
وبفضل هذه الطريقة، تمكنت المضادات الحيوية المنتجة في النباتات من التخلص من عديد من سلالات البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية، التي تسبب بعض أخطر أنواع العدوى المكتسبة من المستشفيات، كما أنها آمنة لخلايا الثدييات، ما يشير إلى أنه يمكن استخدامها بأمان في البشر.
ويمثل هذا الاكتشاف تقدما هائلا في مجال العلاجات الحيوية، ويفتح آفاقا واسعة للبحث في مجال الإنتاج الحيوي للأدوية. ويمكن للنباتات المصممة لإنتاج الببتيدات العلاجية أن توفر منصة فاعلة من حيث التكلفة ومستدامة لتصنيع الأدوية الحيوية.