نتائج سياسة كوفيد .. عقاب لـ «كاثي باسيفيك» ومكافأة لمنافستها «السنغافورية»
فيما كانت الخطوط الجوية السنغافورية تمنح موظفيها مكافأة راتب ثمانية أشهر بعد أرباح قياسية، كانت هونج كونج تقدم أكثر من 4400 تذكرة مجانية لمنافستها الإقليمية "كاثي باسيفيك" مع سعي المدينة إلى تشجيع الزوار على العودة.
ارتفعت أسهم الخطوط الجوية السنغافورية إلى أعلى مستوياتها خلال أكثر من ثلاثة أعوام بعد أن أظهرت الشركة قوة تعافيها عقب الجائحة بأرباح سنوية بلغت 2.16 مليار دولار سنغافوري "1.6 مليار دولار" للعام المنتهي في آذار (مارس).
في تناقض صارخ، أسهم "كاثي باسيفيك" المدرجة في هونج كونج انخفضت 40 في المائة تقريبا من أعلى مستوى لها في نيسان (أبريل) 2019. في آذار (مارس) كشفت شركة الطيران عن خسارة قدرها 6.5 مليار دولار هونج كونج "830 مليون دولار" في عام 2022 وظلت الأسهم ثابتة منذ ذلك الحين.
الاختلاف المالي بينهما يعكس ازدهار سنغافورة ـإحدى أوائل الدول في آسيا التي أعادت فتح حدودها بعد الجائحةـ وارتفاع مكانتها مركزا للأعمال. من ناحية أخرى، ظلت هونج كونج مغلقة إلى حد كبير أمام حركة السفر حتى أواخر العام الماضي، الأمر الذي جعلها تفقد مكانتها بوصفها أكثر المطارات ازدحاما في المنطقة، لمصلحة سنغافورة في 2022. كذلك أثرت إعادة الفتح البطيئة في "كاثي باسيفيك"، التي تعاني أيضا نقص العمالة.
قال بريندان سوبي، محلل طيران مستقل في سنغافورة "كانت سنغافورة متقدمة على الجميع العام الماضي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ (بإعادة الفتح). لقد استفادت من ذلك للغاية".
وأضاف "لا أعتقد أن العام المالي الأول لطيران كاثي بعد فتح الحدود سيبدو مثل الخطوط السنغافورية. فترة شهر العسل هذه، الناجمة عن اختلال التوازن بين العرض والطلب، تتضاءل، لقد فاتتها فرص كثيرة من ظروف السوق هذه".
لا تزال السياحة في هونج كونج في بواكير انتعاشها، وهذا ينعكس في أرقام شركات الطيران. وصلت الخطوط الجوية السنغافورية إلى نحو 80 في المائة من سعة الركاب قبل الجائحة، في حين لا تزال سعة "كاثي باسيفيك" أدنى من 50 في المائة.
نقلت الخطوط الجوية السنغافورية وشركة الطيران الاقتصادي المملوكة لها بالكامل، سكوت، 2.7 مليون مسافر في نيسان (أبريل)، بزيادة 85 في المائة على أساس سنوي وأدنى بقليل من 3.1 مليون مسافر في الشهر نفسه عام 2019. في المقابل، نقلت "كاثي باسيفيك" 1.4 مليون مسافر في نيسان (أبريل)، أي نحو 44 في المائة من عدد مسافريها في نيسان (أبريل) 2019.
في اجتماعها السنوي هذا الشهر قال رونالد لام، الرئيس التنفيذي لشركة كاثي، "إن من غير الوارد أن تتجاوز الشركة 70 في المائة من سعة ما قبل كورونا قبل نهاية هذا العام"، متذرعا بنقص الأيدي العاملة.
استنادا إلى "جمعية الطواقم الجوية" في هونج كونج، شهدت "كاثي باسيفيك"، في المتوسط، استقالة 10 ـ 15 من كبار الطيارين كل شهر هذا العام، انخفاضا من نحو 30 ـ 50 طيارا في النصف الثاني من العام الماضي.
وفقا لبول ويذريلت، رئيس النقابة، فقدت شركة الطيران -كان طاقمها يتألف من 3800 طيار أواخر 2019- أكثر من 1800 طيار على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، لكنها عينت نحو 400 طيار جديد فقط. قالت النقابة "إن الطيارين الذين تعرضوا لتخفيضات في الأجور وصلت إلى 40 في المائة عام 2020، لا يزالون ساخطين".
قالت "كاثي باسيفيك"، "معدل تناقص الموظفين أصبح طبيعيا في جميع فئات الموظفين بمن فيهم الطيارون"، مضيفة أن "رواتب الطاقم الأساسية ارتفعت 3.3 في المائة عما كانت عليه في بداية العام".
"إلى جانب كون جدول هونج كونج الزمني لإعادة الفتح متأخرا عن مراكز الطيران الأخرى، فإن وتيرة التعافي البطيئة لطيران كاثي تعكس تحدياتها المستمرة مع نقص الإمدادات عبر النظام البيئي للطيران (...) مثل توافر القوى العاملة المعتمدة"، وفقا لما كتبته كارين لي، المحللة في "جيه بي مورجان" في مذكرة في آذار (مارس).
مع احتساب الأجور الآن حسب زمن الرحلة، أبلغ مسؤولو الطيران في هونج كونج "كاثي" بأن بعض طياريها كانوا يسيرون الطائرات على المدرج "بسرعات أبطأ بكثير"، وفقا لمذكرة داخلية اطلعت عليها "فاينانشيال تايمز".
في علامة أخرى تنبئ بأزمة، طردت "كاثي" ثلاثة من أفراد الطاقم الجوي بعد انتشار مقطع فيديو يتهمهم بإلقاء نكات حول قدرات اللغة الإنجليزية لدى عميل ناطق بالماندرين الصينية. الرئيس التنفيذي للشركة قال "إن الفيديو تسبب في ضرر كبير لصورة هونج كونج ولكاثي". لكن نقابة المضيفين ردت واشتكت من تدني المعنويات وزيادة الأعباء وانخفاض الرواتب.
من ناحية أخرى، أخبرت الخطوط الجوية السنغافورية وسائل إعلام محلية بأنها أعادت بحلول منتصف العام الماضي، معظم الطيارين الذين يزيد عددهم على ثلاثة آلاف إلى العمل، كثير منهم كانوا في حالة انقطاع مؤقت. أوضحت الإدارة أن "عددا صغيرا جدا" فقط بقي أثناء الجائحة.
لا تقدم الخطوط الجوية السنغافورية تفاصيل كثيرة عن موظفيها عادة، معللة ذلك بأسباب تجارية. ولم ترد الشركة على طلب للتعليق.
منذ الجائحة، اكتسبت سنغافورة مزيدا من حركة السفر العابر التي كانت تمر عادة عبر هونج كونج.
"الخطوط الجوية السنغافورية أبلت بلاء حسنا العام الماضي" لأنها كانت مركز العبور العملي الوحيد في آسيا، حسبما قال مسؤول تنفيذي كبير في شركة الطيران الآسيوية. سجلت "كاثي" انخفاضا بلغ 68 في المائة في المبيعات الصادرة من الأمريكتين، التي تراجعت إلى 572 مليون دولار في 2022، مقارنة بـ2019. من ناحيتها، شهدت الخطوط الجوية السنغافورية زيادة بلغت 46 في المائة صعدت بمبيعاتها الأمريكية إلى 1.1 مليار دولار في الـ12 شهرا حتى نهاية آذار (مارس) من هذا العام، مقارنة بالفترة نفسها عام 2020.
استمرار ظروف السوق المزدهرة التي عززت صافي أرباح الخطوط الجوية السنغافورية غير متوقع. من جانبها، تنفق هونج كونج مليارات الدولارات لجذب الشركات الدولية والسياح مرة أخرى، كما هي الحال مع حملة "كاثي" الأخيرة.
قال أحد المسؤولين التنفيذيين في الخطوط الجوية السنغافورية "ما زلنا في فترة حيوية، ويعتقد كثير منا أن معظم الربح كان مؤقتا. لست متأكدا من أننا سنرى ربحا كهذا مرة أخرى، لكن من المبكر جدا تحديد الفائز".