رهان مثير .. بافيت وشركات اليابان

رهان مثير .. بافيت وشركات اليابان

سجل وارن بافيت الطويل في اختيار الفائزين جعل حضوره مرحبا به الشهر الماضي في طوكيو. أشيد بخطوة زيادة الحصص التي تملكها شركة بيركشير هاثاواي في خمس شركات تجارية عامة باعتبارها ثقة في قطاع الشركات المتعثر لفترة طويلة في الدولة.
يرى بافيت، الذي بدأ في تجميع حصص فيما يسمى سوجو شوشا "شركات يابانية تقوم تجارتها على نطاق واسع من المنتجات والمواد" قبل ثلاثة أعوام، أن هذه الأسهم رهان على قليل من الشركات المهملة التي من المتوقع أن تحقق أرباحا جذابة.
وجد المستثمر الشهير وقتا للتوسع في انطباعاته بين الجماهير مع بعض رجال الأعمال البارزين في البلاد. قال عن الشركات الخمس التي يمتلك فيها الآن حصة متساوية تبلغ 7.4 في المائة، "إنني مندهش. جميعها مختلفة، وجميعها متشابهة في الوقت نفسه".
ليس من السهل تقديم وصف أكثر إفادة عن شركات اليابان التجارية. كل منها عبارة عن إمبراطورية ممتدة في جميع أنحاء العالم وذات تنوع محير، وتشمل أنشطة متباينة مثل تصميم الملابس وتجارة التجزئة للمتاجر الصغيرة والبناء.
مع ذلك، هناك شيء واحد تشترك فيه جميع الشركات الخمس، وهو التركيز على تداول السلع، حقيقة تجعل تدفقاتها النقدية حساسة بشكل غير عادي لقيمة الدولار، كذلك لأسعار السلع مثل المعادن والحبوب والنفط.
تميز أرباح العملات الأجنبية من "سوجو شوشا"، المدعومة بالسلع الصلبة من مصادر حول العالم، المجموعات التجارية عن الشركات ذات الإيرادات والتكاليف التي تعتمد بشكل أكبر على الأسعار في الأسواق المحلية. إنها تصنع طرقا متعددة لبافيت للاستفادة من استثماره، حتى لو لم تستمر خطط الشركات التجارية التي تتباهى بها لإعادة تشكيل نفسها لعالم خال من الوقود التقليدي كما هو مقرر.
من بين أكثر الأمور إثارة هي حقيقة أن بافيت قد اشترى أسهما في شركات تكسب جزءا من أرباحها بالدولار، بينما يمول مشترياته بدين طويل الأجل مقوم بالين.
إذا انخفضت قيمة العملة اليابانية، فستنخفض القيمة الدولارية لديون بيركشير المستحقة المقومة بالين. في الوقت نفسه، قد لا تنخفض قيمة حصص "سوجو شوشا" المحسوبة بالدولار كثيرا بسبب أرباحها من العملات الأجنبية. إذا انخفضت قيمة الدين أكثر من الأسهم، يمكن لبافيت أن يجني ربحا حتى دون تغيير كبير في الأداء التجاري الأساسي.
من المؤكد أن نية بافيت ليست المراهنة ضد الين. واستخدام الأموال المقترضة لشراء أسهم في شركات ذات أرباح أجنبية كبيرة ليست الطريقة الأكثر عملية لفعل ذلك بالتأكيد. لنضع هذا الشك جانبا، إذا كان من أجل تجربة فكرية فقط، ويمكننا أن نرى كيف تبدو صفقة مثل صفقة بافيت جذابة من الناحية النظرية لنوع مختلف تماما من المستثمرين.
يراقب المضاربون ذوو النزعة الرجعية المؤسسات النقدية في العالم المتقدم بريبة متزايدة. يتداول الذهب بالقرب من أعلى مستوياته على الإطلاق، وبينما قد لا يكون التمزق في أنظمة التبادل الاقتصادي هو الحالة الأساسية لأي شخص، فإنه قريب بشكل غير مريح من عالم الاحتمالات التاريخية.
لاحظ راي داليو، مؤسس شركة بريدج ووتر، الذي تستند استثماراته إلى قراءة دقيقة للتاريخ الاقتصادي، وجود نمط مدهش في ارتفاع وانخفاض "إمبراطوريات العملات الاحتياطية" على مدى 500 عام الماضية. خلال ذلك الوقت، وفقا لداليو، "كانت التحولات الضخمة دائما تأخذ شكل ديون كبيرة جدا لا يمكن دفعها بأموال حقيقية، لذلك كانت طباعة النقود كثيرة". هذا بدوره "أدى إلى إعادة هيكلة كبيرة للديون من خلال شطبها وتسييلها".
تبدو مثل هذه الآفاق بعيدة في اليابان، التي لها أعلى نسبة من الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في مجموعة الدول الصناعية السبع، حيث عانت ركودا اقتصاديا، لكن دون اضطرابات خطيرة.
لجزء كبير من ذلك الوقت، حاول محافظو البنوك المركزية إثارة نوع التضخم المنخفض، لكن الثابت الذي دفع الاقتصادات في الغرب الصناعي. على الرغم من شراء سندات بقيمة تريليونات الدولارات وأعوام من أسعار الفائدة السلبية، كان ارتفاع الأسعار بعيد المنال حتى وقت قريب. من المتوقع الآن تشديد السياسة النقدية.
لا شك في أن بافيت يركز بشكل أكبر على أرباح الشركات التجارية المتزايدة أكثر من أي احتمال لمراجحة العملة. باستثناء الملك ميداس "أسطورة إغريقية عن الطمع"، الذي يمكن أن يحول مجرد لمسه الأشياء إلى ذهب، من الصعب التفكير في أي شخص يبدو أنه غير مناسب بسبب طباعه لبيع أي أصول مالية على المكشوف. مع ذلك، يتم الحكم على المستثمرين من خلال الأموال التي يجنونها وليس القصص التي يروونها. عندما يراهن حكيم مثل بافيت على ثروته، فإن الأمر يستحق مراعاة الظروف التي تجعل رهانه يؤتي ثماره.

الأكثر قراءة