أطروحات الصكوك ومؤشرات متانة الاقتصاد

تم إعلان شريحتين من الأطروحات الخاصة بالصكوك التي يصدرها المركز الوطني لإدارة الدين، حيث تم إعلان شريحتين بقيمة إجمالية قدرها ستة مليارات دولار وبلغ حجم الطلبات عليها 27 مليار دولار، ما يعني أن حجم الطلبات أضعاف حجم الطرح بأربعة أضعاف ونصف الضعف علما أن العائد على الطرح الأول لمدة ستة أعوام إلى عام 2029 يبلغ 4.274 في المائة فيما يبلغ العائد للطرح عشرة أعوام ويستمر إلى عام 2033 نحو 4.511 في المائة وذلك بحسب ما جاء في صحيفة "الاقتصادية".
الثقة أصبحت اليوم عالية في الاقتصاد في المملكة نظرا لوجود عوامل متعددة عززت من قوة ومتانة الاقتصاد والثقة عالميا به حيث نلاحظ أن العائد للصكوك أقل من معدل الفائدة للبنوك المركزية الذي يتجاوز 5 في المائة وهذا مؤشر على الثقة العالية بالمركز المالي للمملكة، علما أن مدة الطرح طويلة نسبيا ما يعني أن الثقة عالية في مستقبل الاقتصاد الوطني.
أبرز ما يدعم متانة الاقتصاد في المملكة هو وضوح الرؤية فيما يتعلق باتجاه البرامج والمشاريع الاقتصادية، كما أن الفترة الماضية كانت كافية لتأكيد قدرة وكفاءة حكومة المملكة في تنفيذ الإصلاحات والبرامج الاقتصادية الطموحة التي ظهرت نتائجها بوضوح من خلال النتائج المالية خلال الفترة الماضية في ظل ظروف اقتصادية صعبة يمر بها العالم اليوم. من أسباب متانة الاقتصاد الوطني الذي يعد أحد أهم عوامل الاستدامة في الاقتصاد هو المملكة انتهجت سياسة تعزز من تنوع مصادر الدخل وليس الاعتماد على النفط، فالتنوع في هذه المرحلة لا يعتمد عن منتج واحد بل ولا حتى قطاع واحد فقط، بل يعتمد على برنامج شامل لمختلف القطاعات والمصادر المتنوعة لتحقيق الاستدامة في موارد الدولة، ما يعزز من الاستدامة وذلك بين المصادر من خلال قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات، كما أن منهجية العمل لتنويع مصادر الدخل لا تعتمد على خطط ذات مسار واحد وتوقيت مستقبلي محدد، بل هناك برامج بدأت فعلا بتحقيق نتائجها في قطاع الخدمات وهناك برامج قد لا تظهر نتائجها إلا بعد عدة أعوام وهذا المسار من الخطط يؤكد مجموعة من النتائج وهي كفاءة الاقتصاد الوطني وقدرته على تحقيق الأهداف التي يتم العمل للوصول إليها وحجم الفرص الكبيرة التي يتمتع بها الاقتصاد الوطني وكفاءة العنصر البشري الذي تفاعل بشكل إيجابي ومتميز مع التوجه الحكومي وفق رؤية المملكة 2030، إضافة إلى الدور الفاعل للقطاع الخاص الذي استفاد من الدعم والفرص وقدم كثيرا من النجاحات خلال الفترة الماضية.
أطروحات الصكوك التي تعمل عليها المملكة تعد مؤشرا مطمئنا على وفرة السيولة في السوق في المملكة وهذا ما يعد تحديا لكثير من الاقتصادات في العالم، كما أنه يؤكد الثقة الكبيرة في القطاع المالي الذي بدأت تهرب منه الأموال في بعض دول العالم بعد إفلاس مجموعة من البنوك في تلك الدول، ولذلك فمن الأهمية بمكان خلال هذه المرحلة أن يكون هناك عمل أكبر من القطاع المالي لاستقطاب السيولة سواء محليا أو من التدفقات للاستثمارات الأجنبية فمن الواضح أن الأطروحات الحكومية استطاعت استقطاب تدفقات هائلة من السيولة من الخارج، لكن النمو الاقتصادي خلال الفترة المقبلة سيولد كثيرا من السيولة محليا وبالتالي تأتي أهمية البرامج الادخارية المتنوعة خصوصا التي تقبل الاشتراكات الصغيرة جدا وتعتمد على التقنية حيث يستطيع الفرد في أي وقت ومكان الاستثمار فيها، وهذا النوع من الاستثمارات بلا شك سوق تستقطب حجما هائلا من السيولة التي تبحث عن فرص ميسرة. ولعل أحد أفضل المنتجات التي تعتمد على الاستثمار في أدوات منخفضة المخاطر، حيث ما زال هذا النوع من الخيارات محدودا جدا رغم العائد الجيد الذي يمكن أن يحققه هذا النوع من الاستثمارات التي بدأت الشركات التقنية تنافس فيه المصارف.
فالخلاصة: الأطروحات التي يتم إعلانها من قبل المركز الوطني لإدارة الدين فيما يتعلق بالصكوك التي تطرحها حكومة المملكة يتم الإقبال عليها بصورة كبيرة رغم انخفاض العائد عطفا على أسعار الفائدة عالميا، ما يدل على كفاءة الاقتصاد الوطني وقدرته على استقطاب الاستثمارات الأجنبية ونجاح البرامج والمشاريع التنموية وفق رؤية المملكة 2030، وقدرة المملكة على تنويع مواردها الاقتصادية. وهذا يشجع على العمل على برامج ومنتجات تستهدف رؤوس الأموال لدى الأفراد محليا بما يعزز من إقبال المجتمع على الادخار والاستثمار خصوصا مع تحسن العائد للاستثمارات منخفضة المخاطر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي