نقص الرمال وارتفاع تكلفة برطمان المربى
يؤدي ارتفاع تكلفة حبة الرمل إلى تضخيم أسعار المواد مثل الزجاج والأسمنت حتى مع انخفاض فواتير الطاقة، ما يبرز أهميتها في كل شيء بدءا من برطمانات المربى إلى مشاريع البنية التحتية العالمية.
تعد الرمال المادة الطبيعية الأكثر استخداما في العالم، ولا سيما في البناء والتكسير الهيدروليكي لاستخراج النفط والغاز، إضافة إلى بعض العمليات الصناعية مثل رقائق الذاكرة نظرا إلى محتواها المرتفع من معدن الكوارتز. والرمال هي المادة الخام الأساسية للزجاج، حيث تمثل نحو ثلاثة أرباع مكوناته.
تسببت مشاريع استصلاح الأراضي الشاسعة، مثل ميناء تواس العملاق في سنغافورة، الذي من المقرر أن يكتمل في الأربعينيات من القرن الحالي، في زيادة الطلب على الرمال في الأعوام الأخيرة، حتى مع تزايد الوعي بأن تجريفها من السهول الفيضية للأنهار والشواطئ وقاع البحر يمكن أن يؤدي إلى تعرية السواحل والفيضانات.
تعتزم شركة سيليكا هولدنجز الأمريكية لتعدين الرمل رفع أسعار منتجات الرمال المستخدمة في الزجاج والبناء والمواد الكيميائية بنسبة تصل إلى الخمس بدءا من حزيران (يونيو) لتعويض ارتفاع تكاليف العمالة والنقل والمواد والتصنيع، حسبما قالت الشهر الماضي.
من المتوقع حدوث "زيادات في الأسعار أعلى من المتوسط" للرمال المستخدمة في الإنشاءات الحضرية في 2023، وفقا للدراسات المسحية الجيولوجية الأمريكية. رغم أن الرمال والحصى "وفيرة" حول العالم، فإن اللوائح التنظيمية البيئية والتوزيع الجغرافي والمخاوف المتعلقة بالجودة يمكن أن تجعل الإنتاج "غير اقتصادي"، كما حذرت الدراسة في كانون الثاني (يناير).
ارتفعت مبيعات الرمال والحصى المستخرجة في الولايات المتحدة للأغراض الصناعية 78 في المائة من حيث القيمة العام الماضي، أعلى بكثير من زيادة الـ30 في المائة في الأحجام، وفقا للدراسة الأمريكية. كان الدافع وراء ذلك هو صناعة الزجاج، فضلا عن التكسير والأسمنت.
في ألمانيا، ارتفعت أسعار القوارير الزجاجية والنوافذ والبرطمانات 27 في المائة في يناير مقارنة بالعام السابق، وفقا لأحدث البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء في البلد.
قالت سانت جوبان، الشركة الفرنسية لصناعة الزجاج ومواد البناء، للمستثمرين في مكالمة في وقت سابق من هذا العام "إن ارتفاع أسعار الرمال والمواد الأخرى استمر في رفع تكاليفها في الأشهر الثلاثة الأولى من 2023، ما ألغى تأثير انخفاض أسعار الطاقة دون المتوقع. وارتفعت تكاليف المواد الخام والطاقة للمجموعة 30 في المائة العام الماضي إلى 13 مليار يورو".
كما تخطط هذا العام لرفع الأسعار بما يكفي للتعويض عن التضخم في المواد الخام والعمالة، بعد زيادة الأسعار 10 في المائة العام الماضي. قال بينوا بازين الرئيس التنفيذي "كلما سنحت لنا فرص لرفع الأسعار، نفعل ذلك".
لقد أعطى ارتفاع أسعار المواد الخام مثل الزجاج والأسمنت شركات البناء ذريعة لعدم تمرير تكاليف الطاقة المنخفضة إلى المستهلكين. قال آندي مورفي، رئيس الصناعات في شركة إديسون لأبحاث الاستثمار في لندن "هناك بعض التأخير، عدم رغبة المنتجين في خفض الأسعار".
تقود الصين أكبر زيادة في الطلب على الرمال عالميا، بينما تقود القارة الإفريقية أسرع زيادة، بسبب الضغوط الديموغرافية ومشاريع بناء الطرق والمستشفيات والمدارس، وفقا لبحث أجراه باسكال بيدوزي، عالم بيئي في مبادرة برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
تتم تلبية جزء كبير من هذا الطلب عن طريق الاستخراج غير القانوني للرمال. يقول بيدوزي "من السهل أخذ الرمال، لديك مجرفة وشاحنة وترتجل كرائد أعمال (...) لكن لا يمكن تعويضه إلا بعمليات جيولوجية يمكن أن تستغرق مئات الآلاف من الأعوام لإنتاجه".
وأضاف "الأمور تزداد سوءا"، مشيرا إلى أن إندونيسيا وماليزيا وفيتنام وتايلاند وكمبوديا قد حظرت في السابق صادرات الرمال الطبيعية أو حدت منها وسط مخاوف بشأن الآثار البيئية والاجتماعية لاستخراجها من المجاري المائية.
تساعد الأمم المتحدة في بناء نظام كشف بواسطة الأقمار الاصطناعية لمراقبة حركة سفن تجريف الرمال في بحر الشمال وجنوب شرق آسيا وعلى طول الساحل الأمريكي، وتجري مناقشات لإنشاء مرصد رملي عالمي لجلب الشفافية لسلاسل التوريد الدولية.