الثمن الحقيقي لتذكرة السينما اليابانية

الثمن الحقيقي لتذكرة السينما اليابانية

بدءا من حزيران (يونيو)، سيرتفع ثمن مشاهدة فيلم في أكبر سلسلة لدور السينما في اليابان، توهو، بمقدار 100 ين ياباني (0.75 دولار أمريكي): وهي زيادة تبلغ 5 إلى 8 في المائة اعتمادا على نوع التذكرة. ربما لا يعد هذا خرقا للجيوب أو حتى ردعا للجمهور، لكنه مهم للعالم الجديد الذي يرمز إليه.
بالنسبة إلى المدرسة الفكرية التي تعتقد أن اليابان تعبر الآن (أو عبرت بالفعل) أهم نقطة انعطاف لها منذ عقود، فإن هذه الـ 100 ين التي تبدو تافهة لها آثار غير تافهة بشكل واضح. وقد لا يتطلب الأمر مزيدا من هذه الزيادات حتى يبدأ اليابانيون العاديون في التساؤل عما إذا كان النقد لم يعد أهم شيء وينبغي أن يتحوطوا ضد التضخم.
لقد تطلب إنهاء ذهول انكماش الأسعار، الذي عصف باليابان لأكثر من عقدين -وهي ظاهرة نفسية بقدر ما كانت اقتصادية من جميع نواحيها- دائما لعبة ذهنية كبيرة وتحويلية ولكنها كانت دائما تفتقر بشدة إلى اللاعبين. بالنسبة إلى جزء كبير منها، كانت السياسة النقدية التجريبية الفضفاضة للغاية للبنك غير قادرة على إقناع الصناعة أو عامة الناس بالمشاركة فيها. لقد تغير ذلك الآن.
إن التأثير النفسي لارتفاع أسعار تذاكر السينما قوي نوعيا، ويمكن القول إنه أكثر قوة بكثير من الارتفاع المفاجئ في أسعار المواد الغذائية والكهرباء والوقود والبضائع الأخرى المرتبطة بأسعار السلع الأساسية، لأنه يبدو غير قابل للتعديل. حقيقة أنه يتجاوز بكثير مستهدف بنك اليابان للتضخم البالغ 2 في المائة الذي طالما وضعه نصب عينيه هو أمر مؤثر من الناحية الكمية. رفعت سينما توهو أسعار تذاكرها بمقدار 100 ين في 2019، لكنها كانت المرة الأولى منذ 26 عاما. كان القرار آنذاك لافتا للنظر، بالتأكيد، لكن الشرح الذي جاء معه (شراء معدات رقمية جديدة) أوحى أنه قد يكون لمرة واحدة.
إن هذه الزيادة الثانية، التي فرضت بعد الجائحة ومع الإشارة إلى تكاليف العمالة والين الضعيف، تعني تهديدا حاسما قاتلا للانكماش: ليس فقط يمكن أن تستمر هذه الزيادات في الحدوث كل عام، بل هي استجابة للضغوط التي تنطبق على نسبة كبيرة للغاية من الشركات اليابانية.
السؤال إذن هو إلى أي مدى بدأ أي من هذا في تغيير سلوك الناس. يعتقد محللون في بنك جيه بي مورجان أنه قد يكون بدأ، أو على الأقل أن هناك مجموعة متزايدة من الأدلة السردية التي تشير إلى تحول في الموقف. في بحث نشر الشهر الماضي، أشار البنك إلى أن وتيرة التضخم الواسع للأصول العقارية آخذة في الارتفاع الآن على مسار لم يشهد منذ حقبة الفقاعة.
قال جيه بي مورجان إن مؤشر أسعار العقارات السكنية الرسمي في اليابان ارتفع 6 في المائة على الأقل على أساس سنوي في كل من الأشهر الـ 18 الماضية. كتب بنجامين شاتيل، مؤلف التقرير: "لم يتحقق ما يماثل وتيرة ارتفاع أسعار العقارات بعد الجائحة، ولا الوقت الذي استمرت فيه هذه المكاسب، منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي".
من المؤكد أن شراء الأجانب يلعب دورا في ازدهار العقارات السكنية في اليابان: تظل طوكيو وأوساكا الهدفين المفضلين للمشترين الأمريكيين والصينيين والآسيويين الآخرين، رغم تذمر السكان المحليين في كيوتو في الوقت الراهن من أن العاصمة التاريخية أصبحت أيضا هدفا.
لكن من الواضح أن الزيادات في أسعار العقارات تزامنت أيضا مع تذبذب في مستويات دين الأسر. بعد أعوام دون حركة تذكر، ارتفعت قروض الإسكان كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي في 2022 إلى أعلى مستوى لها منذ تسعينيات القرن الماضي. نادرا ما يعتمد الأجانب على تمويل البنوك اليابانية في مشترياتهم، ما يشير إلى أن المشترين المحليين وجدوا فجأة سببا للاستفادة من أسعار الفائدة المنخفضة للقروض التي كانت متاحة منذ أعوام.
في تقريره حول النظام المالي لشهر نيسان (أبريل)، أشار بنك اليابان بشكل خاص إلى حقيقة أن نسبة ديون الأسر إلى الدخل المتاح كانت في أعلى مستوياتها على الإطلاق وأن القروض العقارية قد ارتفعت على الرغم من الزيادة في معدلات شغور المساكن في جميع أنحاء اليابان.
يقول شاتيل إنه إذا أخذنا في الاعتبار السياق الأوسع، فإن ارتفاع تضخم أسعار الأصول قد يعكس تحولا في التصورات حول اتجاه جميع الأسعار في اليابان. خلال العقود الطويلة من الانكماش، لم يكن هناك حافز مقنع ضد الاحتفاظ بالنقد: سيحتفظ بقيمته بمرونة ومخاطر منخفضة، طالما فشلت جهود تأجيج التضخم. فجأة، يبدو أن هذا المنطق اندحض وقد يبحث الأفراد عن مزيد من الأصول المقاومة للتضخم. بالنسبة إلى كثيرين، ستبدو العقارات المكان الأكثر آمانا للبدء فيه.
هناك هشاشة في هذا كله -ولا يمكن إعلان النصر في اللعبة الذهنية الانكماشية حتى الآن. الأسبوع الماضي، أعلنت شركة الأثاث اليابانية العملاقة نيتوري أول انخفاض في أرباحها في عام بأكمله منذ 24 عاما بعد سلسلة من خمس زيادات في أسعار بضاعتها منذ الخريف الماضي. وقالت الشركة إنها عندما أدركت مدى سرعة فرار العملاء، بدأت في خفض أسعار 500 من منتجاتها وستواصل فعل ذلك. غلب الطبع التطبع وما إلى ذلك.

الأكثر قراءة