توزيع غنائم الرأسمالية يجلب الغبن للعاملين
بفضل ارتفاع أسعار الطاقة العام الماضي، كانت مكافآت الأجور الأخيرة المتعلقة بأداء المسؤولين التنفيذيين في قطاع النفط غير عادية. تضخمت الأرباح، ما أدى إلى ارتفاع أجور أعضاء مجالس الإدارات.
يقود هذا المجال دارين وودز الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل، الذي ارتفع أجره البالغ 36 مليون دولار العام الماضي 52 في المائة عما كان عليه عام 2021. ثم هناك برنارد لوني، الرئيس التنفيذي لشركة بريتيش بتروليوم الذي تضاعفت حزمة راتبه إلى عشرة ملايين جنيه استرليني العام الماضي. وليس بعيدا عنهما بن فان بيردن الرئيس التنفيذي السابق لشركة شل، الذي تلقى راتبا إجماليا 9.7 مليون جنيه استرليني، بزيادة 53 في المائة عن العام السابق - كل ذلك حصل في العام الأول من أزمة تكلفة المعيشة.
تود شركات النفط الكبرى أن نعتقد أن هذه المدفوعات هي مكافأة مشروعة للقدرة السحرية في الإدارة. لكن مهما كان هؤلاء الرؤساء التنفيذيون موهوبين (أو غير ذلك)، فلا شك في أن الحظ لعب دورا كبيرا. كما يتسبب التضخم المتصاعد في حدوث تشوهات عشوائية، لأن المقاييس المستخدمة في الأجور المرتبطة بالأداء تستند إلى التكاليف التاريخية غير المعدلة للتضخم. فهي لا تعكس تكلفة الاستبدال المتصاعدة للمخزون والمصانع والآلات أو انخفاض قيمة المال.
والنتيجة هي عدم مساواة لافتة للنظر بين أعضاء مجلس الإدارة والعاملين العاديين. وفقا لاستطلاع أجراه معهد السياسة الاقتصادية، شمل 350 من أكبر الشركات الأمريكية المدرجة، رواتب الرؤساء التنفيذيين الفعلية، بما فيها عائدات الأسهم وخيارات الأسهم، ارتفعت 1460 في المائة خلال الفترة من 1978 إلى 2021، مقارنة بنمو نسبته 18 في المائة للعامل العادي خلال الفترة نفسه.
يظهر الاستطلاع نفسه أن فجوة الأجور بين الرئيس التنفيذي والعامل ارتفعت من 20 ضعفا في عام 1965 إلى 399 ضعفا في عام 2021. أما المكافآت في المملكة المتحدة فكانت أقل ارتفاعا، لكنها رغم ذلك مذهلة. يقدر استطلاع مشترك لمركز الأجور المرتفعة ومؤتمر اتحاد العمال أن متوسط أجر الرئيس التنفيذي في شركات مؤشر فاينانشيال تايمز 100 في عام 2021 كان 109 أضعاف متوسط أجر العامل بدوام كامل، وذلك ارتفاعا من 79 ضعفا في عام 2020 و107 أضعاف في عام 2019.
هذا التفاوت يضعف معنويات القوى العاملة ويعزز الانطباع على نطاق أوسع بأن نخبة صغيرة تستحوذ على حصة غير متكافئة من غنائم الرأسمالية - وهي وصفة للشعبوية المتزايدة دوما في السياسة.
كيف وصل الأمر إلى هذا؟ الأساس في إنشاء ثقافة المكافآت في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة كان ورقة بحثية تعود إلى سبعينيات القرن الماضي بقلم الاقتصاديين الأمريكيين، مايكل جنسن وويليام ميكلينج، أكدا فيها على غياب المساءلة الإدارية جراء الفصل بين الملكية والسيطرة في الشركات المدرجة.
الحل الذي طرحه جنسن وميكلينج لمشكلة الوكيل الرئيس تلك، هو مواءمة مصالح المديرين مع مصالح المساهمين (الموكلين) من خلال منح المديرين (الوكلاء) حصة كبيرة من الأسهم. إلا أن المفهوم الخادع للمواءمة يعكس وجهة نظر مفرطة في التبسيط بشكل سخيف لدوافع مجالس الإدارة وهيكل سوق الأسهم.
لكل رئيس تنفيذي ميزانية شخصية بمستويات مديونية مختلفة. وهذا، إلى جانب توقعاتهم المتباينة حول فترة ولايتهم المحتملة، له تأثير عميق في شهيتهم للمخاطرة. تتفاوت البوصلات الأخلاقية للمديرين التنفيذيين بشكل كبير، وبالتالي استعدادهم لاستخدام سلطتهم في سبيل إثراء أنفسهم على حساب المساهمين. لم يتم الكشف عن أي شيء من هذا، لذلك يسود الجهل بشأن مصالح المديرين التنفيذيين التي يرغب المنظرون في التوفيق بينها وبين مصالح المساهمين.
أما بالنسبة للمساهمين، فلديهم آفاق زمنية مختلفة ورغبة مختلفة في المخاطرة. هم بالتأكيد ليسوا من يتحمل المخاطر المتبقية للنظام الرأسمالي كما تفترض نظرية الوكالة. وتعني الملكية المؤسسية أن مخاطر الإفلاس تتنوع عبر محافظ ضخمة. لكن لا يمكن تنويع مخاطر المديرين بسهولة.
الأمر الإشكالي بالقدر نفسه أن مقاييس الأجور المتعلقة بالأداء معيبة. فنادرا ما تميز المقاييس التي يكون فيها سعر السهم محركا رئيسا بين أداء سهم الشركة المحدد وحركة السوق كلها. كما يمكن التلاعب بسهولة بمن يعتمد على ربحية السهم، ولا سيما من خلال عمليات إعادة شراء الأسهم التي تعزز أرباح السهم بينما تضعف الميزانيات العمومية.
وهذا يساعد على تفسير سبب تجاوز قيمة عمليات إعادة الشراء وتوزيعات الأرباح لشركات النفط الكبرى الآن استثماراتها في مصادر الطاقة المتجددة بشكل كبير. وكما أندرو سميثرز أوضح الاقتصادي البريطاني، بشكل مقنع، فإن ثقافة المكافآت تفسر إلى حد كبير تراجع الاستثمار في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، إلى جانب انخفاض نمو الإنتاجية.
في عالم يتسم بالعقلانية، فإن أجر الرئيس التنفيذي سيكون في المقام الأول نقدا مع استخدام الأسهم فقط عند تقديم أداء استثنائي بالفعل. يدافع سميثرز عن نظام ضريبي أكثر ملاءمة للاستثمار وأن تكون المكافآت مشروطة بتحسن الإنتاجية. لكن هذا لن يحدث لأن الرؤساء التنفيذيين يحبون المكافآت التي يجلبها الحظ، إلى جانب امتلاكهم قوة للضغط. لذلك لن تتم معالجة الفشل المذهل لحوكمة الشركات وإشراف المستثمرين على رواتب التنفيذيين في أي وقت قريب.