أسعار الأسمدة وعلاقتها بأسواق السلع
يستعرض هذا المقال مؤشرات تشهدها أسواق السلع الأولية، ويشرح بالتفصيل الموضوعات التي تمت مناقشتها خلال الفترة الماضية من خلال نشرة "آفاق أسواق السلع الأولية" عدد تشرين الأول (أكتوبر) التي يصدرها البنك الدولي.
تراجعت أسعار الأسمدة بعد ذروتها أوائل 2020، لكنها لا تزال عند مستوياتها المرتفعة تاريخيا. والتراجع الطفيف في الأسعار يعكس جزئيا ضعف الطلب، حيث يلجأ المزارعون إلى تقليص استخدامهم للأسمدة في زراعة حقولهم بسبب صعوبة تحمل تكاليفها وعدم توافرها في الأسواق. وتتأثر هذه الصناعة أيضا بقضايا جانب العرض، بما في ذلك أزمة الإنتاج في أوروبا، والاضطرابات الناجمة عن العقوبات المفروضة على روسيا وبيلاروس، والقيود التجارية في الصين.
وبشأن أزمة الإنتاج في أوروبا نلاحظ أن الزيادة الحادة في أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا أدت إلى تخفيضات واسعة النطاق في إنتاج الأمونيا - أحد مستلزمات الإنتاج المهمة في صناعة الأسمدة النيتروجينية. وبدءا من تشرين الأول (أكتوبر) 2022، بلغ التراجع في إنتاج الأمونيا أو إغلاق مصانع الإنتاج نحو 70 في المائة في أوروبا. وتراجعت تكاليف مستلزمات الإنتاج في الأشهر الأخيرة بسبب زيادة واردات الغاز الطبيعي المسال لدعم الاحتياطيات الوطنية لدول أوروبا، فضلا عن توقع حدوث شتاء أكثر اعتدالا. ويسمح ذلك لبعض مصانع إنتاج الأسمدة النيتروجينية المغلقة في أوروبا باستئناف عملياتها.
وتعطلت الإمدادات بسبب الحرب في أوكرانيا في أعقاب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في شباط (فبراير) 2022، حيث فرضت عدة دول "منها دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة" عقوبات على روسيا وبيلاروس، وهما من الدول الكبرى المصدرة للأسمدة. وحددت العقوبات التجارية "استثناءات" لقطاعي الأغذية والأسمدة لتجنب الآثار السلبية في الأمن الغذائي العالمي. وكان لهذه الاستثناءات أثرها في تمكين روسيا من مواصلة تصدير الأسمدة. وانخفضت صادرات البوتاس من بيلاروس بأكثر من 50 في المائة بسبب القيود المفروضة على استخدام أراضي الاتحاد الأوروبي لأغراض عبور تلك الصادرات. وأوقفت ليتوانيا تحديدا استخدام شبكتها للسكك الحديدية لنقل البوتاس البيلاروسي إلى ميناء كلايبيدا حيث تتم مناولة 90 في المائة من صادرات بيلاروس.
وللحديث عن القيود المفروضة على الصادرات في الصين. تفاقمت المخاوف بشأن إمدادات الأسمدة بسبب تمديد الصين قيود التصدير التي فرضتها عليها حتى نهاية 2022 من أجل الحفاظ على توافر تلك الأسمدة في أسواقها المحلية. وفي أثناء الأشهر العشرة الأولى من 2022 انخفضت صادرات الصين من فوسفات ثنائي الأمونيوم، التي تمثل 30 في المائة من حجم التجارة العالمية في هذه المادة، بنحو 50 في المائة "على أساس سنوي". وفي غضون ذلك، انخفضت صادرات الصين من اليوريا بنحو 60 في المائة "على أساس سنوي" خلال الفترة نفسها.