رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


كيف ترى العالم بأنفك؟

معارض الروائح ليست مقتصرة على معارض العطور التي تقضي على حاسة الشم ولا تنعشها، إنها تحجب رائحة الحياة من حولنا، فعلاقتك بالحياة تبدأ من رائحة أمك ومع الوقت فقدنا مهارتنا في الشم ومعها كثير من المعلومات التي كانت تزودنا بها حاسة الشم، التي أصبحت حاسة ثانوية بعد أن كانت تلعب دور رئيسا في بقائنا على قيد الحياة، إننا نتنفس 24 ألف مرة في اليوم، وكل نفس يخبرنا بشيء ما عن العالم من حولنا، فمن خلالها كان البشر قديما يجدون طعامهم ويستدلون على طريقهم إلى منازلهم ويتجنبون الوحوش المفترسة.
ووجد العلماء ارتباطا فعليا بين قدرتنا على الشم والوظائف الدماغية، فحينما يفقد كبير السن حاسة الشم يدل ذلك على أنه عرضة للإصابة بمرض الزهايمر، كما ترتبط حاسة الشم بمرض باركنسون والتصلب اللويحي المتعدد.
ومن أشهر العلماء الذين شغفوا بهذه الحاسة وسخروا حياتهم للتعرف عليها ودراستها والتعريف بها، الدكتورة سيسل تولاس، وأسست لها أرشيفا خاصا بالروائح مستغلة تخصصها في الكيمياء العضوية.
بدأ اهتمام الدكتورة تولاس نرويجية الأصل بحاسة الشم وعالم الروائح منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، وعبر رحلتها الطويلة، كانت ولا تزال تؤمن بوجود عالم كامل من الروائح ومدى واسع من الطرق التي يمكن اتباعها لرفع الوعي بأهميتها!
تقوم تولاس في معملها الخاص في برلين، على تحليل ما تجمع من روائح، ثم تصنفها وتضعها في أرشيفها الذي يضم أكثر من عشرة آلاف رائحة مختلفة، حصيلة رحلة ممتدة من دس أنفها في كل شيء وأي شيء ـ الأجساد، الغسالات، الأحذية، الزهور، حاويات القمامة، الجدران العتيقة، الخضراوات والفاكهة، البيوت، المقاعد، وغير ذلك كثير ـ وهكذا تفعل كلما زارت مكانا لتبدأ رحلة البحث في عالم غير مرئي من الروائح التي تشكل جزءا من هوية الأشخاص والأماكن والمدن.
ومع تطور التكنولوجيا، أصبح لديها جهاز يلتقط الجزئيات بما فيها من روائح تحتوي على مئات المركبات، وبمساعدة برمجيات وتكنولوجيا أخرى، تمكنت من تحليل وحفظ الروائح وتثبيتها على أسطح للعرض وأصبحت لديها قاعدة بيانات، استخدمتها لإقامة عديد من المعارض مثل معرض رائحة الدول، ومعرض رائحة الخوف جمعت فيه روائح أشخاص تعرضوا للخوف الشديد، وشاهدت كيف يخاف الناس من الروائح ويتجنبونها، وعدت الروائح مدخلا للديمقراطية، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك حيث تقول لا توجد رائحة كريهة!
واليوم تركز تولاس على روائح جسدها ومن خلاله تتعرف على الكائنات الميكروبية التي تسكنه لتؤكد أننا لسنا وحدنا!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي