مخاطر البنوك بحاجة إلى مزيد من العلاج

مخاطر البنوك بحاجة إلى مزيد من العلاج

يدرك مستثمرو البنوك المخاطر جيدا. فهم يعلمون أن الخدمات المصرفية تعتمد على الثقة وأن المعنويات يمكن أن تتغير بسرعة. غير أن الأزمة التي مر بها بنك كريدي سويس كانت ظاهرة غير مسبوقة.
كل فشل بنكي أستطيع تذكره كان ناتجا عن خسائر دفينة، سواء أكانت في دفاتر القروض أو دفاتر المشتقات أو دفاتر السندات. وعلى الرغم من أن هذه الحادثة الأخيرة من الذعر في السوق كانت ناجمة عن خسائر السندات في البنوك الأمريكية متوسطة الحجم، إلا أنه لا يوجد ما يشير إلى أن أزمة كريدي سويس كانت تنبع من هذه المشكلة. إذن، كيف حدث ذلك، وما الدروس التي يمكن استخلاصها من الأزمة ومن تدخل السلطات السويسرية فيها؟
في الأسواق التي اهتزت عقب انهيار بنك وادي السيليكون وبنك سيجنيتشر، قال أكبر مساهم في بنك كريدي سويس في بيان: إنه لن يقدم أي مساعدة إضافية، وهو ما كان كافيا للتسبب بحالة من الانهيار في سعر سهم البنك.
المساعدة المالية تعد كبندقية تشيخوف بالنسبة للأعمال المصرفية: قم بالإشارة إليها ومن المرجح جدا أن يتم استخدامها قبل انتهاء المسرحية.
لم يصبح بنك كريدي سويس الهدف الرئيس للأسواق من قبيل المصادفة. فهو لأعوام كان متورطا في سلسلة من الفضائح والخلافات الإدارية. وأحيانا لا يبدو تقريره السنوي سوى قائمة طويلة من الدعاوى القضائية القديمة والجديدة، إلى جانب الاعتراف بضعف ضوابط الخطر.
وهكذا، أثبت كريدي سويس أنه الحلقة الأضعف بين البنوك الأوروبية النظامية على مستوى العالم. وهي حلقة ضعيفة وغريبة بعض الشيء، لأنه كان يملك كثيرا من رأس المال والسيولة. وهو ليس البنك الوحيد الذي يتسم بربحية منخفضة، كما أنه ليس وحده الذي شهد تدفقات الودائع الخارجة في الربع الرابع. وهو بالتأكيد ليس البنك الوحيد الذي تعرض للفضائح على مر الأعوام. لكنه البنك الذي كانت لديه كل نقاط الضعف تلك في أسوأ لحظة ممكنة.
ما الخيارات التي كانت متاحة لإيقاف النزيف؟ لم يكن لدى السلطات السويسرية حقا أي خيار. وفي النهاية، فإن عملاء بنك كريدي سويس هم الذين قرروا مصيره، وليس المستثمرون. حسموا أمرهم وسحبوا الأموال. الاندماج مع بنك يو بي إس يعد حلا واضحا كان في أذهان الجميع. ربما تتعرض السلطات السويسرية لانتقادات، لأنه قيل إنها لم تفعل المزيد لفتح حرب المزايدة للأطراف غير السويسرية، لكن هل يمكننا حقا إلقاء اللوم عليها؟ هل يمكن لأي شخص أن يتذكر حسم مسألة انهيار بنك ما خلال عطلة نهاية الأسبوع من قبل فارس أبيض أجنبي؟
لهذا السبب كان بنك يو بي إس في موقف تفاوضي قوي للغاية. سيتجادل الناس حول احتمال وقوع خسائر بسبب الدعاوى، أو مزيد من القروض المعدومة، أو تكلفة تصفية بنك كريدي سويس الاستثماري. لكن بنك يو بي إس يدفع جزءا بسيطا من حقوق المساهمين في البنك، المقدرة بنحو 45 مليار فرنك سويسري (49 مليار دولار) نهاية العام الماضي. حتى بعد احتساب البيع المحتمل لبعض الأصول في بنك التجزئة السويسري لإدارة قضايا المنافسة، فمن المرجح أن تكون هذه الصفقة ذات قيمة كبيرة للمساهمين في بنك يو بي إس. كما قد تؤدي استعادة ثقة العملاء وتكاليف التمويل المنخفضة إلى تغيير قوانين اللعبة لتحقيق الربحية.
مع ذلك، يبدو أن حملة السندات سيضطرون إلى تكبد بعض الخسارة. وعلى المدى الطويل، قد يثير ذلك قضايا الاستقرار المالي نظرا لأن هذه الحالة كانت مدفوعة بذعر السوق بشأن بنك يتمتع برأسمال وسيولة مرتفعين وكان مدعوما من قبل الجهة المشرفة عليه.
هناك عديد من الدروس يمكن استخلاصها من هذه الأزمة، لكن آمل أن يكون الدرس الرئيس في نهاية المطاف هو أن ثقافة البنك مهمة لدرجة أنه لا يجب التعامل معها باستخفاف. قد تؤدي نوبة من تقلبات السوق، بعد إخفاقات داخلية أو حتى مصرفي مارق، إلى تعريض عمل عشرات الآلاف من الأشخاص المجتهدين للخطر، الذين سيشعرون بنظرة الخيانة والاستياء الموجهة إليهم لمجرد أنهم عملوا في الشركة الخطأ. لقد قام المنظمون والمستثمرون بكثير من العمل في هذا الشأن، لكن من الواضح أنه لا يزال هناك كثير يتعين القيام به.

*شريك إداري ورئيس قسم الأبحاث في شركة أكسيوم أولترنيتيف إنفيستمنتس

الأكثر قراءة