ثغرات في جدار الحماية المصرفية

ثغرات في جدار الحماية المصرفية

قد تعتقد أن جهات التنظيم المصرفية ستشعر ببعض من التوتر هذه الأيام، خلال فترة قصيرة، أصبحت ثلاث جهات إقراض أمريكية وبنك كريدي سويس النظامي العالمي ضحايا أزمة مصرفية ليست بالصغيرة، تشبه إلى حد كبير الانهيارات الفوضوية في 2007 - 2008.
على العكس، هناك شعور خالص بالرضا. فقد تم احتواء الإخفاقات، على الأقل في الوقت الحاضر. تم نشر آليات تنظيمية جديدة على وجه السرعة. وربما الأهم من ذلك، أن الضغط من أجل تخفيف اللوائح التنظيمية على جانبي المحيط الأطلسي قد توقف.
حتى إن هناك فرصة لتشديد بعض القواعد. في وقت سابق هذا الشهر، أعلن أندرو بيلي، محافظ بنك إنجلترا، أن خطة التأمين على الودائع في المملكة المتحدة، التي تضمن 85 ألف جنيه استرليني من أموال العميل، قد تحتاج إلى الإصلاح، ووافقه جيريمي هانت وزير المالية على ذلك. قال المسؤولان "إن الانهيارات المصرفية الأخيرة أكدت أن وجود خطة موجودة لضمان الودائع أساسية للحفاظ على الثقة بالبنوك".
الثقة ضرورية للمعيار المعاصر للمصرفية الاحتياطية الجزئية، التي تسمح للبنك بدعم النمو الاقتصادي عن طريق الإقراض لفترات طويلة أكثر بكثير مما يحتفظ به من الودائع ذات الوصول السهل.
على مر الأعوام، تم الكشف مرارا وتكرارا عن هشاشة تلك الثقة. عملية التدافع الكبرى سيئة السمعة عام 2007 لسحب الودائع من بنك نورثرن روك جعلت الجهات التنظيمية في المملكة المتحدة على دراية خاصة بالمخاطر. هذا العام، حلت مصائر مشابهة ببنك سيليكون وادي وبنك كريدي سويس. في عصر رقمي يتميز بإمكانية التحويل الفوري للأموال، والذعر الذي تنشره وسائل التواصل الاجتماعي، تعد هذه مشكلة أكبر من أي وقت مضى.
عادة ما يتم تمويل خطط التأمين على الودائع -المعيار في كثير من الأسواق المتقدمة لحماية أموال العملاء- على أساس مشترك مجمع عبر القطاع المصرفي. ويعد المخطط الأمريكي، الذي يضمن 250 ألف دولار، من أكثر البرامج سخاء.
لكن الأحداث الأخيرة أوضحت أنه حتى المخططات السخية ظاهريا لا تناسب الغرض. في الولايات المتحدة، كانت هناك مبادرة مصيرية عام 2019 لإلغاء الضوابط التنظيمية، وإعفاء البنوك الإقليمية من أدوات حماية الأموال والسيولة. في حالة بنك سيليكون فالي، الذي كان لديه متوسط مستويات إيداع عالية جدا، كانت هناك مشكلة إضافية تتمثل في أن الأغلبية العظمى من أموال العملاء لم تتم تغطيتها بضمانات الودائع.
وفي محاولة لتهدئة حالة الذعر، تعهد الاحتياطي الفيدرالي بضمان حكومي غير محدود على ودائع بنك سيليكون فالي. قال صانعو السياسة "إن تعهدا مشابها يمكن أن يتم إذا وقعت بنوك أخرى مهمة على صعيد النظام في مشكلات".
حتى انخراط المملكة المتحدة الضئيل في قضية بنك سيليكون فالي -مع بيع عملياته في المملكة المتحدة إلى بنك إتش إس بي سي مقابل جنيه إسترليني واحد في مخطط صاغه صناع السياسة- كان كافيا لتحفيز إعادة النظر في موضوع ضمان الودائع.
هناك كثير من التغييرات قيد الدراسة من قبل بنك إنجلترا. من الواضح أن هناك سؤالا حول مقدار الضمان. لو أن مبلغ 85 ألف جنيه استرليني قد واكب التضخم على مدى العقد الماضي، لكان قد ارتفع إلى ما يتجاوز 100 ألف جنيه استرليني. إن مثل هذا التغيير لن يفعل الكثير لتغيير سلوك المودعين في حالة ذعر. من ناحية أخرى، هناك حجة واضحة لجعل الضمان أعلى بكثير لأصحاب الحسابات التجارية، الذين قد يهربون بشكل أسرع.
وبصورة أعمق، فإن بنك إنجلترا يفكر في الانتقال إلى النموذج الأمريكي المتمثل في وجود تجمع ممول مسبقا بشكل مناسب يمكن أن يسمح للمودعين في مؤسسة مفلسة بالوصول شبه الفوري إلى أموالهم، بدلا من الاضطرار إلى الانتظار لمدة أسبوع أو أكثر بينما يستدعي النظام الحالي المساهمات من البنوك المشاركة. من المحتمل ألا يحظى هذا بشعبية لدى البنوك، لكنه قد يساعد على الحماية من نوع الذعر الذي يؤدي إلى عمليات السحب الكبرى.
يفكر صانعو السياسة أيضا في كيفية تداخل ضمان الودائع مع القواعد، مثل نسبة تغطية السيولة، التي تحدد مستوى التمويل السائل الذي يجب أن يحافظ عليه البنك. تفترض نسبة تغطية السيولة حاليا أن الحد الأقصى للتدفق الخارجي منخفض بشكل غير معقول بنسبة 20 في المائة من ودائع عملاء التجزئة في الشهر. حتى إن بنكا مثل نورثرن روك، في فترة ما قبل درجة الرقمنة الحالية، فقد بسرعة أكثر من نصف ودائع العملاء.
كما أن هناك تداعيات غير مباشرة على إصدار سندات البنوك. السندات المصممة لكي "يتم إنقاذها" في حالة إفلاس أحد البنوك، تحقق الآن عوائد أعلى كثيرا مما كانت تحققه قبل الأحداث الأخيرة. ومن المحتمل أن يجعل هذا من الصعب على بعض البنوك، ولا سيما البنوك الصغيرة، الامتثال لمتطلبات رأس المال التنظيمية الخاصة بها، يمكن أن يكون نظام تأمين الودائع الأكثر قوة، مع ارتفاع التكاليف بالنسبة إلى هذه البنوك، بديلا.
هذه الإصلاحات ضرورية قبل أن تلحق أوجه القصور في النظام الحالي أضرارا حقيقية. تطرح المملكة المتحدة الأسئلة الصحيحة، ولدى الولايات المتحدة ثغرات أكبر، وينبغي ألا تتأخر في إغلاقها.

الأكثر قراءة