رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


الابتسامة أفضل استثمار تواصلي

يعرف البشر قيمة الابتسامة جيدا، فالابتسامة من التعابير الأساسية الموحدة بين مختلف الثقافات والأعراق والأعمار، هي تعبير السعادة الأهم، والأسهل، والأقرب إلى حواس الآخرين وقلوبهم. ومع ذلك تجد من تضطرب عنده عملية التوازن بين الابتسامة والجد، فيظن البشاشة من الهزل واللعب. وقد ترى من يغذي غروره ويقتل ابتسامته وهي في مهدها قبل أن تظهر للآخرين، أو من يمسك ابتسامته حرصا واحترازا من أن يفهمه أحد بشكل خاطئ - كما يظن - أو يخاف من أن يظهر كأنه يقلل من حالته الجادة والجديرة بالثقة.
إن أفضل استثمار تواصلي هو الاستثمار الذي ينقل المشاعر الجيدة ويجعل التواصل أفضل بين الأفراد، في شتى أنواع المجتمعات، العائلية والعملية وغير ذلك. الابتسامة على قمة الحلول هنا. فهي أفضل ما تم إثباته من التعابير الإيجابية القادرة على توليد مشاعر إيجابية أخرى قابلة للانتشار، تتسبب الابتسامة في حالة عدوى إيجابية في أي تفاعل اجتماعي تقع فيه. هذا ما تقوله الأبحاث، إذ إن الابتسامة مؤشر أو علامة على المشاعر الإيجابية الموجودة عند مطلق الابتسامة، وتخفف أثر التوتر وتحسن المزاج وترفع الإحساس بالتواصل الاجتماعي. عندما نبتسم تفرز أدمغتنا النواقل العصبية المفيدة مثل الدوبامين والإندورفين والسيروتينن، ما يعزز المشاعر الإيجابية.
تولد الابتسامة لمتلقيها مشاعر إيجابية أخرى، مثل الارتياح، السعادة، والقرب. في دراسة في جامعة بنسلفينيا توصل الباحثون إلى أن رؤية الآخر يبتسم تمنح المتلقي شعورا بالدفء والود والكفاءة. لهذا، ينصح من يتقدم إلى مقابلة شخصية أن يستخدم الابتسامة كوسيلة للتأثير فيمن يقابله، وقد ثبت لاحقا في دراسة أخرى أن الابتسامة تؤثر في احتمالية القبول في قرارات التوظيف. ولو تمعنت في المواد الإعلانية لن ترى بسهولة إعلانا فيه ممثلون يخلو من الابتسامة، سواء كانت مادته هزلية أو جادة.
ربما ننسى - انشغالا أو اعتيادا - التعاطي مع التبسم باستمرار، سواء كان ذلك التعاطي منحا واستقبالا، وهي تعبير معد لشعور إيجابي طبيعي. لا يقتصر الأمر على الاعتياد على ذلك، بل أحيانا نعتاد على صنع أجواء صامتة وغير مريحة في مناسباتنا الاجتماعية بتجاهل الابتسام والتقليل منه. والانشغال هنا ليس ماديا بالضرورة بل قد يكون انشغالا ذهنيا سلبيا يغوص وقتها الفرد أثناء تواصله مع الآخرين في فضاءات أخرى لا أولوية لها في تلك اللحظة. وهنا تأتي أهمية تطوير المهارات الاجتماعية التي تطلب درجة من الاهتمام والتركيز والتفاعل، هذه حقوق لأنفسنا علينا وللآخرين كذلك، وتستحق الاهتمام والاستثمار. وأحيانا، ننسى لأن وعينا تجاه الابتسامة ضعيف، نظنها أمرا جانبيا هامشيا، وهي ليست كذلك. وأحيانا ننسى لأننا نريد أن ننسى، كما ذكرت أعلاه، توجسا أو غرورا.
لمن نبتسم؟ نبتسم للجميع، القريب والبعيد والأقربون أولى، للصغار والكبار والصغار أحق. ومتى نبتسم؟ في كل تفاعل اجتماعي يعد الابتسام فيه مؤثرا إيجابيا للتقدم خطوة في تواصلنا مع الآخرين، ولصنع الأثر، ولفتح المجال لعدوى الابتسامة أن تنتشر. في المنزل والعمل والمناسبات السعيدة التي تستمد قيمتها من مشاعر الفرح. العيد أحد أفضل الأمثلة لهذه المناسبات، فهو مصمم ليكون يوم امتنان وفرح وسرور، وديننا دين التبسم والرضا، جوهرا وظاهرا فـ"تبسمك في وجه أخيك صدقة"، ومع ذلك، ننسى أن نبتسم!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي