كيف فقدت لندن جاذبيتها لدى شركات التكنولوجيا المالية؟

كيف فقدت لندن جاذبيتها لدى شركات التكنولوجيا المالية؟
الحي المالي في لندن. "جيتي"

مع انهيار بنك سيليكون فالي في بداية آذار (مارس)، كانت شركات التكنولوجيا المالية الناشئة من بين الذين يتدافعون لإخراج المال من المقرض الأمريكي المتعثر، الذي تخصص في تمويل قطاع التكنولوجيا.
قال أحد المؤسسين، "تحدثت إلى مديرهم الإداري للتكنولوجيا المالية ظهر الجمعة، أكد لي أن كل شيء بخير". بعد عدة ساعات، لم يكن لدى شركته وصول إلا لثلاثة أشهر من الرواتب، ومليوني جنيه استرليني محتجزة في الفرع المحلي لبنك سيليكون فالي في المملكة المتحدة.
بيع بنك سيليكون فالي في المملكة المتحدة بسعر زهيد بلغ جنيها استرلينيا واحدا لبنك إتش إس بي سي أدى إلى استقرار الوضع، وحماية الودائع. لكن الارتياح كان يشوبه القلق من أن أحد المقرضين القلائل الراغبين في دعم الشركات الناشئة المبتكرة يواجه مستقبلا غير مؤكد، ومدرج تحت عملاق القطاع المصرفي في المملكة المتحدة.
أطلق ريشي سوناك، رئيس الوزراء، مراجعة في التكنولوجيا المالية في المملكة المتحدة عندما كان وزيرا للمالية، تحت عنوان "لانفجار عظيم رقمي". تحدث جيريمي هانت وزير ماليته، منذ ذلك الحين عن "قطاع التكنولوجيا المالية الناجح" في المملكة المتحدة في خطاب يتصور "سيليكون فالي العالم الجديد".
لكن مؤسسي التكنولوجيا المالية يقولون إنه على الرغم من الضوضاء الصادرة عن الحكومة، هناك حاجة إلى مزيد لضمان احتفاظ المملكة المتحدة بتفوقها في التكنولوجيا المالية، من فتح التمويل الإضافي إلى إصلاح القوائم.
قال كريستيان فايس، رئيس شركة الإقراض العقاري ليند إنفست، التي أدرجت في لندن في تموز (يوليو) 2021، "أعتقد أن الجميع مرهقون بعض الشيء. لم يكن هناك شك في أن لندن كانت مركز التكنولوجيا المالية (...) لقد كان ذلك يتضاءل لعدد من الأعوام".
أكد مؤسسو التكنولوجيا المالية أن صفقة إتش إس بي سي كانت أفضل بكثير من إفلاس بنك سيليكون فالي في المملكة المتحدة. لكن أثار كثير منهم مخاوف بشأن مدى نجاح اندماج ثقافة البنكين، نظرا لاختلاف الرغبة في اتخاذ المخاطرة وخلفياتها فيهما.
قال أحد المستثمرين، "كثير من المؤسسين الذين قالوا إن "إتش إس بي سي" رفضهم أخيرا لديهم الآن حسابات معهم من خلال بنك سيليكون فالي في المملكة المتحدة. هل يتعين عليهم الآن البحث في مكان آخر، أم أن هذا شيء لا يشكل مشكلة لإتش إس بي سي؟".
تساءل فيليب هاموند، وزير المالية الأسبق ورئيس شركة كوبر للعملات المشفرة، عما إذا كان بإمكان "إتش إس بي سي" توفير نوع الدعم المطلوب الأكثر خطورة للشركات في المرحلة المبكرة.
قال "تسأل الشركات نفسها عما إذا كان من الممكن، رغم كل هذا الحديث، أن تزدهر هذه الثقافة المميزة إلى حد ما "ثقافة بنك سيليكون فالي في المملكة المتحدة" داخل عملاق مثل "إتش إس بي سي".
ذكر "إتش إس بي سي" أنه يعتزم الاستمرار في إدارة بنك سيليكون فالي في المملكة المتحدة ككيان مستقل دون تغيير في منهجه تجاه العملاء، وأن البنك سيستمر في دعم الأعمال بالطريقة نفسها التي كان عليها قبل الاستحواذ.
وأضاف "لدينا تاريخ طويل في دعم الشركات الناشئة المبتكرة في المملكة المتحدة وفي جميع أنحاء العالم. كان لدينا دائما علاقات عمل قوية مع شركات رأس المال المغامر وشركات الأسهم الخاصة".
لكن مستقبل عملاء بنك سيليكون فالي في المملكة المتحدة ليس مصدر الشكاوى الوحيد للتكنولوجيا المالية، حيث يلفت بعض المؤسسين الانتباه إلى حالات عدم اليقين الناجمة عن مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي.
قال مارك مولن، الرئيس التنفيذي لبنك أتوم الرقمي، "المهارات التكنولوجية قليلة العرض، وتحد من بعض النواحي من إمكانات النمو، ولا سيما بالنسبة إلى التكنولوجيا المالية في المملكة المتحدة".
تنكشف هذه التحديات في وقت تلقت فيه أسهم النمو على مستوى العالم خسائر، حيث دفع ارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع التضخم المستثمرين إلى البحث عن أرباح قصيرة الأجل بدلا من النمو طويل الأجل.
خفضت شركة التكنولوجيا المالية السويدية كلارنا تقييمها من 46 مليار دولار إلى أقل من سبعة مليارات دولار في جولة تمويل في تموز (يوليو) الماضي. قامت شركة تشيك آوت دوت كوم شركة التكنولوجيا المالية للمدفوعات في المملكة المتحدة، التي قيمت بمبلغ 40 مليار دولار في كانون الثاني (يناير) 2022، بخفض تقييمها الداخلي إلى 11 مليار دولار في كانون الأول (ديسمبر) الماضي.
"قد لا يؤثر التضخم بشكل مباشر في شركات التكنولوجيا المالية، لكن إذا كان عليهم دفع 50 في المائة أكثر على الطاقة، والمستهلكون يتطلعون إلى الادخار بدلا من الإنفاق (...) فمن المحتمل أن يتحول ذلك إلى نشاط في التكنولوجيا المالية"، حسبما قال نالين باتيل، محلل في "بيتش بوك".
كما تدعو شركات التكنولوجيا المالية إلى مزيد من الإصلاحات الشاملة لدعم النمو، مثل دفع صناديق التقاعد لاستثمار جزء من أموالها في الشركات البريطانية، بما في ذلك شركات التكنولوجيا المالية.
قال هاموند، "هناك رغبة حقيقية في الحكومة لأن تكون المملكة المتحدة مركزا ماليا عالميا، لكن لا يبدو أن هناك استعدادا لإدراك ما هو ضروري لتحقيق ذلك".
كما حذر تشارلي ميرسر، رئيس السياسة الاقتصادية في مجموعة الضغط كوداك للشركات الناشئة، من أن التغييرات في الائتمان الضريبي للبحث والتطوير التي أعلن عنها هانت في بيان الربيع ستثبت أنها تمثل تحديا خاصا لشركات التكنولوجيا المالية، التي من غير المرجح أن تنفق ما يكفي على البحث والتطوير لتصبح مؤهلة.
حذر من أن "البيانات المأخوذة من الاستطلاع الذي أجريناه لأكثر من 250 من مؤسسي الشركات الناشئة وجدت أن متوسط التخفيض من 30 إلى 40 في المائة من الأموال المتسلمة، بمتوسط خفض يبلغ 100 ألف جنيه استرليني. هذا الوقت من العام المقبل قد يكون قاتما لكثير من الشركات".
كان أحد أعقد مجالات النقاش يدور حول ضمان اختيار شركات التكنولوجيا المالية لندن على الأسواق الأخرى عند طرحها للاكتتاب العام، النقاش الذي تزنه الشركات في القطاعات الأخرى أيضا.
قال أحد المسؤولين التنفيذيين في مجال التكنولوجيا المالية، "لن تحصل على المستوى نفسه من طلب المستثمرين والسيولة والتقييم في المملكة المتحدة". اختارت شركة آرم البريطانية العملاقة للتكنولوجيا نيويورك على لندن، بقواعد صارمة، قيل إنها أثرت في رفض تعويم المملكة المتحدة.
###---###
#summary
التغييرات في الائتمان الضريبي الخاص بأعمال البحث والتطوير ستثبت أنها تمثل تحديا خاصا لشركات التكنولوجيا المالية.

الأكثر قراءة