صناديق سوق المال عالقة في مأزق سقف الديون الأمريكية

صناديق سوق المال عالقة في مأزق سقف الديون الأمريكية
تصاعدت مخاوف حدوث أزمة سقف ديون هذا الشهر مع حلول الموعد النهائي للضرائب الأمريكية هذا الأسبوع. "جيتي"

صناديق أسواق المال، التي تفيض بالودائع بعد أن لجأ المستثمرون إلى الأمان خلال الاضطرابات المصرفية الشهر الماضي، تواجه الجمود السياسي بشأن سقف الديون الأمريكية التي تهدد بالإخلال بمحافظها الاستثمارية.
تدفق ما يربو عن 440 مليار دولار إلى صناديق سوق المال الأمريكية منذ أوائل آذار (مارس)، وفقا لمزود البيانات "إي بي إف آر"، في أعقاب انهيار بنك سيليكون فالي، ومع إجبار العوائد الجذابة المستثمرين على مغادرة حسابات الودائع العادية.
توجهت هذه التدفقات الداخلة بقدر كبير إلى صناديق سوق المال الحكومية، التي تستثمر بكثافة في سندات الخزانة قصيرة الأجل، التي يسهل عادة شراؤها وبيعها. تقدم السندات أفضل العوائد منذ أعوام بسبب حملة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المتشددة لرفع أسعار الفائدة.
في حين أنه من غير المتوقع أن تتخلف الولايات المتحدة عن الوفاء بالتزاماتها، فإن الجمود الذي طال أمده في واشنطن بشأن رفع حد الاقتراض الفيدرالي قد يوجد صعوبات في شراء هذا الدين قصير الأجل وبيعه، ما قد يؤدي إلى بعض الخسائر تتكبدها لصناديق الأموال. البديل لشراء أذون الخزانة -تخزين النقد لليلة واحدة مع الفيدرالي- يمكن أن يضاعف الضغوط في النظام المصرفي.
قال ستيف سوسنيك، كبير الاستراتيجيين في شركة إنترآكتف بروكرز المالية: "يجب أن يكون سقف الديون أمرا تقلق صناعة صناديق سوق المال حياله". أضاف: "مع أني لا أعتقد أن الولايات المتحدة ستعجز عن سداد ديونها، إلا أن أزمة سيولة قد تحدث هناك".
تصاعدت المخاوف إزاء حدوث أزمة سقف ديون هذا الشهر مع حلول الموعد النهائي للضرائب الأمريكية هذا الأسبوع. ستساعد الإيرادات المحصلة هذا العام في تحديد المدة التي يمكن للولايات المتحدة سداد فواتيرها قبل نفاد الأموال، حيث فشل الكونجرس المنقسم في كانون الثاني (يناير) في رفع حد الاقتراض الحكومي.
يتوقع المستثمرون أن الخلاف سيستمر حتى آخر لحظة، حيث يبدو احتمال تسوية الجمود بين البيت الأبيض والحزب الجمهوري قبل أن يصبح خطر التخلف عن السداد محدقا أواخر الصيف مستبعدا.
قد يكون النقاش حول سقف الديون "قضية كبيرة" خاصة لصناديق سوق المال الحكومية، وفقا لأندريه سكيبا، رئيس الدخل الثابت في شركة بلوباي الولايات المتحدة في بي سي جلوبال أسيت مانجمنت.
"يمكنك بسهولة أن تتصور سيناريو إذا استنفدت قدرة الحكومة الأمريكية على الاقتراض في خضم هذه الأزمة، فإن ذلك يحدث تقلبات كثيرة لصناديق سوق المال - يمكن أن يزيد من طلبات السحب، ويمكن أن يحدث جلبة كبيرة حول هذه القضية".
لا يوجد إجماع حتى الآن على اللحظة المحددة التي ستنفد فيها أموال الحكومة. من شأن تحصيل الضرائب التي تبلغ 300 مليار دولار أو أقل في نيسان (أبريل) أن يقرب الموعد النهائي لسقف الديون في حزيران (يونيو) أو تموز (يوليو)، وفقا لبرافين كوراباتي، كبير استراتيجيي أسعار الفائدة في جولدمان ساكس "في وقت أبكر مما اعتقده كثير من الناس إلى حد ما"، مضيفا أن معظمهم يتوقعون تحصيلات أكبر.
بدأ المستثمرون بالفعل في تجنب الأذونات التي تستحق في أواخر تموز (يوليو) وأوائل آب (أغسطس) – قريبا من الوقت الذي يعتقد فيه الخبراء عموما أن أموال الولايات المتحدة ربما تنفد. قوبل مزاد لأذون الخزانة لأجل ثلاثة أشهر هذا الأسبوع بطلب ضعيف.
إن امتلاك هذه الأوراق المالية الأقل جاذبية لا يمثل مشكلة إذا احتفظت بها الصناديق حتى تاريخ استحقاقها، شريطة أن يتم تسوية خلاف سقف الديون في الوقت المناسب حتى تتمكن الولايات المتحدة من سداد ديونها. لكن المشكلات تنشأ إذا سحب العملاء الأموال من هذه الصناديق -إما لأسباب تجارية عادية، وإما بسبب الذعر بشأن سقف الديون. في هذه الحالة، ربما تواجه صناديق الأموال صعوبة في العثور على مشترين للأوراق المالية وتضطر إلى تحمل الخسائر.
وبافتراض "نقطة العجز" للحكومة لسداد التزاماتها بين تموز (يوليو) وآب (أغسطس)، قال سكيبا، "ستتأكد فقط من أنك لا تملك أذون الخزانة المستحقة قرابة تلك الأشهر ضمن محفظتك".
أضاف: "إذا نظرت إلى الأمثلة في الماضي، سندات الخزانة التي كانت تستحق في وقت قريب من سقف الديون هي التي أظهرت أكبر التقلبات".
زيادة السيولة النقدية في صناديق سوق المال تعني أيضا أن هذه الصناديق زادت من استخدامها لبرنامج الاحتياطي الفيدرالي الذي يسمح لها باستثمار النقد في البنك المركزي في الليلة الواحدة مقابل عائد 4.8 في المائة. هناك نقص نسبي في أذون الخزانة في الوقت الحالي، لذلك خبأت صناديق الأموال بعض تدفقات النقد الواردة من أجل إعادة الشراء المعاكس "الريبو العكسي" لليلة الواحدة، التي تصل حاليا إلى ما يقارب 2.3 تريليون دولار في اليوم.
إذا أدت المخاوف بشأن سقف الديون إلى تقليل عدد أذون الخزانة، التي ترغب الصناديق المالية في شرائها، فقد يدفع مزيدا من الأموال إلى الريبو العكسي. وقد حذر بعض الخبراء من أن الحجم المتضخم للريبو العكسي قد يضاعف الضغوط المصرفية.
قال كوراباتي: "بمجرد رفع سقف الديون، سترى وزارة الخزانة تصدير طن من الأذونات. ستتمكن صناديق الأموال بعدها من شراء هذه الأذونات، وألا ترسل أموالا كثيرة إلى الريبو العكسي، بالتالي سيقدم هذا في الواقع بعض الإعانة في الاتجاه الآخر".

الأكثر قراءة