أزمة البنوك قصيرة لكن دروسها خالدة

أزمة البنوك قصيرة لكن دروسها خالدة

هل تريد معرفة الأخبار الجيدة أم السيئة؟ لحسن الحظ، إن الأمر سيان في كلتا الحالتين، بعد مرور شهر، يبدو أن الأزمات المصرفية القصيرة والحادة على جانبي المحيط الأطلسي قد تلاشت دون التسبب في كارثة واضحة. "حتى الآن".
لا يوجد مستثمر عاقل يريد أن يرى تكرارا لأزمة 2008، وقد ذكرنا صندوق النقد الدولي بأنه حتى الجزء الضئيل من هذا الاحتمال هو أمر يبقي مسؤوليه مستيقظين في الليل.
أشار تقرير "الاستقرار المالي العالمي" الدوري لصندوق النقد إلى أن المخاطر المالية "زادت بسرعة" منذ التحديث السابق في تشرين الأول (أكتوبر). قال توبياس أدريان، مدير قسم الأسواق النقدية والرأسمالية في الصندوق، لـ"فاينانشيال تايمز"، "إن هذه المخاطر أصبحت الآن حادة"، وحذر قائلا "يختبر النظام المالي من خلال الضغوط التي يسببها تشديد السياسة النقدية (...) الخطر في المستقبل هو أن الوضع يمكن أن يوجد مزيدا من الضغوط على النظام المالي".
هذه أمور واقعية. حتى دون مزيد من الانهيارات التي يمكن إضافتها إلى القائمة، بعد "سيلفرجيت بنك" و"سيليكون فالي بنك" و"سيجنيتشر بنك" في الولايات المتحدة، كذلك "كريدي سويس" في أوروبا، يشعر مديرو الأصول بالقلق بشأن تأثير ذلك كله في النمو الاقتصادي. لا يتطلب الأمر عبقريا لمعرفة أنه من المحتمل أن تزيد البنوك التشديد على الإقراض التجاري وإقراض الأسر، ما قد يؤدي إلى عواقب تنذر بالخطر.
تشير المعاملة السلبية لبعض حاملي سندات "كريدي سويس" أيضا إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض للبنوك، الذي من المحتمل -على الهوامش على الأقل- أن يقيد الانتعاش الاقتصادي في القارة. العقارات التجارية المعتمدة على البنوك في موقف صعب في كلتا المنطقتين.
مع ذلك، تعافت الأسواق بشكل جيد للغاية من صدمات أوائل آذار (مارس). تولى المنظمون السيطرة على "سيليكون فالي بنك" في العاشر من مارس. منذ ذلك الحين، ارتفع مؤشر إس آند بي 500 نحو 7 في المائة، متقدما على الأسهم العالمية بقليل ويعوض بشكل أكثر عمليات البيع بسعر منخفض قبل انهيار "سيليكون فالي بنك" مباشرة. الهدوء الذي يسبق العاصفة؟ ربما. نتذكر جميعا أن أزمة 2008 لم تحدث في يوم واحد، لقد كانت مأساة في عدة أفعال. لكن يبدو من المعقول أن نستنتج أن سلسلة إخفاقات البنوك قد مرت دون أن تتحول إلى شيء أسوأ.
قال ديفيد زيرفوس، كبير استراتيجيي السوق في جيفريز، في مذكرة للعملاء "إنه كان دائما متفائلا بشأن المخاطر الناشئة عن تلك الفترة في أوائل مارس، على الرغم من بعض اللحظات المثيرة للتوتر عندما انهارت تقلبات سوق السندات". ويشعر الآن بأنه تم إثبات صحة كلامه. "حتى الآن، يبدو أنه لا يوجد شيء منهجي يحدث"، كما قال. "لذلك سألتزم بتقييمي الأولي، قد يكون الطريق وعرا، لكن هذه ليست معركة فاصلة".
إذن كيف يمكن أن تكون هذه الأخبار سيئة، لمستثمري الأسهم على الأقل؟ بانو باويجا، استراتيجي في "يو بي إس"، موجود هنا لإفساد الفرحة. يشير إلى أن السبب الرئيس وراء انتعاش الأسهم بشكل صحي من صدمة انهيارات كثير من البنوك هو على وجه التحديد أنه في ذلك الوقت استجابت أسواق السندات بمثل هذا الرعب.
جزئيا بسبب رغبة المستثمرين في العثور على الأمان، وجزئيا لأن بعض المستثمرين كانوا يقولون إن أسعار الفائدة ستتوقف وربما تنخفض بسرعة لتخفيف وطأة إخفاقات البنوك، ارتفعت أسعار سندات الحكومة الأمريكية بشدة، ما أدى إلى انخفاض العائدات.
كتب باويجا وزملاؤه في مذكرة الأسبوع الماضي، "ثبت أن الضغوط المصرفية كافية لتهدئة القلق الأكبر في السوق، ارتفاع أسعار الفائدة". انخفضت عائدات ديون الحكومة الأمريكية لأجل عامين -أقوى انعكاس لتوقعات أسعار الفائدة- أكثر من نقطة مئوية كاملة منذ أوائل مارس، وتشير مقاييس السوق الأخرى إلى أن المستثمرين يتوقعون ما يصل إلى نقطة مئوية كاملة أخرى خلال العام المقبل.
يبدو هذا بشكل متزايد كأنه رد فعل مبالغ فيه، ويعتقد كثير من المستثمرين أنه قد تم تضخيمه بسبب المستويات العالية غير المعتادة من المضاربات من صناديق التحوط وغيرها من الحسابات التي كانت تراهن على الديون قصيرة الأجل.
يشير باويجا إلى أنه "يبدو من المعقول أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة، إلى أن نرى أن البطالة أقل بكثير وأن التضخم أعلى بكثير مما كان عليه في أوقات أخرى عندما فعل واضعو أسعار الفائدة العكس".
النتيجة هي أن أي دفعة للأسهم جاءت كرد فعل تلقائي على عوائد السندات المنخفضة في العلاقة المتأرجحة المجربة والمختبرة لفئتي الأصول، من المحتمل أن تفشل. "مساعدة الدخل الثابت تنفد من الأسهم، ونعتقد أن الوقت قد حان مرة أخرى للنظر في شراء الحماية من الهبوط"، كما قال.
كل هذا يؤكد شيئا يعرفه مديرو الصناديق، لكنهم يعانون غالبا لأخذه في الحسبان، لقد تغيرت اللعبة.
قالت كارين وارد، كبيرة الاستراتيجيين العالميين لأوروبا في "جيه بي مورجان أسيت مانجمنت"، "قد ينخفض التضخم، لكن عصر التضخم شديد الانخفاض قد أصبح خلفنا". يقيد هذا أيدي المصرفيين المركزيين ويجعل من المستحيل عليهم في الأساس خفض أسعار الفائدة للخروج من مناطق المشكلات، حتى لو أرادوا ذلك.
"لا أعتقد أننا سنعود إلى عالم التضخم المنخفض الذي شهدناه في الماضي"، كما قالت وارد. "من المهم حقا بالنسبة إلينا كمستثمرين أن ندرك ذلك". إذا انهارت الأسهم من هنا، فإن هذه الحقبة بأكملها ستذكر في الكتب الدراسية كمثال آخر على عملية قبول هذا الواقع الجديد المؤلمة أحيانا.

الأكثر قراءة