لماذا لا يزال الاقتصاد مجالا نخبويا؟
لا يوجد نقص في الرجال ذوي البشرات البيضاء في الاقتصاد. إن ذلك يتضح بما فيه الكفاية عند إلقاء نظرة على قائمة الفائزين بجائزة نوبل التذكارية في هذا المجال المليئة بأسماء الرجال ذوي البشرات البيضاء. توجد بعض الاستثناءات: فاز الباحث الكاريبي السيد آرثر لويس في 1979. وفازت أول امرأة بالجائزة، إيلينور أوستروم، في 2009، وقت متأخر بشكل مذهل. الفائزون الآخرون من النساء وذوي البشرات السوداء قليلون وفترات فوزهم متباعدة.
حتى الآن، بعيدا عن أوج مرحلة من المهنة، نادرا ما تكون الأمور أكثر تشجيعا. لا يزال الاقتصاد الأكاديمي يبدو بيئة غير جاذبة للنساء. لقد كتبت من قبل عن حقيقة أنه بينما هناك أعداد كبيرة من الطالبات اللاتي يدرسن الآن مواد يدرسها الرجال بصورة نمطية مثل العلوم والرياضيات، فإن الاقتصاد لم ينجح في تحقيق التقدم نفسه.
تشكل النساء 56 في المائة من عدد الطلاب الجامعيين المقيمين في المملكة المتحدة، لكنهن لا يشكلن سوى 32 في المائة من طلاب الاقتصاد. انخفضت النسبة قليلا، بدلا من أن ترتفع في الأعوام الأخيرة.
يوجد مزيد من الأمور التي تتعلق بالتنوع غير العرق والجنس. خذ في الحسبان الطبقة الاجتماعية. لم تكن الطبقة الاجتماعية من الأمور التي استكشفها الذين يحللون مهنة الاقتصاد كثيرا. يعود سبب ذلك جزئيا إلى أنه قد يبدو غير قابل للوصف بعض الشيء وجزئيا لأن البيانات الموجودة ليست متاحة مجانا لمعظم الباحثين.
لكن، يفتح تقرير جديد من "رويال إيكونوميك سوسايتي" آفاقا جديدة بشأن هذا السؤال. "بصراحة تامة: عملت في مجلس رويال إيكونوميك سوسايتي، المجموعة التي تشرف على نشاطات المجتمع". يستكشف التقرير الخلفية الاجتماعية الاقتصادية للطلاب المقيمين في المملكة المتحدة الذين يدرسون الاقتصاد في مرحلة البكالوريوس، وكانت نتائجه مثيرة للقلق.
ببساطة، معظم الأشخاص الذين يمثلون نسبا قليلة في عدد الطلاب الجامعيين ككل يمثلون نسبا أقل في مقررات الاقتصاد.
وبينما توجد طرق كثيرة لقياس الطبقة الاجتماعية، مهما كانت البيانات مقسمة، يظهر النمط نفسه: يعود طلاب الاقتصاد إلى خلفيات اجتماعية واقتصادية أكثر تفضيلا بشكل مفرط.
ضع في الحسبان، مثلا، الطلاب الذين يرجعون إلى مناطق لا يأتي منها كثير من الطلاب: 12.2 في المائة من الطلاب الجامعيين المقيمين في المملكة المتحدة يأتون من هذه المناطق، لكن 5.2 في المائة فقط يدرسون الاقتصاد. درس نحو 8 في المائة من الطلاب المقيمين في المملكة المتحدة في مدارس خاصة، لكن النسبة تقارب 20 في المائة بالنسبة إلى طلاب الاقتصاد. درس أحد والدي نحو 44 في المائة من الطلاب على الأقل الجامعة، لكن النسبة لطلاب الاقتصاد هي 55 في المائة. يمثل أبناء الإداريين أو المهنيين نسبة كبيرة جدا ضمن مقررات الاقتصاد.
ماذا عن العرق؟ "التمثيل العرقي في الاقتصاد ليس سيئا في الحقيقة"، كما قالت ستيفانيا باريديس فونتيس، المؤلفة الرئيسة للتقرير. في الواقع، الطلاب من العروق الآسيوية والإفريقية السوداء يشكلون نسب أفضل ضمن مقررات الاقتصاد من مقررات الدرجات العلمية الأخرى ويتناسب ذلك مع وزنهم في عدد السكان البريطانيين ككل.
لكن الصورة الأوسع غير مشجعة. بينما من المرجح أكثر أن يدخل أي شخص صغير في العمر الجامعة إذا كان من عائلة غنية ولها تاريخ في التعليم العالي، فإن هذا ينطبق بشكل خاص على الذين يختارون دراسة الاقتصاد. يندر وجود طلاب في الاقتصاد من خلفيات فقيرة.
لماذا؟ التفسير عملي إلى حد كبير: يميل علم الاقتصاد إلى أن يدرس في جامعات انتقائية وعريقة. غالبا لا يدرس على الإطلاق في الجامعات الأحدث. يدرس عدد قليل جدا من مقررات الاقتصاد بدوام جزئي. كما تدرس مقررات الاقتصاد بشكل مفرط في جامعات في لندن أو بالقرب منها. الطلاب من المناطق البعيدة الذين يأملون في دراسة الاقتصاد في جامعة محلية ستكون لديهم خيارات قليلة. باختصار، جميع العوامل التي تجعل الوصول إلى التعليم الجامعي صعبا بالنسبة إلى بعض الناس تنطبق على الاقتصاد بقوة أكبر.
يبدأ تقرير رويال إيكونوميك سوسايتي بالعبارة التالية "يمكن اعتبار الاقتصاد تخصصا نخبويا". لم يكن القصد من ذلك المديح، لكن بعض الاقتصاديين قد يهزون رؤوسهم موافقة على ذلك. من الرائع أن تشعر بأنك جزء من مجموعة استثنائية في النهاية. لكن هذا خطأ. لا يمكن أن يكون كل طالب مثل جون ماينارد كينز. لا يمكن أن تكون كل جامعة مثل كامبريدج. إذا تقبلنا أن هناك دورا للجامعات الأقل صرامة، فلن يكون هناك شيء في الاقتصاد يجعله أفضل من أن يكون في هذه الأماكن.
يمكن للاقتصاد أن يفعل مزيدا كي يصبح جذابا للجميع، وتنخرط المهنة في بعض عمليات البحث عن الذات حول ثقافتها ومحتواها. يجب أن تكون ثقافة الاقتصاد الأكاديمي أكثر شمولا، حيث كان محتوى مقررات الاقتصاد "عن حق" يتحول بعيدا عن التجريد نحو مشكلات العالم الحقيقي، التي يهتم بها الطلاب المحتملون.
هذه ليست مشكلة يواجهها الاقتصاد وحده. الصورة العامة التي تظهر من تقرير "رويال إيكونوميك سوسايتي" هي صورة عدم المساواة التعليمية المخزية. إذا لم يتمكن طلاب المملكة المتحدة من خلفيات فقيرة من الالتحاق بالجامعة، وعلى وجه الخصوص لم يصلوا إلى أفضل الجامعات، فإننا جميعا نتراجع نتيجة لذلك. إن التباينات في مقررات الاقتصاد تمثل ببساطة المشكلة الأوسع في أكثر أشكالها تركيزا.
لكن هناك مأساة مزدوجة تتمثل في أنه في الاقتصاد، وليس بعض المجالات الأخرى، تظهر بشكل صارخ التفاوتات التعليمية. أولا، يميل طلاب الاقتصاد إلى الحصول على وظائف جيدة الأجر. تقول باريديس فونتيس "إن المجال الاقتصادي رائع في زيادة الحراك الاجتماعي". إنها فضيحة أن يفوت كثير من الشباب الأفقر تلك الفرصة. ثانيا، يتمتع الاقتصاديون بقدر كبير من الأهمية في صنع السياسات.
إذا كان الشباب الذين نشأوا في بيئات أكثر تهميشا يمثلون نسبا أفضل في الاقتصاد، فسيمثلون نسبا أفضل أيضا في أروقة السلطة. لكنهم ليسوا كذلك. ولست بحاجة إلى شهادة في الاقتصاد لفهم عواقب ذلك.