الاهتزازات المصرفية تخلف انكماشا ائتمانيا

الاهتزازات المصرفية تخلف انكماشا ائتمانيا

لنبدأ بالخبر السار. لقد تم تجاوز نذر الأزمة التي حدثت بسرعة البرق وأشاعت الذعر والفوضى في النظام المصرفي في الولايات المتحدة، أو ما يشير إليه الاقتصاديون بشكل واسع بالعدوى المالية.
لكن من السابق لأوانه أن يعلن صانعو السياسات أن المهمة قد أنجزت. بدلا من ذلك، أصبح الضوء الأحمر أصفر وامضا بسبب العدوى الاقتصادية بطيئة الحركة التي لا تعمل قناة انتقالها الرئيسة، وهي تقديم الائتمان للاقتصاد، على زيادة مخاطر الركود وحسب، لكن أيضا زيادة خطر التضخم المصحوب بالركود.
ضعف إدارة المخاطر وعدم كفاية تنويع الأعمال كانا السبب الأساس لإخفاقات البنوك. كانت البنوك مكشوفة ليراها الجميع من خلال عاملين اثنين: الأول، إساءة التعامل مع دورة أسعار الفائدة التي جعلت الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يبدأ برفع أسعار الفائدة بعد فوات الأوان، ثم يضطر إلى دفعة من زيادات الفائدة شديدة التركيز. العامل الآخر، الثغرات في الإشراف والتنظيم، كما أشار مايكل بار نائب رئيس الاحتياطي الفيدرالي المسؤول عن الإشراف أمام الكونجرس في واقعة غير عادية من الصراحة والتواضع من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الحالي.
خطر حدوث هروب عام للودائع من بنوك إقليمية ومحلية مشابهة كان خطرا جوهريا، لا سيما أنه فور إخفاق البنوك الثلاثة: بنك وادي السيليكون وبنك سيجنتشر وبنك سيلفرجيت، وجد بنك رابع فيرست ريبابليك نفسه في وضع هش وغير مستقر. الجمع بين التأمين غير المحدود على الودائع للبنوك الفاشلة والإنقاذ الجزئي للبنوك الكبيرة لمساعدة بنك فيرست ريبابليك ساعد على إيقاف الذعر بشأن الودائع. لقد خفت حدة الصدمة، لكن لم يتم القضاء عليها.
عانت البنوك الصغيرة تدفقات خارجة كبيرة من الودائع إلى نظرائها التي يعدها المودعون أكبر من أن تفشل، وإلى صناديق أسواق المال، وبدرجة أقل، إلى فضاء العملات المشفرة. ومن غير المحتمل أن يتم عكسها بالكامل في أي وقت قريب. بدلا من ذلك، ستجبر المؤسسات التي تقدم القروض الكبرى للشركات صغيرة ومتوسطة الحجم، فضلا عن الرهون العقارية، على التكيف. وبما أن من غير المحتمل أن يتم الإقدام على هذه الأنشطة المصرفية على أي نطاق من قبل المستفيدين من تدفقات الودائع الخارجة، فإن الائتمان على مستوى النظام سينكمش.
ليس هذا هو الدافع الانكماشي الوحيد الذي يواجهه الاقتصاد بسبب الهزات المصرفية. فمن المرجح أن تزداد اللوائح التنظيمية أيضا، وكذلك الإشراف، لا سيما من جانب الاحتياطي الفيدرالي الذي تم ضبطه وهو يرتكب خطأ آخر في السياسة لا يمكن تحمل تبعاته بعد الآن. هناك أيضا ثلاثة اعتبارات أخرى ستجعل النظام المصرفي ككل أكثر حذرا.
أولا، كان من حالات فشل البنوك أن نبهت المستثمرين إلى الخسائر الإجمالية في محافظ النظام "المحتفظ بها حتى تاريخ الاستحقاق" التي تبلغ، اسميا، أكثر من ربع رأس المال. وإذا أجبر النظام المصرفي على تحقيق مثل هذه الخسارة من خلال تدفقات كبيرة للودائع الخارجة، فسينتهي الأمر به مع فجوة خطيرة في رأس المال. يأتي ذلك في وقت تتعرض فيه الأصول الأخرى مثل العقارات التجارية، لبعض الضغوط.
ثانيا، تعد بعض النماذج المصرفية الآن أكثر هشاشة. ففي تناقض صارخ مع الأزمة المالية العالمية عام 2008، ينطبق ذلك على المؤسسات التي تدير نموذجا مصرفيا "ضيقا" لا يحتوي إلا على قليل من عناصر الخدمات المصرفية الاستثمارية، إن وجدت.
أخيرا، ستصبح قدرة البنوك على تمرير تكاليف الاقتراض المرتفعة والرسوم الأكبر لتأمين الودائع محدودة بسبب توافر أكبر للمنتجات البديلة التي تدفع الفوائد.
كل هذا يؤدي إلى نتيجة غير مريحة، هي أننا على أعتاب انكماش ائتماني سيستمر على مدى أرباع عديدة مقبلة، وربما نصل إلى ذروته في نهاية هذا العام أو بداية العام المقبل. إنها ظاهرة لا يمكن للسياسات مواجهتها بسهولة، على عكس العدوى المالية.
استخدام السياسة المالية مقيد بالانقسامات السياسية والقلق أن هذه الأداة قد استخدمت بشكل مفرط أثناء الجائحة وبعدها. يجب أن تظل السياسة النقدية مركزة على الحد من التضخم. في الواقع، بينما تقوم الأسواق بتسعير كل من خفض أسعار الفائدة في حزيران (يونيو) ومستوى نهاية العام الذي يمثل نقطة مئوية كاملة أقل من توجيه السياسة المستقبلية، يشير التعليق الأخير الصادر عن الاحتياطي الفيدرالي إلى أن صانعي السياسة يدركون أن هذا قد يؤدي إلى نتائج عكسية لأنه سيمكن من استمرارية التضخم المرتفع.
النجاح في التعامل مع التهديد المباشر لسحب الودائع من المصارف، رغم الترحيب به، لم يقض على المخاطر التي تشكلها الهزات المصرفية الأمريكية على الاقتصاد ككل. وبدلا من المراهنة على التخفيضات المبكرة لأسعار الفائدة، ينبغي أن تشجع الأسواق الاحتياطي الفيدرالي على إكمال مهمته لخفض التضخم قبل محاولة التعويض عن انكماش الائتمان الذي لن يستمر إلا لبعض الأرباع السنوية. لكن إذا تعذر ذلك، فسنتعامل مع احتمال أكبر للتحدي الأصعب الذي يتمثل في الركود التضخمي.

*رئيس كلية كوينز في جامعة كامبريدج

كابشن:
ضعف إدارة المخاطر وعدم كفاية تنويع الأعمال السبب الأساس لإخفاقات البنوك

الأكثر قراءة