شركات النمو في آسيا تقاوم تباطؤ الاقتصادات الكبرى

شركات النمو في آسيا تقاوم تباطؤ الاقتصادات الكبرى
مقابل كل نقطة مئوية للنمو في الصين، يرتفع الناتج في بقية آسيا نحو 0.3 في المائة.

لا يزال صدى انهيار بنك وادي السيليكون يتردد. فقد تلقت أسهم البنوك أقوى ضربة في أوروبا والولايات المتحدة، لكن في آسيا تشعر الشركات الصغيرة بالتداعيات أكثر من غيرها وهي تكافح بالفعل من أجل التمويل وسط تدن في معنويات المستثمرين.
لكن هناك بعض التفاؤل. من المتوقع أن تكون منطقة آسيا والمحيط الهادئ المنطقة الأسرع نموا في العالم هذا العام، مدعومة بإعادة فتح الصين الذي ينبغي أن يمكنها من تجنب التباطؤ المتوقع في الاقتصادات الكبرى الأخرى. ولا تزال بعض البلدان في المنطقة، مثل كوريا الجنوبية، تحظى بشعبية لدى مستثمري رأس المال المغامر وتستمر في رؤية نمو قوي في أحجام الصفقات.
مع ذلك، يبدو أن عوائد رأس المال المغامر الإجمالية في جميع أنحاء منطقة آسيا والمحيط الهادئ ستظل ضعيفة في الأشهر المقبلة، وهو انعكاس حاد لعوائد سجلت نسبة بلغت 25 في المائة تقريبا في الأعوام الثلاثة حتى عام 2020. كثير من الشركات الخاسرة التي تمتعت بنمو مذهل في عام 2018 -عندما بلغ إنفاق رأس المال المغامر أعلى مستوياته على الإطلاق- تواجه الآن حالة عودة إلى الواقع عبر ظروف تمويل صعبة.
في الأسواق العامة، سجلت التدفقات الأجنبية الخارجة من الأسهم الآسيوية مستوى قياسيا العام الماضي. الآن يتم تداول المؤشرات الرئيسة، بما في ذلك اليابان، بخصم يبلغ نحو الثلث مقابل مؤشر إس آند بي 500 بناء على تقييمات الأرباح الآجلة. ولا تزال الشركات التي تخطط للإدراج في السوق المالية قليلة.
حتى بالنسبة إلى شركات التكنولوجيا التي شهدت طفرة في المبيعات خلال الجائحة -مثل تلك العاملة في التجارة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي- فإن نمو الإيرادات يتباطأ، ومعه تمويل المشاريع.
لكن توجد استثناءات. تقول أنجيلا لاي، كبيرة محللي الأبحاث في شركة بريكين "يظهر المستثمرون تفضيلا متزايدا تجاه الأسواق الناشئة واستثمارات رأس المال المغامر في المراحل المبكرة. تميل فرص الاستثمار في الشركات في مراحلها المبكرة في الأسواق الناشئة في آسيا والهند وجنوب شرق آسيا إلى أن تكون أكثر تنوعا وتتطلب رأسمال أقل، كما أن التقييمات الأولية أقل بالنسبة إلى إمكاناتها".
في جنوب شرق آسيا، احتلت سنغافورة مكانة بارزة بوصفها مركزا للشركات ذات النمو المرتفع. شركة ريكس إنترناشيونال هولدينج، التي تقود التصنيف السنوي الخامس لـ"فاينانشيال تايمز/ستاتيستا" لشركات آسيا والمحيط الهادئ ذات النمو المرتفع، وشركة إن دبليو كوربويشين في المرتبة الثانية، هما جزء من صناعة الطاقة المزدهرة في الدولة المدينة. سجلت شركة ريكس نموا سنويا في الإيرادات المركبة بنسبة 630 في المائة على مدى الأعوام الثلاثة حتى عام 2022، عبر التفرع من أعمال النفط والغاز الأساسية لها إلى البرمجيات، بما في ذلك برامج رسم الخرائط للتنقيب عن النفط.
التكنولوجيا المالية والرعاية الصحية عن بعد كانا أيضا من القطاعات ذات الأداء القوي. حيث تحتل شركة الخدمات الصحية عن بعد، دكتور أنيوير Doctor Anywhere، وشركة مانوفر ماركتينج، للتجارة الإلكترونية للصحة والعافية مكانا بارزا في أعلى القائمة. ساعد ارتفاع معدلات مستخدمي الهاتف المحمول في آسيا وعدد سكانها الكبير من المستهلكين الذين لديهم وصول محدود للخدمات البنكية، أو الذين ليس لديهم حسابات مصرفية، على دفع هذه القطاعات أثناء عمليات الإغلاق.
كان توسع التكنولوجيا المالية ملحوظا بشكل خاص في إندونيسيا، بلد يزيد عدد سكانه على 270 مليون شخص، حيث يتمتع كثير منهم بإمكانية محدودة للوصول إلى الخدمات المصرفية.
هذا الشهر، أكدت جولة تمويل بقيمة 270 مليون دولار للمقرض في مجال التكنولوجيا المالية، بنك كريديفو ـمقره سنغافورةـ الاهتمام المستمر بالقطاع، على الرغم من تشديد شروط التمويل.
يساعد استئناف السفر على تعزيز النشاط أيضا. تعد إندونيسيا والفلبين وتايلاند من بين الأسواق التي عادت إلى مستويات النمو التي كانت سائدة في فترة ما قبل الجائحة. ومع عودة السفر الجوي إلى طبيعته، ينبغي أن تعمل إيرادات السياحة، التي تمثل نحو 10 في المائة من هذه الاقتصادات، على تنشيط الانتعاش. يتوقع صندوق النقد الدولي أن يتسارع النمو في آسيا إلى 4.7 في المائة هذا العام، صعودا من 3.8 في المائة في السابق.
لكن، إلى حد كبير، ستأتي أكبر دفعة تعزيزية للمنطقة من الصين. فبعد إعادة فتح اقتصادها في كانون الأول (ديسمبر)، عادت المصانع إلى الهدير مجددا. وفي شباط (فبراير)، سجلت بعض المؤشرات الاقتصادية أعلى مستوى لها منذ أكثر من عقد.
مقابل كل نقطة مئوية للنمو في الصين، يرتفع الناتج في بقية آسيا نحو 0.3 في المائة، وفقا لصندوق النقد الدولي. يشار إلى أن نحو نصف التجارة في آسيا يتم بين اقتصادات المنطقة.
التوترات الجيوسياسية المتصاعدة بين الصين والولايات المتحدة، إضافة إلى التدقيق التنظيمي المتزايد حول المجموعات الصينية، يوفران فرص نمو للشركات خارج الصين، حيث تتدافع الشركات متعددة الجنسيات لتنويع مورديها وعملياتها.
الشركات التي تمتلك تكنولوجيا ذات ملكية خاصة وطلب محلي قوي على منتجاتها صمدت بشكل جيد. مثلا، سجلت شركة روبوتات القيادة الذاتية في كوريا الجنوبية، تويني، المصنفة 50 في القائمة، نموا سنويا بنسبة 128 في المائة، حيث جاءت معظم مبيعاتها من سوقها المحلية.
يقول تشون يونجسيوك المؤسس والرئيس التنفيذي، "إن روبوتات التقاط الطلبيات من المستودعات الخاصة بشركة تويني يمكن أن تخفض تكاليف العمالة وتساعد في التغلب على نقص العاملين. أدى كوفيد إلى طفرة في الطلب على أتمتة المستودعات والخدمات اللوجستية للتجارة الإلكترونية لدينا"، مضيفا أن "البيئة التنظيمية المواتية ساعدت على تعزيز النمو في سوق سريعة النمو".
لكنه يعترف بأن شركات النمو تواجه الآن مزيدا من التدقيق. فعندما كانت أسعار الفائدة منخفضة وكان قطاع التكنولوجيا مزدهرا، كان المستثمرون قادرين على التغاضي عن ضعف الأوضاع المالية للشركات الناشئة الواعدة. لكن الآن، مع زيادة المنافسة على رأس المال وزيادة تحفظ المستثمرين، يقول تشون "إن الشركات تحتاج إلى سجل مثبت من نمو الإيرادات والربحية لجذب رأس المال".
إنه تحد يشعر أنه قادر على مواجهته، قائلا "لم يكن جمع الأموال صعبا بالنسبة إلينا، نظرا للطلب القوي على منتجاتنا والميزة التنافسية التي نتمتع بها في التكنولوجيا".

الأكثر قراءة