المعروض النفطي يتقلص بوتيرة مفاجئة .. التخفيضات عكست أساسيات السوق بشكل أفضل
تواصلت التأثيرات الإيجابية في السوق النفطية بعد تخفيضات تحالف "أوبك +" مستويات الإنتاج بشكل إضافي بدءا من أيار (مايو) المقبل، فيما تكبح المكاسب المخاوف من الركود والتباطؤ الاقتصادي العالمي، لكن تخفيضات "أوبك +" سمحت لأسعار النفط الخام بأن تعكس أساسيات السوق بشكل أفضل.
ويراقب تجار النفط الخام تقرير مؤشر أسعار المستهلكين لآذار (مارس) عن كثب هذا الأسبوع، إضافة إلى القيام بتحليل تقارير سوق النفط الشهرية لمنظمة "أوبك"، حيث تميل السوق إلى التركيز على قيود العرض.
وقال لـ"الاقتصادية"، محللون نفطيون: إن بداية التداولات الأسبوع الجاري جاءت هادئة بسبب العطلات العامة في الدول الغربية وفي أعقاب ارتفاع الأسعار في الأسبوع الماضي بنحو 7 في المائة.
وتوقع المحللون أن النفط الخام الروسي المخفض الذي تشتريه الهند بكميات كبيرة سيشهد أيضا تسجيل مستوى أسعار أعلى خاصة إذا تجاوز سعر خام برنت مستوى مائة دولار للبرميل، مشيرين إلى أنه بعد إعلان تخفيضات "أوبك +" تجاوز سعر خام الأورال الروسي مستوى 60 دولارا للبرميل الذي حددته مجموعة السبع في إطار العقوبات الغربية على الإمدادات الروسية.
وقال روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، إن أسعار النفط الخام تلقت دفعة إيجابية انتشلتها من تداعيات الأزمة المصرفية الدولية السابقة، ما بث حالة من المعنويات الإيجابية في السوق وتحديدا مع إعلان "أوبك +" عن إجراء تخفيضات إضافية للإنتاج من شأنها رفع إجمالي القيود إلى 3.6 مليون برميل يوميا.
وأوضح أن المعروض النفطي يتقلص بوتيرة سريعة ومفاجئة للأسواق، ما يعزز الأسعار ومثال على ذلك أظهرت بيانات دولية أن إنتاج روسيا النفطي انخفض بمقدار 700 ألف برميل يوميا بدلا من 500 ألف برميل يوميا المعلن عنها في مارس الماضي.
من جانبه، ذكر ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، أن تخفيضات إنتاج تحالف "أوبك +" كانت مفاجأة واسعة للسوق النفطية وفسرها البعض بوجود شكوك واسعة في توقعات الطلب في ضوء الإعلان عن هذه التخفيضات، مبينا أن أغلب التقديرات تميل إلى توقع سوق أكثر إحكاما خلال النصف الثاني من العام الجاري خاصة في ضوء تأخر استئناف شحنات النفط الخام من كردستان.
ورجح أن يكون لمزيد من البيانات الاقتصادية الضعيفة من الولايات المتحدة هذا الأسبوع دور مهم في تكثيف الضغط على الأسعار مثل مؤشر أسعار المستهلكين لمارس المقرر إطلاقه غدا الأربعاء وإذا أظهر ارتفاعا في معدلات التضخم فقد يؤدي إلى انخفاض الأسعار على الرغم من المخاوف المتزايدة بشأن العرض.
من ناحيته، قال ماثيو جونسون المحلل في شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات، أن تؤدي تخفيضات الإنتاج الأخيرة البالغة 1.66 مليون برميل يوميا - التي ينفذها ما يقرب من نصف أعضاء "أوبك +" في الفترة من مايو إلى ديسمبر المقبلين - إلى تشديد المعروض النفطي في السوق في النصف الثاني من العام الجاري، وذلك في أعقاب فترة قامت فيها شركات وبنوك دولية بتخفيض توقعات الأسعار بتأثير من توتر القطاع المصرفي في منتصف مارس الماضي، لكن بدأ الحديث حاليا مجددا عن العودة إلى مستوى مائة دولار لبرميل النفط مرة أخرى.
بدورها، أوضحت مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة "أجركرافت" الدولية، أن تقلص المعروض النفطي بات حقيقة مستقرة في السوق في ضوء خفض إنتاج دول "أوبك +" الذي تزامن أيضا مع استمرار نشاط الحفر في الانخفاض في الولايات المتحدة.
وفيما يخص الأسعار، انخفض النفط أمس بعد تحقيقه مكاسب الأسبوع الماضي للمرة الثالثة على التوالي لقلق المستثمرين من زيادة أسعار الفائدة التي قد تحد من الطلب على النفط، ما أوجد حالة من التوازن بشأن احتمال انتعاش السوق بعد قرار منتجي (أوبك+) خفض الإنتاج.
وارتفع الدولار بعد أن أشارت بيانات الوظائف الأمريكية إلى شح في سوق العمل، ما يعزز التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) سيرفع أسعار الفائدة مرة أخرى.
وبحسب "رويترز"، انخفض خام برنت تسعة سنتات أو 0.1 في المائة إلى 85.03 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس، بينما تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 15 سنتا أو 0.2 في المائة إلى 80.55 دولار للبرميل.
وارتفع الخامان القياسيان الأسبوع الماضي بنحو 7 في المائة بعد أن فاجأت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها، ومن بينهم روسيا، المستثمرين بالإعلان عن مزيد من تخفيضات الإنتاج اعتبارا من أيار (مايو).