المستثمرون التقليديون ودرس الانتقائية

المستثمرون التقليديون ودرس الانتقائية

من الناحية النظرية، هذا هو الوقت المثالي لمنتقي الأسهم.
رفع المد المتصاعد للتسهيل النقدي بعد الأزمة المالية لـ2008 مراكب الجميع. بغض النظر عن الانهيارات التي لا تقل أهمية عن أزمة ديون منطقة اليورو، وفرت الفترة التالية التي امتدت لأكثر من عقد بقليل هبوطا سلسا في عوائد السندات وزيادة 300 في المائة في الأسهم العالمية. ربما لم تكن إدارة الأموال سهلة خلال تلك الفترة، لكن التجربة المرهقة لمديري الصناديق منذ بداية 2022 تعني أنهم يعدونها الآن أنها أفضل الأوقات.
والمحصلة - بالنسبة إلى كثير من مديري الصناديق على الأقل - هي أن عصر الاعتماد على تحولات السوق الواسعة "بيتا في لغة الاستثمار" لبناء محفظة قد ولى. النظام الآن هو في انتقاء الرابحين والخاسرين، والاستثمار بناء على "ألفا" (جني عوائد تتجاوز متوسط أحد المؤشرات المرجعية).
قالت شركة إم آند جي إنفستمنتس، "لا تأمل في بيتا، ركز على ألفا"، مضيفة أن "السوق تكافئ الانتقاء". وقالت إن تشتت العوائد بين الأسهم العالمية - الفارق بين الفائزين والخاسرين - أعلى بكثير من المستويات المتوسطة والقيمة الوسيطة للأعوام العشرة الماضية، حتى داخل القطاعات في الأغلب ما تكون أعلى من الطبيعي.
تشير الأبحاث التي أجراها جولدمان ساكس إلى أن هذا التكتيك ينجح جيدا. قال البنك في مذكرة هذا الأسبوع، "إن فرص ألفا تتحسن منذ الصيف الماضي، خاصة في أوروبا مقارنة بالولايات المتحدة" - في إشارة إلى الدور الضخم لأسهم التكنولوجيا في المؤشرات الأمريكية.
وقال البنك إن ما يسمى بصناديق التحوط ذات مركز الدائن أو البائع التي تراهن على الشركات وضدها تفوقت في أدائها على الصناديق الكلية التي تعتمد على الاتجاهات الاقتصادية الأوسع. إن أهمية اختيار الأسهم المناسبة تزداد أكثر من أهمية اختيار العامل المناسب للتفضيل، كالنمو أو القيمة أو الزخم.
إن أحد الأسباب التي دفعت إلى إعطاء الأولوية للانتقائية هو أن عملية رفع أسعار الفائدة في العام الماضي كانت صعبة، بعبارة ملطفة. بعض الشركات ستعاني.
قال ويليام ديفيز، كبير مسؤولي الاستثمارات في شركة كولومبيا ثريدنيدل إنفسمنتس، "لقد كانت أسعار الفائدة صفرا أو تحت الصفر قبل 15 شهرا وهي الآن 5 في المائة، أي تكلفة إضافية على الشركات أو الأفراد للاقتراض".
"كلما حدث تغيير بهذه السرعة، ستشهد تداعيات. يتعين علينا أن نكون حذرين عندما نستثمر(...) يمكن للشركات مواكبة ذلك"، كما أضاف. الشركات التي لديها مستويات عالية من الديون معرضة للخطر بشكل خاص.
يبحث المستثمرون عن تشتت العوائد ليس فقط داخل الأسواق بل أيضا فيما بينها جغرافيا. ويعتقد مايكل كيلي، المدير العالمي للأصول المتعددة في شركة باين بريدج إنفسمنتس، أن الأسهم الأمريكية، بشكل عام، بدأت للتو في دخول فترة طويلة وبطيئة من الضعف مع سحب الدعم النقدي. "إن مؤشر ستاندرد آند بورز مبالغ فيه للغاية مقارنة ببقية العالم. نحن نفضل الفرص الأفضل في الخارج كالصين وهونج كونج. فقد خرجتا للتو من الركود بينما ندخله. نود أن نذهب إلى حيث تتحسن الأمور، بدلا من التوجه إلى حافة الهاوية"، حسبما قال.
أضاف أن التشتت كلمة لم تكن "جيدة على الإطلاق" في الفترة الطويلة التي كانت البنوك المركزية تشتري فيها السندات في محاولة للحفاظ على التضخم في مستوياته الطبيعية. كان يعني هذا إلى حد كبير انحرافا هبوطيا عن أداء المؤشر الأمريكي الرئيس. لكنه قال إن حيازات البنك المركزي من السندات هذه يتم التخلص منها الآن. أصبحت شركة باين بريدج أكثر حماسا تجاه الأسواق الناشئة، وأكثر تشاؤما تجاه الولايات المتحدة مما كانت عليه منذ أزمة 2008 على الأقل.
تكمن المشكلة هنا في أن انتقاء الأسهم أو السندات أو حتى القطاعات الفائزة محفوف بمخاطر المراهنة على الحصان الخطأ من حيث التركز المفرط والمقارنة المعيارية التي تنطوي على مشكلات. هذا أمر جيد بالنسبة إلى صناديق التحوط التي يتم الدفع لها لإيجاد ميزة تنافسية والمخاطرة، لكنه ليس جيدا لمديري الصناديق التقليديين الذين يحاولون الحفاظ على أموال الآخرين.
قد يكون جولدمان ساكس متفائلا بشأن إمكانات منتقي الأسهم، لكن حتى هذا التفاؤل يأتي مع كلمة "لكن". قال البنك إن تفشي الاضطرابات في القطاعات المصرفية في كل من الولايات المتحدة وأوروبا أعاد بسرعة تأكيد هيمنة العوامل الكلية في الأسواق المالية، خصوصا في قطاعات من ضمنها البنوك والتأمين والبناء والطاقة - وهو تذكير بأنه حتى أفضل منتقي الأسهم يمكنهم أن يكونوا على خطأ في الصدمات.
بالنسبة إلى البعض، فإن هذا كله مجرد مجهود كبير مقابل مردود ضئيل. "هناك حجة مفادها أن انتقاء الأسهم يجب أن ينجح عندما تكون السوق في حالة اضطراب. إنني لا أعتقد أن هناك كثيرا من الأدلة التي تدعم ذلك". كما قال ممدوح مدحت، باحث كبير ونائب رئيس مجلس إدارة شركة دايمنشينال فند أدفايزرز.
إن الاعتماد على الأسهم التي تدفع أرباحا عالية، مثلا، يمكن أن يكون جذابا لأولئك الذين يبحثون عن عوائد مستقرة، لكن قد يكون من الصعب أيضا قياس أداء هذا النهج، حيث تميل هذه الشركات إلى أن تكون قوية في أوقات الاضطراب.
في المقابل، يتمسك مدحت باستراتيجيته المعتادة، نوع محفظتك، ولا تحاول أن توقت السوق وضع ثقتك في أسعار الأصول الواسعة لتجنب الصدمات.
وقال، "تقبل عدم اليقين. إذا كان من غير المرضي أن تعد في نفسك مسافرا، فعد نفسك مسافرا في معظم آليات المعالجة ذات التكنولوجيا العالية التي شهدناها طيلة حياتنا. إنه ليس حصانا أو عربة، إنه قطار فاره فائق السرعة". ربما يكون في هذا راحة لأولئك الذين يجدون صعوبة في الانتقائية.

الأكثر قراءة