رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


شهر الحرية

يخطئ من يعتقد أن رمضان شهر الأكل والموائد المتنوعة والسهر والسمر والمسلسلات، لأن واقعه الذي جربه كثيرون وكتب عن فوائده وفضائله وطرائقه المفكرون، مثل: الجاحظ، الصاحب ابن عباد، ابن الرومي، أبو العتاهية، عباس محمود العقاد، أحمد أمين، الجواهري، طه حسين، ونجيب محفوظ وغيرهم كثير، تناولوا أحوالهم وأحوال الناس في رمضان من العزلة والتفرغ للعبادة إلى الانغماس في القراءة وصولا إلى المبالغة في السهرات والخيم الرمضانية والتسوق.
وأنت عندما تتفكر في رمضان واختلافه عن باقي الشهور، تجد اختلافا واحدا بارزا جعل كل دقيقة في هذا الشهر تختلف عن غيره من الأشهر، إنها التوقف عن الأكل والشرب فقط، فماذا فعل هذا التوقف بنا؟.
إذا تأملنا في حال البشر منذ الخليقة، نجد أن البطن هو أساس المشكلات ونقطة ضعف الإنسان التي عرفها إبليس قبل أن يكتمل خلق أبينا آدم -عليه السلام- لأنه من المعلوم أن الجن خلقوا قبل الإنس بأعوام طويلة وسكنوا الأرض حتى نفاهم الله في أعالي البحار، ومن هنا بدأ حسد إبليس، فدرس آدم وعرف أن فراغ جوفه أو بطنه مكمن ضعفه، فجاء وقال: "لئن سلطت على هذا لأهلكنه"- و البطن هو مكمن الشرور ومحركها، فالإنسان إذا شبع فجر، وإذا جاع كفر، ومن أجل لقمة العيش قد يكذب ويسرق وينافق ويفعل كل شيء، ومن هنا جعل الله مكان البطن في الوسط لكي لا يكون لديه إفراط ولا تفريط، والعقل احتل أعلى نقطة في الخلق، واستغل إبليس نقطة الضعف لدى البشر وحبه للخلد فدله على الشجرة فأكل منها، فماذا حدث له؟ نزع عنه لباس الجنة وأخرجه منها.
لذا حين يتخلص الإنسان من الملذات بسبب الصيام ومنها الأكل والشرب يصفو عقله وتسمو روحه ويصبح حرا من كل ما يمكن تسميته الاستعبادات اليومية -إن صح التعبير- كالجوع، والعطش، والرغبة في التدخين والشوق إلى كوب قهوة أو فنجان شاي.
رمضان يمنحك نوعا فريدا من الحرية الروحية والجسدية التي تطلق طاقاتك لتتأمل نفسك وما حولك بكل شفافية.
قدرة الصائم علـى ترك الملذات وانعتاقه من كل سلطة تحكم جسده ورغباته وشعوره بالجوع والعطش الذي يعانيه الفقراء يطهر نفسه ويجعله أكثر عطاء وتحررا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي